بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

المطبخ والتطور البشري

بالرغم من كبر دماغ الإنسان منسوباً إلى جسده وتمتعه بذكاء أعلى من باقي الكائنات الأخرى إلا أنه لم يكن سوى كائن هزيل يرتجف خوفاً قبل نحو مليون عام. فقد كان طعامه يعتمد بالدرجة الأولى على الثمار وعلى الديدان وصغار الحيوانات التي كان له أن يصطادها. أما المصدر الأكبر لطعامه فقد كان ما يتبقى مما تصيده الحيوانات الكاسرة التي كانت تلتهم ما تريد ثم تمضي والإنسان يراقبها عن بعد يرتجف خوفاً من أن تقتله أو تصيده إن وقع في طريقها. وبعد أن تفرغ هذه من طعامها تأتي الذئاب والضباع والثعالب لتلتهم ما تبقى وتمضي بدورها، ثم يأتي الإنسان يقتات بما تبقى على الجلد أو على العظم. ولكن معظم طعامه كان يأتي من نخاع العظام واخترع أداته البسيطة التي تمكنه من انتزاع هذا النخاع بسهولة. وكانت هذه من بين أولى وأهم اختراعاته التقانية بعد الحجر المشذّب.


ولكن الأمر تغير مع تعلم الإنسان إشعال النار. كان ذلك قبل 800 ألف عام، ولكنه كان يحدث أحياناً. أما إشعالها بشكل يومي فمن المؤكد أنه حصل منذ نحو 300 ألف سنة، وهذا ما قدم للإنسان مصدراً ثابتاً للإنارة والحرارة وسلاحاً رهيباً ضد الحيوانات الكاسرة التي كانت تحوم حوله، وجعل الإنسان النار دائمة الاشتعال في محل سكناه، دفئاً وأماناً.

ولكن الأهم في النار أنها قادت إلى ما نسميه اليوم بالمطبخ. ولم يكن للنار أن غيرت كيمائياً من مواصفات المواد الغذائية التي تُطهى فوق النار ولكنها غيرت أيضاً في البيولوجيا البشرية. فقد قتلت الجراثيم والطفيليات التي كانت تلوث الطعام وتودي به سقماً. كما أن الطعام أصبح هضمه أكثر سهولة. وبفضل النار أصبح مضغ الطعام وهضمه لا يستغرق من الوقت إلا خُمس ما يحتاجه الشمبانزي الذي لا يعرف طهي الطعام. وغير أن النار مكنت الإنسان من التنويع في طعامه لأنها مكنته من هضم مواد لا يمكنه لا مضغها ولا هضمها نيئة. وهذه العملية جعلت أمعائه تقصر عما كانت عليه قبل مليون سنة وكذلك غيرت من حجم فكيه وأسنانه القاطعة لتصبح أقل شدة وقسوة. ووفر بذلك من الطاقة كميات لا بأس بها صُرفت في نمو دماغه.

ولكنه استعمل النار أيضاً لحرق الدغل والغابات لإخراج ما بها من صيد، ومن هنا بدأ شره، وبدأت سيطرته على الحيوانات الأخرى التي كان يخيفها بمشاعله ونيرانه، وبدأ إتلافه للبيئة بسرعة لم تتمكن الطبيعة من التآلف معها وإيجاد البدائل كما حدث للظبي بتعلمه الركض السريع إفلاتاً من الأسد. كان في البداية كائناً تافهاً بين الكائنات ولكن النار، مع دماغه المتطور، جعلته سيداً لا يضارع ... إنها النار نفسها، وإن بأشكال مختلفة، التي يستعملها اليوم للاعتداء على غيره.




يمكن، لمن يريد، مشاركة هذه الورقة ...مع جزيل الشكر

الاثنين، 29 أكتوبر 2018

الدماغ وحجمه والذكاء


لكل الحيوانات التركيب الدماغي نفسه من حيث البنية والوظائف، وهذا ينطبق على الفأر بقدر ما ينطبق على الإنسان. وهو أمر يدعو للاعتقاد بأن أدمغة الحيوانات تطورت عن نسخة أولية تعود إلى مئات ملايين السنين. ولكن حجم دماغ الإنسان يسمح له باحتواء عصبونات بأعداد هائلة (مليارات) مع الروابط اللازمة بينها مما يسمح بمعالجة مفيدة وسريعة للمعلومات على شاكلة الحاسوب والقدرات الحاسوبية بين حاسوب صغير بمعالج محدود وحاسوب آخر بمعالج أكثر تطوراً. ولكن ضخامة الدماغ وحدها لا تكفي لرفع مستوى القدرات الدماغية أو الذكاء. فالحوت الأزرق هو الأكبر دماغاً من حيث الحجم بين كل الكائنات دون أن يجعل منه هذا الأقدر على التفكير والإبداع. كما أن حجم الدماغ لدى الإنسان يمكن أن يسبب مشكلة كبيرة. فمن الصحيح أن كتلة الدماغ لا تمثل أكثر من 2% إلى 3% من كتلة الإنسان، ولكنه يستهلك 25% من طاقته. أما لدى الثدييات العليا مثل القردة فلا يستهلك الدماغ سوى 8% من طاقتها. 

هناك من يقول بأنه يجب البحث عن نسبة حجم الدماغ إلى كتلة الجسم لكائن ما. وهذه النسبة تشير وسطياً إلى ارتفاع القدرة التعلمية. فالثدييات التي لها كتلة من نحو 60 كيلو وسطياً لها حجم دماغ بنحو 200 سم مكعب. أما الإنسان الأول فكان حجم دماغه بنحو 600 سم مكعب منذ نحو 2.5 مليون سنة، وهو اليوم بين 1400 و 1600 سم مكعب. ولكن الذكاء لا يتعلق فقط بهذه النسبة إذ لو كان الأمر كذلك لكان الدلفين والببغاء يجوبان الفضاء منذ زمن بعيد. هذه النسبة تعطي تصنيفاً للكائنات على سلم الذكاء والقدرة على التعلم ليس إلا. ولكن أمر الذكاء أعقد من ذلك. إذ توجد خلايا في الدماغ تساهم في الذكاء لدى الإنسان تشكل غلافاً للعصبونات وتغذيها وتحميها أيضاً، وأعدادها أيضاً كبيرة جداً (مائة مليار) ولكننا لا نعرف حتى الآن ماهية دورها في الذكاء لدى الإنسان. أمر آخر يتميز به الإنسان وهو المرونة الدماغية التي تعبر عن قدرة الدماغ على بناء شبكات عصبونية وتفكيكها وإعادة تنظيمها. وهذه الظاهرة تبدأ منذ التشكل الجنيني وأثناء الطفولة والبلوغ أيضاً وفي الظروف المرضية للدماغ. وهي المسؤولة عن التنظيم الدقيق للدماغ (التنظيم العام هو أمر وراثي تعود مسؤوليته للـ د.ن.إي) وعن آليات التعلم والتذكر ويظهر دورها جلياً أثناء التجارب الحياتية.

لكن الإنسان يتميزه عن باقي الكائنات في أن الدماغ لا يتوقف عن النمو بعد الولادة ويستمر الأمر حتى عمر السادسة، وهنا يكون للبيئة العائلية والثقافية أن تؤثر في التشكيل الدماغي للإنسان. وهذه ميزة خاصة بالإنسان وحده، فكل الكائنات يكتمل نموها الدماغي في بطن أمهاتها. وهذه الميزة خضعت للتطور فالإنسان الأول كانت فترة نموه الدماغي أقل من ذلك، وهذا يفسر تطور القدرات العقلية لدى الإنسان.

وكما ذكرنا سابقاً فإن ربع طاقة الإنسان تذهب إلى الدماغ، ويقال إن هذا هو السبب الكامن في ضمور عضلات الإنسان مقارنة بعضلات الحيوان، إذ أن الطاقة تذهب للتعلم بدلاً من الدفاع، فعضلات الإنسان لن تمكنه من مقاومة الفيلة أو الأسود مهما كبرت، ولكنه بتفكيره يستطيع، وقد استطاع... حبذا لو أن الدول تحاكي الطبيعة في سياساتها.


يمكن، لمن يريد، مشاركة هذه الورقة ...مع جزيل الشكر

السبت، 27 أكتوبر 2018

الحيوانات المريضة بالطاعون... لا فونتين

 سوءٌ أشاع الرعبَ وهدد بالمصيبة
سوءٌ جعلَ السماءَ غاضبة
لذا اخترعتْ السماء الطاعونَ للمعاقبة
على جرائم الأرض الواقعة
ولكثرتها يمكنها إيقاد جهنم الجائعة،
فأعلن الطاعونُ الحربَ على حيوانات الغابة.

لم تمت كلها، ولكن أصيبت بأكملها؛
فلا أحد مشغول منها
بمساعدة من كان على وشك مغادرة الحياة الفانية؛
ولا أحد منها كان بالطعام راغباً
فلا الذئب ولا الثعلب ساعياً
وراء ضحية بريئة
القبرات هاربة
بلا حب ولا سعادة.


عقد الأسد مجلسه قائلاً
أظن يا أصدقائي أن السماء
تعاقبنا على خطايانا
وعلى أكثرنا منها اقترافاً
أن يضحي بنفسه للسماء الحانقة؛
فربما نحصل بذلك على شفاء الجميع.
التاريخ يعلمنا أنه إزاء مثل هذه المصائب
نقوم بمثل هذه التضحيات بحلة التائب
فلا ننغرّن أبداً
ولينظر كل منا بحاله بلا رحمة أو مواساة
فأنا لإرضاء شهيتي بالموائد
التهمت من الخراف العدائد
بدون أن تؤذيني أو تهددني بالمصائد،
وأكلت الراعي أحياناً والسواعد.
لذا، إن لزم الأمر، سأضحي بنفسي
وعلى الكل أن يحذو حذوي
لأن علينا تمني
أن تطبق العدالة على أكثرنا تجني.

مولاي، قال الثعلب
أنت أنت الملك الأطيب،
وضمائركم هي الأعذب؛
فهل أكل الخراف وسواها خطيئة؟
لا ولا، فإنك يا مولاي تشرفها وتجعل لها منزلة
أما الراعي فيمكن القول إنه يستحق كل المصائب،
فهو من البشر الذين يبنون على الحيوانات دولاً وعجائب.
هكذا قال الثعلب وصفق المتزلفون
لم يجرؤا كثيراً على التعمق
في أمر النمر أو الدب أو الأقوياء من الخلائق.  



يرجى مشاركة الورقة إن أعجبتك


الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

نتيجة التصويت بدون فرز الأصوات

يبنى القرار في العادة باستشارة المعنيين أو استمزاج آرائهم كما يقال. وهذا يعني طرح الموضوع على المعنيين الذين سيعبرون عن آرائهم بنوع من التصويت يفهم منه صاحب القرار ميل الأغلبية ويبني قراره على هذا الأساس. ولكن التصويت أو ما شابه يتطلب فرز الأصوات بمعنى عد الأصوات الموافقة وغير الموافقة كذلك. وهذا العد غير متاح دائماً لأسباب عملياتية. فالأستاذ الجامعي الذي يلقي محاضرة في مدرج يضم نحو 400 طالب كيف له أن يقرر ميل أغلبية الطلاب عند طرح سؤال تأجيل امتحان أو تركه في موعده المقرر؟ فهؤلاء سيعبر الطلاب عن رغبتهم بالتأجيل برفع الأيدي مثلاً. سيتمكن الأستاذ من معرفة ميل الأغلبية إذا كانت نسبة الأيدي المرفوعة كبيرة على نحو بارز للعيان، مثل رفع نحو 70% من الطلاب أيدهم. أما إذا كانت النسبة بنحو 50% فلن يكون له إمكانية التقرير إلا بعد عدّ الأيدي المرفوعة، وهذا سيستغرق وقتاً وقد يتعثر الأمر ويبقى السؤال معلقاً.

فهل يمكن معرفة الأغلبية بدون عدّ الأصوات؟ الجواب نعم. وذلك باستخدام الخوارزمية البسيطة الآتية: على كل شخص أن يحدد موقفه بالأغلبية آخذا بالاعتبار صوته وصوت من هو على يمنه ومن هو أمامه، أي بالتحري بين ثلاثة أصوات. فإذا كان هو موافق ومن على يمنه أو أمامه موافق أو كلاهما موافقين فيبقي في حالة موافقة. أما إذا كان هو موافق ومن على يمنه ومن أمامه غير موافق فيكون القرار هو عدم الموافقة، أي عليه أن يخفض يده. وقيام كل شخص بذلك خلال فترة وجيزة سيصل بمجموع الأشخاص إلى حالة مستقرة بيّنة تماماً بأغلبية موافقين أو غير موافقين. قد يضطر الشخص نفسه خلال تلك الفترة الوجيزة أن يبدل موقفه نتيجة تبدل موقفي الشخصين المحيطين به، ولكن الأمر سيستقر بعد برهة وجيزة. ومن ثم سنصل إلى معرفة قرار الأغلبية بدون عدّ الأصوات. وهذه النتيجة ستكون مطابقة لرأي الأغلبية في لحظة البداية حتى لو كانت أغلبية بسيطة. بمعنى أنه إذا كان عدد الأصوات الموافقة لتأجيل الامتحان هو 51% مثلاً، فسيكون الأمر بعد تطبيق الخوارزمية لعدة مرات متتالية هو مع التأجيل بما يمكن معاينته بالنظر وبدون عدّ للأصوات. وعند تكرار تطبيقها لعدد كبير من المرات على جمهور الطلاب ستقترب نسبة الموافقة من النسبة الكاملة.

يمكن توضيح ذلك باستخدام ورقة ذات مربعات، كل مربع يعبر عن تصويت طالب ما، وتلوين أصوات الموافقين باللون الأسود وترك المربعات الباقية بيضاء للإشارة إلى غير الموافقين. وإذا كانت نسبة المربعات السوداء في البداية أكثر من 50% (16 سوداء و 14 بيضاء مثلاً) واستخدام الخوارزمية السابقة سنصل إلى ورقة ملونة بالأسود. طبعاً تبقى حالة مربعات الأطراف التي لا مربع فوقها أو على يمينها فيمكن تركها على حالها كما يبين ذلك الأشكال التالية بعد تكرار العملية مرتين فقط. وهو تكرار ذاتي لا يتطلب تدخل الأستاذ الذي سيرى أن الأغلبية مع تأجيل الامتحان بعد فترة وجيزة من المراقبة.



وهكذا فيمكن للأغلبية أن تعرب عن نفسها بدون تدخل أحد. وهذه الطريقة كانت موضوع نظرية برهنها مجموعة من الباحثين في الرياضيات عام 2013 يمكن الاطلاع على البرهان على هذا الرابط، مع التمنيات بقراءة مفيدة.
                         

الاثنين، 22 أكتوبر 2018

مناجم لوريون .. قديمة قدم التاريخ

الإغريقيون والمناجم
أحد أقدم المناجم، أو منطقة مناجم، هي منطقة لوريون في اليونان، ويطلق عليها هضبة لوريون. وهذه المنطقة تقع إلى الجنوب الشرقي لأثينا، أثينا عاصمة اليونان اليوم، والدولة المدينة أيام الإغريق. وهذه المنطقة الجبلية عموماً هي منطقة غنية بالثروات المعدنية  مثل النحاس والرصاص والفضة. تقول الدراسات الأثرية بأن هذه المنطقة تحتوى على مناجم عديدة بأكثر مما تحتويه أية منطقة من مناطق العالم القديم. وتقول الدراسات بأن تاريخ العمل في مناجم هذه المنطقة يعود إلى خمسة آلاف سنة وربما أكثر. وهذا أمر يعني، من بين ما يعني، أن هناك تطوراً تقنياً حدث في تلك المنطقة لاستخراج المعادن من الفلز، وقبل ذلك كيفية الوصول إلى هذا الفلز. كما أن هذا كان يتطلب تنظيماً اجتماعياً وسياسياً يقتضيهما العمل في هذه المناجم.

وبالفعل فقد بنيت مدينة إغريقية بحالها، هي مدينة ثوريكوس، عند الجانب الشرقي لهضبة لوريون، بكل ما كانت المدينة الإغريقية تحتويه من مسرح وسوق وأماكن تجمّع، وشوارع مستقيمة وغير ذلك. وهذه المدينة قامت حول استغلال المناجم والحياة في تلك المنطقة. وفي هذه المنطقة تم العثور على العديد من شبكات منفصلة تحت الأرض شكّل كل منها منجماً مستقلاً. يبدأ المنجم بحفرة مربعة تمتد في الأرض على شكل بئر، ومنه تنطلق الشبكة سعياً وراء الفلز الحامل للمعدن. وهذه الشبكات كانت بالأحرى أفقية إلى حد ما، ولكن ممراتها كانت محدودة الارتفاع أحياناً تسمح بالكاد للعامل المستلقي على ظهره من التحرك سعياً وراء الفلز. بعض هذه الشبكات، على ما تم اكتشافه، يزيد طوله عن خمسة آلاف متر. وهذه الأنفاق أو السراديب كان يتطلب العمل فيها حل مسألة الحرارة ونقص الأوكسجين. تشير الدراسات الأثرية إلى احتمال حفر فتحات تهوية تصل بين سطح الأرض وهذه الأنفاق، ولكن لم يعثر حتى اليوم على أي من هذه الفتحات المفترضة. كما الفلز بحاجة إلى معالجة لاستخراج المعدن منه.

وتشير الكثير من الدلائل والحفريات في المدينة أو محيطها إلى قنوات وأحواض مياه كتيمة بنيت لفصل المعدن عما يحيط به من تراب أو غيره وذلك بالاعتماد على خاصية أن المعدن أثقل من التراب أو ذرات الرمل مما يجعل المعدن يرسب في المجاري أو الأحواض أما التراب أو ذرات الرمل فتحملها المياه معها إلى مسافة أبعد.

مباني الشركة الفرنسبة عام 1890
جرى العمل في هذا المناجم منذ فجر التاريخ ولكنه توسع كثيراً مع بداية دولة أثينا منذ القرن السادس قبل الميلاد وخاصة في القرن الخامس. وكان العمل في المناجم في هذه الفترة تعهد به الدولة إلى أفراد يدفعون رسوماً مقابل استئجارهم لهذه المناجم، وهذه الرسوم كانت منظمة بطريقة تجعل الدولة هي المستفيدة الأولى، وفترات هذا التأجير كانت تطول إلى مدة عشر سنوات في أكثر تقدير. وكان العمل في هذه المناجم من نصيب العبيد والصبيان كما تشير إلى ذلك قرائن عديدة. واستمر العمل في هذه المناجم أيام الدولة الرومانية ومن ثم البيزنطية واستمر حتى القرن التاسع عشر حين قامت شركة فرنسية باستغلال هذه المناجم التي توقف العمل فيها اليوم لاستنفاذ محتوياتها على مر عشرات القرون.
عبد يعمل في المنجم

وفي عام 490 قبل الميلاد اكتشف شريط فضي في هذه المناجم استخرج منه نحو 2.5 طن من الفضة كان من المفروض أن توزّع بين أهل أثينا لكن الحاكم الأعلى يومها ثيميستوكل اقترح استخدام هذه الأموال لبناء أسطول من مائة سفينة حربية خلال سنة واحدة بما سمح لأثينا من السيطرة على الشواطئ ,الانتصار على الفرس في سلامين عام 480 قبل الميلاد... شراء السلاح وإنفاق الثروات في الحروب بدأ منذ فجر التاريخ... وبانتظار أن يكون الإنسان أشد تعقلاً ويتوقف عن هذا الهراء!

الـ د ن إي... تاريخ أعضاء الكائنات

الـ د. ن. إي هو اختصار لجملة: "الحمض النووي الريبوي منقوص الأكسجين Deoxyribonucleic Acid (DNA). وهي الجزيئة المسؤولة لدى كل الكائنات، من نبات وحيوان بما فيها البكتريا والفيروسات، عن الوراثة بشكل رئيسي. فهي تحتوي على المعلومات الخاصة بالعضوية الحيّة. وهي في عملها تنتج كل البروتينات التي يحتاجها الكائن التي لها وظيفيتي: 1)ذاتية العضوي فيما يتعلق بنموه ودفاعه عن نفسه، 2) تكاثره. وعلى هذا تحتوي الـ د.ن.إي على كل المعلومات التي لها أن تولّد وتمد الكائن بالحياة. وإذا كان للـ د.ن.إي الخاصة بالإنسان أن يوضع ما تحتويه من معلومات كتابة لاحتاج الأمر إلى موسوعة مؤلفة من 500 جزء وكل جزء مؤلف من 800 صفحة.


مكان هذا الـ د.ن.إي في كل الكائنات الحية هو الخلية، ولبعض الكائنات أن تتألف من آلاف مليارات الخلايا. وهي خلايا تعيش متلاصقة تقريباً، وهي من أنواع مختلفة. فلدى الحيوان توجد خلايا تؤلف الجلد وأخرى تؤلف العضلات وغيرها للعظام...وكل خلية تتألف من غلاف واق ومن سائل يضم العديد من الجزيئات، ومن نواة. وفي نواة الخلية يكون الـ د.ن.إي. وظيفة الخلية هي التكاثر عندما يتطلب الأمر ذلك (النمو مثلاً). وتتكاثر الخلية بالانقسام مكررة نفسها في خليتين. وفي كل من الخليتين يتكرر الـ د.ن.إي نفسه. وهو المكون الرئيس لكل فرع من فرعي الصبغية.

يساعد الـ د.ن.إي في أمور كثيرة، من معرفة قرابة الكائنات ببعضها ودرجة القرابة، وكذلك ما يتعلق بإمكانية الإصابة ببعض الأمراض فهي صورة عن الكائنات، أو بالأحرى ليست الكائنات إلا صورة عنها. ومن بين الأشياء التي يمكننا التعرف عليها عبر الـ د.ن.إي هو تاريخ التكوين لدى الكائنات الحيّة. ففيما يتعلق بالكائنات الحيوانية مثلاً وتطور أعضائها التي لم تحدث دفعة واحدة كما يمكننا أن نتصور ذلك. فلا يمكن أن تتشكل الرئة قبل أن يكون هناك الفم. ولا الأطراف قبل أن يكون للكائن عينان. فالأيدي مثلاً هي قديمة جداً ويعود وجودها إلى نحو 360 مليون سنة خلت، والعينيان تعودان إلى نحو 450 مليون سنة أما رؤية الألوان فلا تعود إلا لـ 55 مليون سنة. والأنف يعود إلى نحو 40 مليون سنة. والأظافر لنحو 54 مليون سنة. وقبل ذلك فالجمجمة تعود لنحو 530 مليون سنة وكذلك فقرات الظهر. كما أن الـ د.ن.إي تخبرنا بأن بعض الأعضاء غيّرت من وظيفتها مع مرور الزمن. فحواجب العينين وظيفتها حماية العينين من عرق الجبهة ولكن أصبح لها لاحقاً وظيفة التعبير عن طبيعة الانفعالات. كما أن اللسان وظيفته في الأساس تقليب الطعام في الفم، ولكن مع تعلم الإنسان للنطق والكلام، وهو أمر حديث نسبياً، أصبح له وظيفة المساعدة في إصدار أصوات تخص الكلام.

ملاحظة: الأرقام الواردة في الفقرة السابقة مأخوذة من مجلة "البحث" الفرنسية، عدد حزيران 2018، ص 45.

الجمعة، 19 أكتوبر 2018

حمار بجلد أسد... لافونتين



ارتدى حمارٌ جلدَ أسد
فساد الخوف في الأرجاء واستبد
ومع أنه حيوان بلا بأس
لكنه جعل الناس ترتجف وتبتئس.

ولسوء طالعه انكشفت أذنه
وانكشف المخادع وسرّه
فلعلع عصا الصبي صاحبه
أما هؤلاء الذين لم ينتبهوا إلى الخديعة
دهشوا من الصبي وجرأته
الذي يُبعد الأسود عن طاحونته.

ساد لغط كبير بين نبلاء فرنسة
الذين عبرهم سرت هذه القصة.
ثلاثة أرباعهم استخدموها
للتعبير عن شجاعتهم والبسالة.

الأربعاء، 17 أكتوبر 2018

مندل الراهب... مندل عالم الوراثة

ولد يوهان مندل عام 1822 لأبوين نمساويين ضاقت بهما الحال في متابعة ابنهما للدراسة بالرغم من تفوقه. ساعده أستاذه في الحصول على منحة تقوده إلى الرهبنة والحصول على شهادة جامعية. وأُلحق بدير القديس توماس في مدينة برنو التشيكية. ولكن هذا الدير كان مركزاً للبحث والدراسة بقدر ما كان ديراً للعبادة والتنسك. وفي عام 1847 رُسِّم راهباً في الدير. وتابع دراسته بين الدير وجامعة فينا. وفي برنو أصبح مدرساً للعلوم الطبيعية في ثانويتها مع متابعته لأبحاثه في النباتات. ومن بين اهتماماته كان تحسين النوع، وهو اهتمام كان أبوه يؤكد عليه بأن تطعيم الأشجار يحسّن من إنتاجها ونوعية ثمارها. لذا أخذ يقلّب الأمر بأنواع البازلاء السريعة النمو مقارنة بالأشجار. وأخذ يبحث في مزاوجة (مصالبة) نوعين خالصين من البازلاء، لكل منهما خصائصه، ومزاوجتهما ستؤدي إلى نوع جديد بخصائص مختلفة كما كان يأمل.


الجدول1: بازلاء صفراء نقية طاغية وخضراء نقية
مستكينة وجيل أول أصفر بأكمله
الجدول2: بازلاء جيل أول ينجب جيلاً ثانياً
واحدة خضراء خالصة وثلاثة صفراء إحداها خالصة

لنهتم بإحدى الخصائص وهي اللون مثلاً. فقد زرع مندل نبتتين من البازلاء، الأولى صفراء أباً عن جد والثانية خضراء أباً عن جد، أو نقول عنهما بأنهما صفراء خالصة وخضراء خالصة. وبمزاوجة الأزهار كانت البازلاء الناتجة كلها صفراء في الجيل الأول. وهذا ما أثار استغراب مندل. فهو يعرف أن زواج شخص ببشرة سوداء مثلاً من امرأة ببشرة بيضاء يعطي أولاداً ببشرة سمراء هي مزيج بين الأبيض والأسود، فلماذا لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للبازلاء؟ وفي محاولته لفهم ذلك افترض مندل أن كل حبة بازلاء تحتوي على مورثات. وأن كلاً من هذه المورثات تتألف من فرعين، أولهما فرع طاغ والثاني فرع مستكين. بمعنى أن الفرع الطاغي يفرض نفسه على الفرع المستكين إن اجتمعا معاً. وأن تزاوج المصالبة ينجم عنه نوع جديد هو حاصل اجتماع الفرعين، على طريقة الجدول1، التي يظهر فيها أن النتيجة ستكون بازلاء صفراء في الجيل الجديد الأول وذلك لأن فرع التوريث الأصفر هو فرع طاغ، أي أنها بازلاء صفراء تحمل في مورثاتها البازلاء الخضراء. ولكن بازلاء الجيل الأول هذه تعطي عند مزاوجتها فيما بينها بازلاء خضراء واحدة مقابل ثلاث حبات صفراء، وهذا يتفق مع تفسير مندل كما تبين ذلك الجدول2.

الجدول3: الجيل الأول لفرعي توريث طاغيين
النتيجة مزيج من اللوننين
الجدول4: الجيل الثاني لجيل ناتج عن
 فرعين طاغيين. أحدهما أبيض خالص، وآخرأسود خالص
واثنان سمراوان
ولكن مندل بقي محتاراً، ذلك أن جداوله لا تفسر البشرة السمراء لأطفال الزوج الأسود والزوجة البيضاء. لكنه لم يمض وقتاً طويلاً للعثور على الإجابة. والجواب هو في سؤال: ماذا لو كان طرفا الزواج المتصالب بفروع وراثية طاغية؟ الناتج سيكون مزيجاً من الاثنين في الجيل الأول كما يظهر ذلك في الجدول3. أما في الجيل الثاني الناتج عن الجيل الأول فسيكون الأمر غير ذلك كما يظهر في الجدول4.

يمكن متابعة ما سيحدث في الأجيال القادمة بالطريقة نفسها. وكذلك يمكن النظر في مواصفات أخرى غير اللون مثل تجعّد حبة البازلاء أو كونها ملساء، أو طول ساق البازلاء الخضراء وطول ساق البازلاء الصفراء وغير ذلك. وهذه النتائج تمثل قانوني مندل في الوراثة، الأول والثاني.. ولكن نظرية مندل بالرغم من تطابقها مع الكثير من الوقائع إلا أنها لا تفسر كل شيء. فالقطة السوداء بزواجها من قطة بيضاء لن تعطي قطة رمادية دائماً ولكن أحياناً، وربما غالباً، قطة مرقطة من الأبيض والأسود... للطبيعة قوانينها، أو بالأحرى هي بلا قوانين وإنما تتصرف كما تشاء وكما يحلو لها...

لا نعرف الكثير عن حياته الشخصية، فكل أوراقه الشخصية أتلفها الراهب الذي احتل غرفته بعد وفاته عام 1884 وكان فيها كل مراسلاته الشخصية ونتائج أبحاثه ومسوداته. وما نعرفه أتى مما ترك من كتب ومقالات ومعلومات مدونة في الدير أو الجامعة عنه... وكذلك للرهبان قوانين وقواعد وأمزجة أيضاً.



الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018

التفريق بين الحيّ وغيره

مَنِ الحيّ ومَن غير الحيّ؟ يبدو الأمر بسيطاً في ظاهره، إذ يمكن إسناد ذلك إلى بعض خصائص الكائن الحي وتميّزه بها عن غيره. فمثلاً للكائن الحي خاصية الحركة، وفي هذا تتميز الكائنات من حيوانات أو نبات عن باقي الموجودات. ولكن الأرض والكواكب والنجوم والأجرام كلها تتحرك، وتتحرك من "ذاتها"، فهل يمكن أن يطلق عليها صفة الحياة؟ إذا كان الأمر بهذا المعنى فسيكون للسيارات ذاتية القيادة أن تتمتع بصفة الحياة! لا يبدو ذلك معقولاً. والشجرة حيّة بالرغم من أنها تبدو جامدة في مكانها ولكنها تنمو وتكبر وتعطي ثماراً وتموت. وكذلك الإسفنج الذي يبدو جامداً في مكانه لعشرات ومئات السنين، وهو أقرب للجامد في مظهره، ولكنه حي يرزق.

جرت العادة على تقسيم الموجودات على الأرض في ثلاث ممالك هي: المملكة الحيوانية والمملكة النباتية والمملكة الجامدة. وقيل عن هذه الأخيرة بأنها غير حيّة ولكن دون تحديد كيف يمكن التفريق بين الحيّ وغيره. ومع مرور الوقت اخترع الإنسان المجهر وحسّن فيه جداً إلى أن بلغ المجهر الإلكتروني الذي يسمح برؤية جسيمات متناهية في الصغر. وهنا كان اكتشاف البكتريا، وهذه البكتريا لا يتجاوز طولها 10 ميكرونات (الميكرون هو جزء من الألف من الميليمتر، وهو بالنسبة للميليمتر كمثل هذا الأخير بالنسبة للمتر). وهذه البكتريا موجودة في كل مكان، منها السيئ المسبب للأمراض ومنها المفيد في الطعام وغيره. وهي خلية من أصغر الخلايا على الإطلاق، وهي بدون نواة، ولكنها قادرة على التكاثر بسرعة هائلة، فهل هي من صنف الأحياء أم لا؟

شجرة الحياة
وضع العاملون في اختصاص البيولوجيا (علم الحياة) ثلاثة معايير تعرّف الكائن الحي اعتمدتها وكالة الفضاء الأمريكية الناسا:
الأول: قدرة الكائن على الاستجابة إلى المؤثرات الخارجية من حرارة وبرودة وكل الظروف المحيطية. وهذا ما نشعر به عن تقريب يدنا من النار مثلاً. وكذلك الأمر بالنسبة لنبتة في غرفة التي ستتوجه فروعها بالأحرى نحو الضوء الخارجي أكثر منه نحو الظل والعتمة. وكذلك الأمر بالنسبة للبكتيريا التي تنمو في الأوساط المناسبة لها.
الثاني: التبادل مع الوسط الخارجي. فالكائنات الحية تتغذى وتولد الطاقة اللازمة لها وتتخلص من مخلفاتها لمتابعة الحياة ، وهذا ينطبق على كل الكائنات المعروفة من حيوان ونبات وبكتيريا وفيروسات.
الثالث: القدرة على التكاثر على نحو ذاتي.

هناك من يقدم تعريفاً آخر بأن الحي هو من يكون له الصفات الآتية: 1) القدرة الذاتية على البقاء عبر التعامل مع الوسط الخارجي من غذاء وطاقة وتنفس وطرح فضلات. 2) التكاثر الذاتي. 3) التنظيم الذاتي، من وظائف التنسيق بين مكونات الكائن نفسه والمزامنة وضبط التفاعلات. 4) القدرة على التطور مع مرور الوقت.

وفي كل الأحوال فإن الكائنات الحية كلها، من الإنسان إلى النبات إلى الخلية تعود إلى أصل واحد لا تزال البكتريا الشاهد الأقدم على ذلك والتي يعود وجودها إلى أكثر من ثلاثة مليار سنة كما تقول ذلك شجرة الحياة... والأصل الأصل في كل حياة هما الماء والهواء، ومع هذا لا تنطبق عليهما صفة الحياة!


الاثنين، 15 أكتوبر 2018

النساء أطول عمراً من الرجال!

لا يزال قصب السبق في طول العمر في يد النساء. فأطول الناس عمراً، ممن يُعرف تاريخ ولادتهم وتاريخ وفاتهم بشكل دقيق، هي الفرنسية جان كالمان التي توفيت عن عمر 122 سنة، تلتها الإيطالية إيما مورانو التي امتدت حياتها لنحو 117 عاماً ثم الأمريكية سوزانا موشات... وكلهن من النساء. ولدخول نادي المعمرين لأكثر من 110 أعوام فعلى ما يبدو أن ذلك من حظ النساء وليس للرجال إلا فيما ندر، مع أنهن يحملن لقب الجنس الضعيف. وهذا الأمر شبه عام في العالم من حيث المجتمعات والثقافات بالرغم من أنهن الأكثر معاناة في الإنهاك الجسدي يبدأ من العمل الجسدي إلى الإنجاب وتربية الأولاد الأكثر إنهاكاً!


أجريت دراسات عديدة للوقوف على سبب ذلك. واتجه البحث نحو الهرمونات المتمايزة جنسياً وبالتحديد هرمون الأوستروجين المتوفر لدى النساء بأكثر من الرجال. يفرزه المبيضان في الأكثر واسمه مشتق من المبيض في اللاتينية، وتفرزه الخصيتان في الأكثر لدى الرجال ولكن بكميات أقل بكثير. ويعزى إليه دور كبير في تحديد النوع، فهو المسؤول عن بروز الثديين وتنظيم الدورة الشهرية. ويظهر أثره لدى النساء في وقايتهن من أمراض الأوعية القلبية وكذلك نعومة البشرة، وتوقف أو تراجع أفرازه عند بلوغهن سن اليأس هو المسؤول الأكبر عن تعكر المزاج. وهو المسؤول الأكبر عن الحفاظ على نهايات الصبغيات في الخلية المسؤولة عن الحفاظ على المورثات أثناء تكاثر الخلايا. ولكن هذه النهايات تذبل مع التقدم في العمر، وهي ضرورية لعمل وتكاثر الخلايا. وذبولها يقود إلى خلل في وظائف الخلايا أو إلى سرطنتها. وهذه النهايات تدوم لدى النساء بأكثر مما تدوم لدى الرجال. وتقول الدراسات بأن هذه النهايات لدى امرأة بلغت الخمسين تعادل مقابلاتها لدى الرجال ممن هم في الاثنين والأربعين من العمر. ولكن العلاقة بين الأوستروجين ونهايات الصبغيات في الخلية ونضارة هذه النهايات هو حتى الآن في حكم الفرضيات. إذ أن هناك من يؤكد أن هذه النضارة ترتبط إلى حد كبير وسنوات الحياة الأولى دون أن نعرف حتى الآن كيف يكون ذلك.

يقول بعض الباحثين بأن مسألة طول العمر معقدة للغاية، فمن أسابها الأمر البيولوجي بالتأكيد، ولكن أيضاً هناك الأمر الاجتماعي والسلوكي اليومي. والتميز البيولوجي لدى المرأة يأتي أولاً من كونهن المسؤولات الأول عن التكاثر، من إنجاب وعناية وتربية. وهذا الأمر فيما يبدو له حصته في إطالة العمر الملاحظ وسطياً لدى إناث كل الكائنات. كما أن للنساء ميزة وراثية تتمثل في أن صبغيتي خلاياها هي من نوع واحد هو x. فإن أصاب إحداها تبدّل ما فإن الثانية تقوم بالتعويض، أي أن التبدلات أكثر مناعة لدى النساء منها لدى الرجال الذين تقوم خلاياهم على صبغيتين مختلفتين x و y. كما أن الصبغية x أكثر قدرة على توليد الأنزيمات المضادة للأضرار الناجمة عن الجذور الحرة من الصبغية y. أي أن للأنثى إمكانيات دفاع داخلية أعلى مما لدى الرجال. كما أن حجم المرأة عامل بيولوجي في إحداث فارق بين الرجال والنساء، فارق يترجم في النهاية في الضغط الشرياني والإجهاد القلبي وما إلى ذلك. وهو فارق ينجم عنه عموماً مدة زيادة تتراوح بين السنتين والستة وفقاً للمجتمعات.

خلاصة القول هي أننا لا نعرف السبب على نحو قاطع إلى اليوم، ولكنه فارق إحصائي من مرتبة الثلاث إلى أربع سنوات، تقول الدراسات الإحصائية أيضاً إنه إلى انكماش ولكن لا شيء يعد بالمساواة... ومع هذا تطالب المرأة بالمساواة، ولكنها مساواة في أمور أخرى سببها ظلم الرجل لها... أما الأخرى فهي من ظلم أو عدالة الطبيعة التي لا قانون لها.