بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 أبريل 2024

المبدأ والقيمة والفضيلة


القيمة: للإشارة لما "له قيمة" ويستحق التقدير. وبمعنى مواز أصبحت الكلمة مرادفة للسعر الذي نعطيه لشيء ما أو لشخص ما على أساس التقدير والأهمية القائمة على مجموعة من المقارنات. تصبح القيمة هي الطابع القابل للقياس لما يمكن تبادله أو يُرغب فيه.

اكتسبت الكلمة أيضاً معنى مطلقًا: لم تعد قيمة شيء ما، بل "قيمة". القيمة هي ما يعمل كمقياس، وما يسمح للمرء بـ "التقييم"، ما هو بمثابة معيار تقييم للأحكام، لسلوك الحياة. وهي في أقوى معانيها المعيار المثالي الذي نربط به الحياة، وهو ما يستحق الحياة أو الموت من أجل تحقيقه مثل: الشرف، والحرية، والعدالة، وما إلى ذلك.

وفي معنى مشابه، وإن كان أقل قوة، يجري استخدامه عند الحديث عن القيم المهنية (على سبيل المثال “قيم الرعاية” في مجال الرعاية الصحية). يتعلق الأمر بما نعتبره مهماً جداً في المهنة، وما نربطه بالسلوك والفعل من أجل تقييمهما. وعند الحديث عن قيم مؤسسة فإنما نتحدث عن بُعدها الأخلاقي التي تجعل منتجاتها مرغوبة. وكذلك الأمر في الأنظمة السياسية.


المبدأ/المبادئ: هو حقيقة أو افتراض أساسي يعمل كأساس لنظام المعتقدات أو السلوك أو سلسلة من التفكير. وهو دليل للسلوك أو التقييم. وهو في القانون قاعدة يجب اتباعها عادة. وهو أولي أساسي يتحكم في مجموعة من القضايا المشتقة، فالنظرية تقوم على المبادئ، وهو ما نبني عليه أنفسنا للحكم أو التصرف. وهكذا فإننا نتحدث عن مبادئ المعرفة، ولكن أيضاً عن مبادئ العمل أو المبادئ الأخلاقية. وهو موجود في مجالات مختلفة، يختلف باختلافها. ففي الفيزياء (الانحفاظ)، وفي القانون والحقوق (العدالة)، وفي السياسة (فصل الدين عن الدولة)، وفي البيولوجيا (الوراثة)، وغير ذلك. وهو مصطلح يشير إلى حكم القواعد والنواظم، يعتبر غيابه حكم/أحكام بلا مبدأ. ويمكن استخدامه أيضاً للإشارة إلى أن الواقع قد انحرف عن بعض المثل العليا أو النواظم، كما في قولنا إن شيئاً ما صحيح "من حيث المبدأ" فقط ولكن كذلك ليس في الواقع.


الفضيلة: هي الميل إلى التصرف باتساق مع المبادئ و/أو القيم. وبالتالي، فهي طريقة في التصرف تتوافق مع العادة، ولا يهم إذا كانت هذه عادة آتية من ميل طبيعي (فطري) أو بقوة التكرار الطوعي (مكتسب). ومع ذلك، يمكننا أن نتصور أنه إذا ولد جميع الناس بسمات مميزة لهذه الفضيلة أو تلك، فهي دائماً ما تكون في حالة أولية (فضيلة كامنة)، وأن التعليم هو المسؤول عن تعزيز هذه السمات (الفضيلة الفاعلة). وبالتالي، فإن الإمكانية يمكن ألا تتحقق. ومن هنا جاءت فكرة أن الفضيلة يجب "تنميتها". من أهمها أربع فضائل "أساسية" اتفق عليها منذ القدم، هي: الحكمة والعدل والشجاعة والاعتدال. وعندما نشير إلى القيم المهنية، فإننا نتحدث عن الفضائل المهنية، من حيث أنها قيم محققة، إذاً فضائل. وكلمة قيم للإشارة إلى القدرة على استمرار ها وتحققها الدائمين مهنياً. وبالطريقة نفسها سنتحدث عن الفضائل في مجالات مختلفة.



الترابط بين المبدأ والقيمة والفضيلة

يوفر المبدأ الأساس للسلوك والعمل والسياسة. وتمكّن القيمة من تقييم سلوك أو إجراء أو سياسة. والفضيلة هي صفة السلوك أو الفعل أو السياسة عندما تستند على مبدأ ما أو تتوجه نحو قيمة ما.

إن صعوبة الفهم الكامل للفرق بين كل من هذه المصطلحات تأتي من حقيقة أن المفهوم نفسه يمكن أن يؤخذ كمبدأ، كقيمة، وكفضيلة. ومن ناحية أخرى، فإن بعضها صالح فقط كواحدة أو أخرى من هذه الفئات. فالعدالة مثلاً، هي قبل كل شيء مؤسسة، أي محكمة وقضاة ونصوص قانونية، وما إلى ذلك. تقوم هذه المؤسسة على مبدأ العدالة – ​​الذي يسمح لنا بالقول إن العدالة في بلد ما عادلة أو غير عادلة. ويمكن تسمية القاضي بالعادل بمعنى أنه يمتلك فضيلة العدالة. وإن كان يزرع هذه الفضيلة فذلك لأنه يؤمن بالقيم، ومنها قيمة «العدل».

وبالتالي يمكن للعدالة أن تكون مبدأ وفضيلة وقيمة. هي مبدأ إذا كانت بمثابة الأساس لمفهوم المجتمع (وبالتالي لإطار قانوني) وتتنافس مع مبادئ أخرى مثل الحرية أو المساواة. وهي قيمة إذا كانت المعيار الذي يسمح بالحكم على السلوك بأنه يستحق التقدير. وهي فضيلة إذا تجسَدت من خلال السلوك.

يجب أن يكون المبدأ واضحاً وصارماً، فهو المؤسس الأول. وقد يكون له عواقب قانونية. ومن ناحية أخرى، فإن القيمة أكثر عمومية وتحتوي على بُعد أكثر عاطفية وأكثر ذاتية، وهي تمثل توجهات ورغبات يجب تحقيقها. غالباً ما يكون المبدأ معيارياً وبالتالي توجيهياً، في حين أن القيمة تقييمية.