بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 مايو 2016

عصر جليدي صغير...وآثار كبيرة

العصر الجليدي الصغير هو فترة مناخية امتدت بين بداية القرن الرابع عشر ومنتصف القرن التاسع عشر اتسعت فيها رقعة الكتل الجليدية glaciers في مواقع عديدة كجبال الألب ونيوزيلاندا وألاسكا وجنوب جبال الأنديز وتناقص متوسط درجات الحرارة العالمي في نصف الكرة الشمالي.

سبق العصر الجليدي الصغير فترة دفء في العصور الوسطى ٩٠٠م - ١٣٠٠م وتبعه فترة الاحتباس الحراري الحالية التي بدأت في نهاية القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين.




وتشير المعلومات الحالية إلى أنه في الوقت الذي تعرضت مناطق في أوروبا وشمال الأطلسي لظروف مناخية باردة وقاسية، كانت مناطق أخرى كافريقيا الاستوائية وجنوب ووسط آسيا تعاني من الجفاف وتقلب في الهطولات المطرية.

تسببت فصول الشتاء الطويلة والباردة خلال العصر الجليدي الصغير من جهة وفصول الصيف الماطرة من جهة أخرى بتلف المحاصيل الزراعية وحدوث ومجاعات في أنحاء عديدة من أوروبا الشمالية والوسطى، كما تراجع صيد الأسماك إلى حد كبير في القرن السابع عشر في شمال الأطلسي نتيجة انخفاض درجات حرارة المحيطات. من جهة أخرى، أدى انخفاض درجات الحرارة وتزايد العواصف شمال الأطلسي إلى الإضرار بالمواسم الزراعية في غرينلاند وصعوبة الملاحة والتجارة نتيجة ارتفاع مستويات الجليد البحري مما دفع الفايكينيغ إلى مغادرتها.

شهدت أمريكا الشمالية في العصر الجليدي الصغير  موجات جفاف تسببت في تراجع الزراعة ودفعت السكان الأصليين إلى الانتقال إلى الصيد، وكذلك اليابان تراجعت فيها المحاصيل الزراعية نتيجة انخفاض في درجات الحرارة شتاء وكثافة الهطولة المطارية صيفاً.

إن مسببات العصر الجليدي الصغير ليست معروفة تماماً، ويعتقد علماء المناخ أن تفجرات بركانية قد تكون السبب وراء الظاهرة.

الاثنين، 30 مايو 2016

ثورة ... رابعة



أفلست شركة كوداك الشهيرة في عالم التصوير، وهي الشركة التي كان يعمل فيها 177 ألف شخص في عام 1998 وتبيع 85% من ورق التصوير في العالم. وما حصل لهذه الشركة حدث في الماضي القريب لصناعات كثيرة تطورت ثم اندثرت أو انتفت الحاجة إليها، مثل الساعات الميكانيكية. حل محل آلات التصوير الورقية آلات التصوير الرقمية. وهذه ليست إلا جزءاً من حركة عامة تشمل رويداً رويداً مناح مختلفة من الحياة اليومية.

فمع الذكاء الصنعي مثلاً ستحدث تغيرات في مجالات كثيرة مثل الصحة، والنقل، والتعليم والزراعة والعمل. وكأننا إذن على أبواب ثورة صناعية رابعة.

فالآلات الذكية أصبحت حاضرة تستخدم في بعض الاختصاصات بكفاءة عالية، مثل الصحة حيث تقوم آلة واتسون في الطب بتقديم مساعدة كبيرة في أورام السرطان، من حيث التشخيص والعلاج، وبأخطاء أقل من ربع أخطاء الطاقم الطبي البشري. ولكن هذه الآلة (وهي آلة قادرة على تعلم أشياء كثيرة) تقوم بدور مماثل في القانون، وبإمكانها أن تقدم استشارات قانونية، وأثبتت التجارب الميدانية قدرتها على تقديم استشارات بدقة 90% في حين أن المحامين لا تزيد نسبة دقة الاستشارات التي يقدمونها عن 70%، وهذا ما يمثل مشكلة عمل أو توظيف لخريجي كليات القانون في أمريكا عند البحث عن عمل في المكاتب القانونية. ولا شيء يمنع إحراز هذه الآلة (الآلات) المزيد من التقدم.

Afficher l'image d'origine
سيارات بانتظار طلبات التنقل
النقل سيكون مجالاً "لثورة" أخرى. فالسيارة التي تستطيع أن تتحرك بمفردها أصبحت موجودة وهي في تحسن مستمر، ولن يطول الوقت حتى نجدها تملأ الشوارع، ومعها لن يكون من داع لامتلاك سيارة ولا معرفة قيادتها، وحتى اقتناءها لن يكون ضرورياً. سيكون من الممكن استدعاء سيارة للانتقال من مكان إلى آخر، التي ستأتي بمفردها لتقوم بهذا الانتقال، ولن يكون من حاجة للبحث عن مكان لصف السيارة أو الاهتمام بها. ومن ثم فكل العالم الذي يقوم على السيارات سينهار في جزء كبير منه. وأوله شركات ضمان السيارات مثلاً، إذ إن عدد وفيات حوادث السيارات سينخفض جداً.

ربوت مزارع
  كما أن السيارات ستصبح في معظمها سيارات كهربائية في السنوات القليلة القادمة (وستصبح المدن أقل ضجة). وسيكون معظم الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية التي تشهد هي الأخرى ثورة موازية. هذا يعني أن الطاقة الكهربائية ستكون أرخص، وهذا يعني من بين أشياء كثيرة توفر الماء في كل مكان وبسعر معقول للغاية.

الزراعة هي الأخرى ستعيش تغيراً كبيراً، إذا سيكون من الممكن شراء روبوت فلاح بمائة دولار وسيتحول الفلاح إلى مدير لآلاته. وهذا الروبوت سيعمل في الحر والقر، وفي الليل والنهار...
بقي أن نقول إن ما جاء سابقاً ليس من الأحلام، وهو بعض مما سيكون في العقد القادم، لكن الأحلام ستكون ربما في إمكانية الحصول على عمل!... نتابع في مقال قادم.


الأحد، 29 مايو 2016

الخلد يهدد صخور ستونهنج بالتداعي

بحث تقرير جديد لليونسكو في الآثار المباشرة وغير المباشرة لتغير المناخ على مواقع التراث العالمي وعلى قطاع السياحة المرتبط بها، وأبرز التقرير الأخطار التي تتعرض لها بعض المواقع الأثرية الهامة نتيجة ارتفاع مستوى البحر والجفاف وغيرها من آثار تغير المناخ.

ومن بين المواقع الأثرية الهامة التي يهددها ارتفاع درجات الحرارة موقع ستونهنج في انكلترا. وستونهنج معلم أثري بني في العصر الحجري الحديث، يقع في جنوب انكلترا ويتألف من حوالي ١٠٠ صخرة ضخمة قائمة مرتبة في نسق دائري. ويعتقد العلماء أن الموقع كان عبارة عن مقبرة، ولا يزال إنشاء هذا الموقع في تلك الحقبة مدهشاً، ويزيد في غرابة الأمر أن العلماء اكتشفوا أن الصخور التي تشكل الحلقة الداخلية للنصب قد تكون جلبت من ويلز التي تقع على مسافة ٢٠٠ ميلاً من موقع ستونهنج.




ويحذر تقرير اليونسكو من أن استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمي مقترناً بتساقط الأمطار في المنطقة سوف يؤدي إلى تحسين ظروف تكاثر ديدان الأرض التي يتغذى عليها الخلد و الغرير وغيرها مما سيؤدي إلى ازدهار هذه الحيوانات وجعل التربة أكثر طراوة وأسهل حفراً.

وسيؤثر تزايد أعداد حيوانات الخلد والأرنب والغرير في المنطقة على الطبقات الأثرية الدفينة ويقلقل التربة تحت الصخور فيزعزع من استقرارها ويهدد بتقويضها والإطاحة بها.

السبت، 28 مايو 2016

الذكاء... الصنعي




من النادر أن نجد اتفاقاً على معنى "الذكاء". هناك تعاريف مثل التعريف المعجمي: ذَكاءُ الإِنْسانِ: قُدْرَتُهُ على الفَهْمِ والاِسْتِنْتاجِ والتَّحْليلِ والتَّمْيِيزِ بِقُوَّةِ فِطْرَتهِ وَذَكاءِ خاطِرِهِ. والمعجم يميز بين ذكاء الإنسان والذكاء الاجتماعي وغير ذلك. ومع هذا فالتعريف أعلاه يعتمد على مفاهيم تحتاج إلى تعريف وتوضيح مثل الفهم والفطرة وذكاء الخاطر!

إلا أننا بدأنا بسماع تعبير "الذكاء الصنعي" منذ ستينيات القرن الماضي، بمعنى إكساب بعض الآلات قدرة على القيام بأفعال ليست تعاقبية بالضرورة وإنما تتصرف على نحو مختلف باختلاف السياق. الهدف من ذلك هو: التسريع في العمل وتوفير الجهد ومن ثم التوفير في الكلفة، وكذلك مراكمة الخبرة. وما دعا إلى ذلك أو حرضه هو توفر الحواسيب بقدرتها الهائلة في الحساب، وتزايد هذه القدرة مع الزمن وكذلك توفر الذاكرة (مخزن المعلومات) على نحو كبير ومتزايد.
Afficher l'image d'origine 
من أبسط الأمثلة كانت مسألة التعامل مع النقود. معرفة الورقة النقدية التي تمر أمام جهاز خاص، والقيام بالصرافة بأوراق نقدية أخرى (أصغر قيمة) مع ما يتضمن ذلك من التعرف إلى الأوراق المزورة أو التي تنتمي إلى عملات أخرى. وكذلك التعرف إلى الشيكات، بدءاً من وجهها الصحيح وحقيقيتها (ليست مزورة) وتحويل مضمونها من حساب موقعها (التعرف إلى توقيع صاحب الحساب) إلى حساب الشخص مودع الشيك (الذي توضع بياناته على الوجه الثاني للشيك طباعة لحظة إيداعه). ومثل هذه الآلة التي تتمكن من القيام بمثل هذه الأعمال المحددة نقول عنها إنها تتمتع بذكاء صنعي.

ومثل هذا "الذكاء" هو ليس إلا تنفيذاً لبرنامج في الحاسوب المتصل بهذه الآلة، وهذا البرنامج يتضمن كل الحالات والاحتمالات الخاصة بهذه المسألة. والذكاء هنا هو بأن الآلة تقوم بعمل يحتاج منا إلى التفكير أثناء قيامنا به بأنفسنا. وفي عملها تتصرف كما لو أنها تفكر تماماً مثلنا. مع كل ما في ذلك من مزايا مقارنة بالإنسان، مثل أنها لن تتأثر بالمؤثرات الخارجية أثناء قيامها بعملها، ولن ينقطع حبل أفكارها، ولن تتأثر بشخص من يتعامل معها، امرأة أم رجل، أسود أم أبيض، وستقوم بعملها بسرعة كبيرة، وبقدرة هائلة في إجراء الحسابات. فالحاسوب "ديبلو" الذي فاز على بطل العالم كاسباروف، فاز عليه في مقدرته الهائلة في حساب الاحتمالات ونتائج كل حركة. وعلى كل حال فالإنسان هو من علمه اللعب.
Afficher l'image d'origine 
ولكن مثل هذا الذكاء الصنعي نسميه اليوم بالذكاء الصنعي الخفيف. وهناك ذكاء صنعي أكثر تطوراً يعتمد على تعليم الآلة كيف تتعلم من الحالات التي تواجهها. ونسمي ذلك بـ"التعليم العميق". فالحواسيب التي تعلمت تحليل الأمراض السرطانية (مثل الحاسوب واتسون) والتي تقدم برامج علاج، سيتحسن أداؤها عندما تحاط علماً بنتائج برامج العلاج التي تقدمها، وعندما تحاط علماً أيضاً بنتائج التحاليل الإضافية التي تطلبها، مما سيعزز في كلتا الحالتين معلومات أو معارف (خبرة) حاسوب الأمراض السرطانية.

وقد تحقق هذا في آلة (برنامج) ألفاغو التي تعلمت لعبة الـ "غو". فقد فازت في مطلع عام 2015 ضد بطل أوروبا بنتيجة 3 إلى 2. وفي خلال ستة أشهر من اللعب والتعلم من لعبها، كما يفعل الإنسان، استطاعت ألفاغو من الفوز ببطولة العالم بنتيجة ساحقة. وكذلك الأمر بالنسبة لسيارة غوغل التي تسير بلا سائق، وإن لم يكن ذلك بلا حوادث ولكنها أقل بكثير من عدد الحوادث التي يرتكبها سائق إنسان.

بقي أن نقول إن نوعاً ثالثاً من الذكاء الصنعي يدور الحديث والأبحاث حوله، هو الذكاء الصنعي القوي، حيث ستتمكن الآلة فيه من أن تعي نفسها مثل كل المخلوقات... وللحديث تتمة.

نفق جوتهارد.. أطول وأعمق نفق قطارات في العالم

شهد شهر كانون الأول ٢٠١٦ افتتاح نفق قاعدة جوتهارد تحت جبال الألب أمام جمهور المسافرين كأطول نفق قطارات في العالم.

طرحت فكرة إنشاء النفق عام ١٩٤٧، ووضعت دراسة خاصة بذلك عام 1962، وعقب ذلك نقاشات داخلية واستفتاء حول إنشاءه ونقاشات أوروبية حول محددات استعماله، ولم يبدأ العمل فيه إلا في عام 1996 وانتهى حفره عام 2011 ، واستخدمت في حفر النفق آلات ثاقبة هائلة الحجم يتجاوز طولها طول أربعة ملاعب كرة قدم، وذلك من أجل إنشاء النفق الذي يصل ارتفاع الأرض فوقه نحو 2300 متراً. أما الأعمال المرافقة للنفق من تهوية ووضع خطوط السكك الحديدية وطريق السيارات فلم تنته قبل عام 2016 حيث افتتح رسمياً في حزيران 2016 وافتتح للاستعمال في كانون الأول من العام نفسه.

بلغت كلفة هذا النفق 12.2 مليار فرنك سويسري. تدفع القطارات والسيارات التي تستعمله رسوم عبور لاسترداد كلفة إقامته وكلفة خدمات تشغيله الخاصة بضبط درجة الحرارة والتهوية داخل النفق. وفي كل الأحوال فإن هذا النفق يسمح بتأمين خط مباشر يعبر سلسلة جبال الألب بعد أن كان تجاوزها يعني الالتفاف حولها صعوداً وهبوطاً بين القمم والوديان موفراً مثلاً مدة ساعة للتنقل بين ميلانو الإيطالية وزيورخ السويسرية.





انتزع نفق قاعدة جوتهارد الذي يبلغ طوله 57.1 كم لقب أطول نفق في العالم من نفق سيكان الياباني 53.9 كم، ويلي هذين النفقين في الطول نفق القناة الذي يصل فرنسا بالمملكة المتحدة ويبلغ طوله 50.5 كم.

وسيسمح النفق الجديد للقطارات بالتحرك تحت جبال الألب بسرعة تصل إلى 250 كيلومتر في الساعة وسيجعل السفر ونقل البضائع أسرع وأرخص. ويأمل المسؤولون أن يصبح نقل البضائع عبر القطارات في النفق الجديد أقدر على منافسة الشاحنات مما سيساهم في خفض انبعاثات الكربون المضرة بالبيئة ولذلك فإن مشروع النفق هذا يعتبر واحداً من مشاريع حماية البيئة الكبيرة في أوروبا إلى جانب دوره في تحقيق نمو اقتصادي في المنطقة عن طريق تحسين نقل البضائع والأشخاص.



الخميس، 26 مايو 2016

الدم المراق ... لوركا



 Afficher l'image d'origine
هذه جزء من قصيدة طويلة عنوانها "مرثية إغناسيو سانشيز ميجياس"، مصارع الثيران، اخترنا منها المقطع المسمى "الدم المراق".
لوركا شاعر إسباني، من مواليد غرناطة عام 1898، اغتيل في فيزنار عام 1936 من قبل ميليشيا فرانكو. وهو شاعر ومسرحي ورسام وموسيقي.


لا! لا أريد أن أراه!
قل للقمر أن يأتي،
لأني لا أريد أن أرى دم
إغناسيو على الرمل.

لا، لا أريد أن أراه!
القمر الواسع المنبسط.
حصان الغيوم الساكنة،
وحلبة الحلم الرمادية
بحواجز الصفصاف.

لا، لا أريد أن أراه!
لأن ذكرايّ تشتعل.
أخبروا الياسمين
ببياضه الناعم

لا، لا أريد أن أراه!

بقرة العالم القديم
تمرر لسانها التعيس
على خطم من الدماء
مراق على الرمل،
وثيران غيساندو،
شبه ميتة وشبه متحجرة
خارت كقرنين من الزمن،
تعبة من ملامسة التراب،
لا.
لا، لا أريد أن أراه!

من المدرجات يصعد إيغناسيو
كل موته على كتفيه.
يبحث عن بزوغ الفجر،
وعبثاً بزوغ النهار.
يبحث عن ملمحه المؤكد
ولكن النعاس يشتته.
يبحث عن جسده الرائع
ويجد دمه المراق

لا ترغموني على النظر إليه!
لا أريد أن أرى النزيف
الذي يفقد رويداً رويداً زخمه؛
إنه زخم الدم الذي يضيء
المدرجات وينسكب
على مخمل وجلد
الجمهور المتعطش،
من الذي يصرخ لكي أقترب؟
لا ترغموني على رؤيته!

لن يغمض عيناه
عندما يرى كل القرون قريبة،
ولكن الأمهات الرهيبات
رفعن رؤوسهن.

وعبر القطعان،
ارتفع صرير أصوات سريّة
صرخت باتجاه الثيران السماوية
أطلقها حراس الضباب الشاحب.
لم يكن من أمير في إشبيليا
يمكننا مقارنته به،
ولا سيفاً كسيفه.
ولا قلباً بكمال قلبه.

مثل نهر من الأسود
قوته رائعة
وكصدر من رخام
حكمته محفورة

نسمة من روما أندلسية
تحلي وجهه الذهبي
ضحكته كانت كعطر
من ملح وذكاء
أي فارس من فرسان التوريرو في الحلبة!
أي جبلي في الجبال!
كم هو لطيف مع السنابل!
كم هو قاس على المهماز!
كم هو رقيق مع الندى!
رائع مع الرماح
متوحش مع آخر
رماح الظلمات!

وها هو ينام بلا نهاية.
الطحالب والأعشاب
تفتحان بأصابعهما تماماً
ذؤابة رأسه الميّت.
ودمه يجري مغنياً:
مغنياً في البراري والبحيرات،
ينزلق على قرون متجمدة،
روحه تتراقص في الضباب،
تتهاوى على ألف حافر
مثل لسان طويل معتم حزين،
لتشكل بركة احتضار
بقرب غوادالكيفير المليئة بالنجوم.

آه! جدار إسبانيا الأبيض!
آه! أسود ثور الألم!
آه! دم إغناسيو القاسي!
آه! بلبل شرايينه!
لا.
لا! لا أريد أن أراه!
لا يوجد كأس يمكن أن يحتويه
ولا سنونو ليشربه
ولا صقيع ضوء ليجمّده
لا غناء، لا غمر لمجرى النهر
ولا بلور يغطي بفضة
لا!
لا! لا أريد أن أراه!