بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 يونيو 2017

الصوم، جزء من تاريخ الإنسان

الصوم هو الامتناع الطوعي عن الطعام وقد يترافق مع الامتناع عن الشراب أيضاً. وقد يكون الصوم جزئياً لبعض الوقت من النهار مثل صوم رمضان، أو قد يكون امتناعاً عن بعض أنواع الطعام لفترة محددة من السنة مثل الصوم الكبير الذي يسبق عيد القيامة أو عيد الفصح. وقد يكون الصوم تاماً لفترة من الزمن غير محددة بالضرورة لأسباب مختلفة، دينية أو صحية أو سياسية، وفي الحالة الأخيرة يأخذ ذلك اسم الإضراب عن الطعام.

ومن وجهة نظر فيزيولوجية فإن الصيام يبدأ فعلياً بعد ست ساعات من تناول آخر وجبة. والصيام على هذا يحرّض آليات تكيف فيزيولوجية. وهذا التكيف هو الموروث لسيرورة بطيئة من التطور. فالقدرة على تخزين الاحتياطي بفاعلية عالية مترافقةً مع الاستعمال الفعال لهذه المواد الغذائية المخزنة في جسم الإنسان، سمحت للإنسان بالبقاء حياً وحتى لنموه ضمن ظروف غير مواتية دائماً من وجهة نظر غذائية. هذا الحال من صعوبة الحصول على الغذاء (شبه الصوم الإجباري) كان هو السائد في العالم حتى وقت قريب ولا يزال في بعض الدول والمناطق، وخاصة تلك التي تهددها المجاعات. أي أن تناول الوجبات الغذائية بانتظام هو أمر حديث العهد. وفي الواقع فإن مواردنا الوراثية تبدو أقل تكيفاً مع وفرة الغذاء منها مع نقصه. وعليه فإن من الطبيعي أن يلاقي الجسم صعوبات عندما لا يصوم ذلك أن تطورنا قادنا إلى مقاومة النقص في الغذاء! ولكن هذا لا يعني أن للجسم إمكانية مقاومة النقص الحاد الذي يمكن أن يضع حداً للحياة.

بيّنت تجارب عديدة على الحيوانات أن تقنين الطعام غير المبالغ فيه يزيد من عمر العديد من الأنواع الحيوانية مثل الفئران والجرذان وبعض أنواع القردة، كما أن بعض الدراسات أظهرت أن مثل هذا الصوم يخفض من الأذى الذي يصيب الحمض النووي الريبوي منقوص الأوكسجين (د. ن. إي). كما بينت دراسات أخرى على أن الصوم -الامتناع الكامل عن الطعام-لبعض الوقت يمكن أن يكون أداة مقاومة للعديد من الإصابات مثل السكري والربو والقصور القلبي والحساسية والسرطان بحسب الطبيب الإيطالي الأمريكي فالتر لونغو.


وفي غير هذا فإن الصوم هو فرض ديني في الكثير من الديانات، الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية. ولدى هذه الأخيرة له دور مساعد في التنسك والتصوف. والصوم في كل هذه الأديان قد يكون متكرراً في السنة كما قد يكون نذوراً أو تقرباً إلى الخالق. كما أن الصوم أو الإضراب عن الطعام قد يكون لغايات سياسية أو احتجاجية، بعض منها أودى بأصحابها إلى الموت. من أشهر المضربين عن الطعام المهاتما غاندي والمغربية سعيدة منبهي التي ماتت عام 1977 في الدار البيضاء بعد 34 يوماً من الإضراب عن الطعام احتجاجاً على موقف المغرب من استقلال الصحراء الغربية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق