بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

التصغير في اللغة العربية



الاسم المحوّل إلى صيغة "فُعَيْل" أو "فُعَيْعِل" أو "فُعَيْعيل" يقال له الاسم المصغر. ويصغر الاسم لأحد الأغراض الآتية:
1.     الدلالة على صغر حجمه مثل (كُليْب) و(كُتَيِّب) و(لُقَيْمة).
2.     الدلالة على تقليل عدده مثل (وُريْقات) و (دُرَيْهمات) و(لُقَيْمات).
3.     الدلالة على قرب زمانه مثل (سافر قُبَيْل العشاء)، أو قرب مكانه مثل (الحقيبة دُوَيْن الرف).
4.     الدلالة على التحقير: أَأَلهاك هذا الشويعر؟
5.     للدلالة على التعظيم: أَصابتهم دُوَيْهية أذهلتهم.
6.     الدلالة على التحبب مثل: في دارك جُوَيْرية كالغُزيّل.
Afficher l'image d'origine

صورة التصغير
يضم أول الاسم المراد تصغيره ويفتح الثاني وتزاد ياء بعده مثل: رُجَيْل وكُلَيْب، فإن زاد الاسم على ثلاثة أحرف كسر الحرف الذي يلي ياءَ التصغير مثل (دُرَيْهِم) أو (عُصَيْفير).
فللثلاثي وزن "فُعَيْل"، ولما فوقه وزن "فُعَيْعِل" مثل "دُرَيْهم وسُفَيْرج" تصغير درهم وسفرجل، و"فُعَيْعيل" لمثل "مِنهاج وعصفور": مُنَيْهيج وعصيفير.
ويلاحظ أن التصغير كالتكسير فكما قلنا في تكسير الكلمات السابقة دراهم وسفارج ومناهِج وعصافير قلنا في تصغيرها دُرَيْهم وسُفَيْرج ومُنَيْهيج وعُصيْفير، فحذفنا في الطرفين لام سفرجل وقلبنا حرف العلة الذي أصبح قبل الآخر ياءً في التصغير والتكسير.

ملاحظة: جرت العرب في التصغير دون التكسير على عدم الاعتداء بتاء التأنيث ولا بألفها المقصورة ولا بألفها الممدودة ولا بالألف والنون المزيدين في الآخر ولا بياء النسب، ولا بألف مثل كلمة أصحاب، فيجرون التصغير على ما قبلها فيقولون في تصغير (ورقة وفُضلى وصحراء وخضراء وعطشان وأصحاب): (وُرَيْقة وفُضَيْلى وخُضَيراء وعُطَيشان وأُصَيْحاب) دون كسر ما بعد ياء التصغير كأنها لا تزال ثلاثية، ويقولون في تصغير مثل (حنظلة وأربعاء وعبقري وزعفران): (حُنَيْظِلة وأُرَيْبعاء وعُبَيْقري وزُعَفِران) دون أن يحذفوا في تصغيرها ما كانوا حذفوا في تكسيرها حين قالوا (حناظل وعباقر وزعافير).

أما فيما عدا ما تقدم فالتصغير كالتكسير يرد الأشياء إلى أُصولها ولا بدَّ من الانتباه إلى ما يلي:
1.     الاسم الثلاثي المؤنث تأنيثاً معنوياً مثل: شمس وأرض ودعد تزاد في آخره تاءُ حين التصغير فنقول: شُمَيْسة وأُرَيْضة ودُعَيْدة.
2.     الاسم المحذوف منه حرف يرد إليه المحذوف حين التصغير كما هو الشأن في التكسير، فكما نقول في تكسير دم وعدة وابن وأَب وأُخت ويد (دماءٌ[1] ووعود وأبناءٌ وآباءٌ وأَخوات والأيدي) نقول في تصغيرها (دُمَيّ، ووُعَيْد وبُنَيّ وأُخَيْه ويُدَيَّة).
3.     إذا كان ثاني الاسم حرف علة منقلباً عن غيره رُدَّ إلى أصله كما يردُّ حين التكسير، فكما نقول في تكسير (ميزان ودينار وباب وناب): (موازين ودنانير وأبواب وأنياب) نقول في التصغير (مويْزين ودُنَيْنير وبُوَيْب ونُيَيْب).

تنبيهان:
 1. الألف الزائدة في اسم الفاعل والمنقلبة عن همزة مثل (آدم) والمجهولة الأصل كالتي في (عاج) تقلب جميعاً واواً في التصغير فنقول: شُويْعِر وأُوَيْدِم وعُوَيْج.
 2. يختص التصغير بالأسماء المعربة، وورد عن العرب شذوذاً تصغير بعض أسماء الإشارة والأسماء الموصولة مثل "اللذيا واللتيا، تصغير الذي والتي"، وذَيّا تصغير "ذا" وهؤليّاء في تصغير هؤلاء، وتصغير بعض أفعال التعجب مثل (ما أُمَيْلح الغزال) فيقتصر ذلك على ما سمع ولا يقاس عليه.

عن كتاب: الموجز في قواعد اللغة العربية للمرحوم سعيد الأفغاني.


[1]  أصل دم: دمو، فلما كسرت كان الأصل فيها (دِماو) فلما تطرفت الواو بعد ألف ساكنة قلبت همزة. وفي التصغير الأصل (دُمَيْوٌ) فلما اجتمعت الياء والواو والسابقة منهما ساكنة، قلبت الواو ياء حسب القاعدة الصرفية المشهورة فصارت دُمَيّ. وكذلك الحال في ابن وأب وأخ.

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2015

متحف تحت الماء

يعمل الفنان Jason deCaires Taylor على منحوتاته التي تعبر عن رجال ونساء وأطفال استلهم الكثير من ملامحهم من سكان قرية  قرب مكان إقامته وعمله، وعندما ينتهي من تشكيل هذه التماثيل يقوم بإغراقها في ماء البحر لتشكل متحفاً تحت الماء يخدم كمنطقة جذب سياحي في محاولة للحفاظ على البيئة وحماية ثاني أكبر حاجز مرجاني في العالم موجود في أمريكا الوسطى.


يضم المتحف حوالي ٥٠٠ تمثالاً وُضِعت أولاها عام ٢٠٠٩، ويغرق الفنان منحوتاته ثم يقيدها بمسامير رملية خاصة في ماء ضحل نسبياً بحيث يتمكن السباحون من رؤيتها.

ويستمتع الغواصون بزيارة هذا المتحف كما تتجول الأسماك بين التماثيل وتلتصق بها الشعاب المرجانية والطحالب، ويستخدم تايلور في صناعة هذه التماثيل اسمنتاً خاصاً له درجة حموضة محايدة PH neutral وهو معد لجذب المرجان ويعتبر النحات أن أعماله تخدم الصالح العام وتحافظ على الشعب المرجانية بتحويل الغواصين بعيداً عنها.




الاثنين، 28 ديسمبر 2015

طريق الحرير



هو ليس طريق واحد، وإنما شبكة من الطرق ربطت في البداية مدينة كسيان الصينية بإنطاكية السورية، ومن ثم بين العديد من المدن الصينية ومدن أخرى في اليونان والإمبراطورية الرومانية ومن ثم الإمبراطورية البيزنطية. كان هذا الطريق يمر عبر ممر غانسو ومن ثم عبر أطراف صحراء تاكلاماكان القاحلة جداً، ثم يتابع إما عبر الطريق الشمالي الذي يذهب مباشرة إلى بلاد فارس أو الطريق الجنوبي الذي يمر بالهند.
بعض من شبكة طريق الحرير

هذه الشبكة هي شبكة تجارية كان الهدف منها في البداية تجارة الحرير. ولكن عبر هذه الشبكة كانت تنقل وتباع وتشترى الكثير من البضائع، مثل الأحجار الكريمة والبورسلان والمنسوجات الصوفية والعنبر والعاج والزجاج والعقيق والتوابل. وكان تجار هذه الطريق يحتكرون التبادل التجاري بين الشرق والغرب.

تعود بداية هذا الطريق إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، تطورت شبكته في القرن الثالث قبل الميلاد واستمر نشاط هذا الطريق حتى القرن الخامس عشر وذلك مع تطور النقل البحري حيث توقف بعدها. ولكن السبب الأهم في توقف هذا الطريق هو أنه كان طويلاً جداً، وكان الوسطاء على مساره كثر أيضاً، مما يقتضي دفع الديات والضرائب، هذا غير المخاطر والتعرض للسرقة أو القتل. كان كل هذا يجعل من أسعار البضائع بما لا يحتمل بالنسبة للناس العاديين. جاء  تطور النقل البحري خلاصاً من كل ذلك، وأخذ الطريق البحري اسم طريق التوابل، التي أصبحت أهم من الحرير الذي كانت صناعته قد انتشرت في أوروبا منذ القرن الخامس عشر. فالتوابل كانت ضرورية أولاً لحفظ اللحوم والأطعمة.
 
وعبر هذا الطريق جرى التبادل الثقافي بين الشرق والغرب. فنقل الصينيون معارفهم في إنتاج الورق والبارود والطباعة والبوصلة الخ. وعبره أيضاً عرف الشرق البوذية والديانات السماوية. جسّد هذا الطريق العولمة الحالية في ذلك الزمان.

بقي أن نقول إن التجارة ساهمت في ربط الشعوب وسمحت لهم بتبادل معارفهم وبضائعهم وثقافاتهم. وهي تلبي طموحات الإنسان وأطماعه، وما أكثرها! وأن هناك مشروعاً هائلاً لطريق برية سريعة تربط الصين بأوروبا الغربية، ولكن لن يكون لها من طريق الحرير سوى الاسم. وآخر الكلام أن كلمة "طريق" بالعربية هي كلمة مذكرة ومؤنثة في الوقت نفسه!!

الأحد، 27 ديسمبر 2015

تاريخ الجينز الأزرق

نشأ بنطال الجينز المصنوع من القماش القطني المتين على يد جيكوب دايفيس وليفي ستراوس عام ١٨٧٣، وازداد منذ ذلك الحين رواجاً وانتشاراً فأصبح اليوم لباساً للنساء والرجال وللصغار والكبار في كل أنحاء العالم. اشتقت تسمية جينز من اسم مدينة جنوا الإيطالية حيث كان كان البحارون يلبسون بناطيل زرقاء قطنية، وفيها كان يصنع القماش المخملي القطني المخطط.


قدم ليفي ستراوس مهاجراً من بافاريا إلى نيويورك عام ١٨٥١ وانضم إلى تجارة أخيه الأكبر الذي كان يملك متجراً للأقمشة والمنسوجات. وعندما سمع ليفي في عام ١٨٥٣ بالتهافت على الذهب في غرب الولايات المتحدة قرر الانتقال إلى سان فرانسيسكو في الغرب لينشئ فيها فرعاً للمتجر، وأصبح المتجر الجديد يبيع القماش القطني إلى جانب سلع أخرى.

كان أحد زبائن ليفي ستراوس خياطاً من رينو في ولاية نيفادا اسمه جاكوب دايفيس، وكان يصنع الخيم وأغطية العربات وغيرها. طلب أحد زبائن ديفيس منه يوماً بنطالاً يحتمل العمل الشاق، ففصل له ديفيس البنطال باستخدام قماش الدينيم الذي كان يحصل عليه من شركة ليفي ستراوس وقّوى البنطال عن طريق إضافة مسامير نحاسية في الأماكن الأضعف التي تتعرض للتمزق كالجيوب ولسان الأزرار، ثم كتب إلى ليفي ستراوس يعرض عليه طريقة صناعته لبنطال عمل مقوى وعرض عليه أن يسجلا الاختراع معاً، وسُجِّل الاختراع باسميهما معاً في ٢٠ أيار ١٨٧٣.

سرعان ما نجحت بناطيل العمل هذه وتزايد الطلب عليها، وأقام ستراوس مصنعاً خاصاً بها ونمت الشركة نمواً مطرداً وأصبحت البناطيل التي تصنعها أكثر ملابس العمل للرجال مبيعاً في الولايات المتحدة بحلول عام ١٩٢٠... وهي اليوم في كل البيوت إن لم تكن لدى كل الأفراد في العالم. 

السبت، 26 ديسمبر 2015

الحرير... أصله وفصله



هو ليف حيواني تنتجه يرقة الحرير التي هي فراشة عند اكتمالها، ولكنها أثناء طور تحولها إلى فراشة تنسج حولها ما يسمى بالشرنقة لتحمي نفسها، بانتظار أن تكتمل وتخرج طلباً للحياة والطيران. 

Afficher l'image d'origine
اليرقات وأوراق التوت
تبدأ القصة مع وضع أنثى القز لما بين 300 و 500 بيضة، لتموت بعدها. تأخذ اليرقات الصغيرة بقضم ورق التوت لمدة خمسة أسابيع تقريباً ليصبح طولها حوالى 10 سنتيمترات. تبدأ اليرقات بتشكيل الشرانق حولها بواسطة لعابها الذي يجف مباشرة تقريباً، وكل شرنقة تتألف من بين عشرين إلى ثلاثين طبقة. وهذه الخيوط هي خيوط الحرير الأولى، التي يبلغ طولها في الشرنقة الواحدة حوالى 2 كم. 

ولاستخراج خيوط الحرير يجب منع اليرقة، التي تكون في طريقها لأن تصبح فراشة، من الخروج وذلك بقتلها داخل الشرنقة بعد فترة تتراوح بين ثمانية وعشرة أيام من بدء تشكيل الشرنقة وذلك بتعريضها لدرجة حرارة بين 70 و 80 درجة مئوية، ومن ثم وضعها في ماء بحالة الغليان. تسمى هذه العملية بعملية خنق الديدان، والمكان الذي تجري فيه هذه العملية يسمى بالمخنق. ولفك خيط الشرنقة يجب العثور على طرف خيطها، وهذا ما يتم بتحريك الماء الذي توضيع فيه الشرانق بواسطة عصي صغيرة تعلق عليها أطراف خيوط الشرانق. ولتشكيل خيط النسيج الحريري يجري فتله مع خيوط شرانق أخرى، وهذا ما يعرف باسم غزل الحرير.
Afficher l'image d'origine
راهبان يحملان سر الحرير إلى الأمبراطور جوستنيان

عرفت الصين الحرير وإنتاجه منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وبقي ذلك سراً خفياً على الجميع. ولكن الحضارات الأخرى كشفت السر عن طريق جواسيس من الرهبان والأمراء والتجار. ولم ينتج الحرير خارج الصين إلا في القرن السادس الميلادي، حيث بدأ إنتاجه في أوروبا/الإمبراطورية الرومانية الشرقية.

Afficher l'image d'origine
ضرب الشرانق للعثور على أول الخيط
ينتج العالم حوالى 150 ألف طن من الحرير سنوياً، تنتج الصين لوحدها أكثر من 40% منه، يليها في ذلك اليابان ثم الهند. الهند هي المستهلك الأكبر لهذه الخيوط، التي تستخدم في إنتاج نسيج يعتبر بين الأفخر بين الأنسجة.

بقي أن نقول إن الأسطورة تقول إن نساء صينيات كن يبحث عن فاكهة فعثرن على شرانق، وبما أنها صعبة المضغ وضعنها في الماء، ومع ذلك بقي هضمها صعب، لذا قمن بضربها وعثرن بذلك على طرف الخيط، الخيط الحريري الذي بدأت معه حكاية الحرير التي صنعت عبر التاريخ ما سميّ بطريق الحرير.