بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 أغسطس 2016

الانفعالات... والمشاعر


يدرك الإنسان الوسط الذي يتحرك فيه بواسطة الحواس، ولكن هناك أيضاً "الانفعالات" التي يخبرها الإنسان بأصولها الفيزيولوجية والنفسية المعقدة والمعبرة عن حالة نفس الإنسان عندما يتفاعل مع التأثيرات البيولوجية والكيمائية الداخلية وتأثيرات الوسط المحيط به خارجياً. من بين الانفعالات المعروفة جداً: الخوف والغضب والفرح والحزن. وتتضمن الانفعالات رد فعل فيزيولوجي وتعبيري ووعياً بذلك كله، وهو أحياناً رد فعل يظهر فجأة وقد يزول بعد فترة قصيرة، كحال الخوف نتيجة سماع صوت قوي الذي قد يتلاشى بمجرد معرفتنا سبب الصوت ومصدره. وترتبط شدة الانفعالات بالمزاج والطبع والشخصية والاستعداد والحافز. ومن الضروري التفريق بين الانفعالات والسلوك الانفعالي. فلكل شخص سلوكه الانفعالي الذي تحدده حالته الانفعالية، الذي يكون عادة بين المقاومة والهرب والخضوع.

تنسب أول الدراسات المعروفة عن الانفعالات لديكارت الذي حددها بستة انفعالات هي: الإعجاب والحب والبغض والرغبة والفرح والحزن. وأن غير ذلك من الانفعالات هو مزيج من هذه. وفي الواقع فإن الانفعال هو رد فعل نفسي وفيزيائي على حالة ما. يأخذ في البداية صبغة داخلية تؤدي إلى تعبير خارجي، وهو غير الإحساس الذي يكون نتيجة فيزيائية مباشرة لأمر فيزيائي مثل الحرارة أو الضوء. والانفعال أمر مختلف عن الشعور الذي لا يترافق مع رد فعل خارجي ويبقى حبيس النفس، وهو نتيجة أسباب داخلية وخارجية أيضاً تتخذ مكانها شيئاً فشيئاً لدى الإنسان. والشعور قد يدوم طويلاً ولا يأتي فجأة. مثل الشعور بالضيق أو الضجر أو الشعور بالراحة أو الإنهاك.

دوائر شدة الانفعالات وتأثيرها المتبادل
درست الانفعالات بإسهاب في القرن العشرين، ومن بين أهم دارسيها الأمريكي روبرت بلوتشيك، الذي حددها بثمانية انفعالات أساسية هي: الفرح والخوف والنفور والغضب والحزن والاستعجاب والثقة والاستباق. وأن وظائف هذه الانفعالات هي الحماية والتدمير والتكاثر والتكامل والتشارك والرفض والسبر والتوجيه. وأن لكل منها نقيضه: الفرح والحزن، الخوف والغضب، النفور والثقة، الاستعجاب والاستباق. ووضع نموذجاً للانفعالات على شكل دوائر، تحدد فيها شدة الانفعالات وتدرجها وتداخلها لتشكيل انفعالات جديدة. فهو يقول مثلاً إن انفعالي الخوف والاستعجاب ينجم عنهما الخشية، وأن الخوف والحزن ينجم عنهما اليأس، وأن الخوف والنفور ينجم عنهما الخزي.

ومن بين من درس الانفعالات في عهد قريب عالم الدماغ الأمريكي البرتغالي أنطونيو دامازيو، الذي بحث في مواقع الدماغ المتخصصة بالانفعالات، وهو يؤكد على نقطة هامة للغاية هي أن الانفعالات هي الأصل في بقاء الإنسان على قيد الحياة. فمن دون الخوف وتداعياته لكان الإنسان في خبر كان، فلولا الخوف لما بحث الإنسان عن حماية نفسه من الأخطار. ولولاالحب لما كان للكائن الحي أن يتخطى أول تكوين وقتل بوحدته.
ببقي أن نقول إن تأثُّر الإنسان بهذه الانفعالات هو تأثر مبرمج في رد الفعل وكذلك في التعابير التي تنبثق عنها، باختلاف في الدرجات من شخص إلى آخر، فللفرح تعابيره المبرمجة وكذلك للحزن والخوف والغضب التي تكرر نفسها في كل مرة وإن كان باختلاف في الشدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق