بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 أبريل 2016

برج بابل... وتعدد الألسنة



 Afficher l'image d'origine
تتحدث الأديان السماوية وأساطير كثيرة لشعوب عديدة عن الطوفان الذي أصاب الأرض في غابر الزمان وعن إنقاذ نوح وزوجته الحياة على الأرض بقاربهما الذي حمل زوجاً من كل نوع من الأحياء لكي تستمر الحياة بعد انحسار الماء. وبصرف النظر عن تفاصيل الحكاية، إلا أن سؤالاً بقي عالقاً. فبعد رسو سفينة نوح وعودة الحياة إلى سابق عهدها، كان أهل الأرض، نوح وذريته، يتكلمون لغة آدم نفسها، ولكن للناس لغات وألسنة مختلفة، فكيف حدث هذا؟

هنا يروي العهد القديم أن الناس أرادوا أن يبنوا مدينة في أرض سومر، وفي قلب المدينة رغبوا ببناء برج يصل إلى السماء، والتواصل مباشرة مع الرب. كان الناس يتكلمون لغة واحدة، يتفاهمون بها في قضاء أعمالهم. وعندما علم الرب بما هم ماضون فيه، لم يدمر برجهم جزاء فعلتهم، ولكنه قضى بأن يكون لكل مجموعة منهم لساناً/لغة مختلفاً عن المجموعة الأخرى، وبهذا منعهم من متابعة مشروعهم لعدم قدرتهم على التفاهم، ولم يتمكنوا من إتمام بناء البرج، وتفرقوا في الأرض.

هناك رواية أخرى تقول بأن الملك الصياد نمرود (المتمرد) هو أصل القصة. وهو أول ملك من أحفاد نوح، وأنه هو من جاء بفكرة البرج وبنائه وتجميع الناس في مدينة بابل بعكس رغبة الرب الذي كان يريدهم أن ينتشروا في أرجاء الأرض. وهناك من يقول بأن أهل مدينة بابل أرادوا بناء برجٍ تخليداً لذكرى ملكهم نمرود الذي بدأ بناء مدينتهم وكان موته مفاجئاً وقاسياً.

هناك أيضاً روايات أخرى، إما عن بابل وبرجها أو تعدد الألسن. وبالرغم من ادعاء بعض النصوص الدينية أو غيرها عن هذه المدينة وأصولها فإنه من الثابت الآن أن اسم "بابل" هو من اللغة الأكادية والذي يعني "باب إيل" وإيل هو إله السماء، ومن ثم فإن اسم هذه المدينة يعني "باب إله السماء"، وربما أن هذه التسمية هي التي أوحت بالأسطورة.

أما عن تهدم البرج فالبعض يقول إن ذلك حدث بعد تفرق الناس دون انتهاء مشروعهم ومن ثم أخذ في التهاوي، والآخر يقول بزلزال دمره، وآخرون يقولون بأن الأسكندر الأكبر أراد إعادة بنائه، فأمر بتفكيك الآجر لاستعماله في بناء البرج الجديد، ولكن المنيّة وافت الاسكندر ومات المشروع معه.

زقورة في إران الحالية
لا يذكر الإسلام شيئاً عن البرج وإنما ذكر اسم بابل مرة واحدة في سورة البقرة في مقام لا يمكن أن يفهم منه أن المقصود هو مدينة بابل نفسها، وليس هناك أي ذكر لبرجها، وكذلك الأمر في لسان العرب الذي يذكر المدينة في العراق دون الحديث عن برجها.

من وجهة النظر التاريخية لا يوجد أي أثر لما يمكن أن يسمى ببرج بابل، ومن ثم فهذا البرج هو أسطورة خالصة، ولكن هناك ما يسمى "الزقورات" التي هي في حضارات العراق القديمة أماكن للعبادة عبارة عن مبان من عدة طبقات يقام في آخر طبقة منها المعبد الأساس!

بقي أن نقول إن من حسن طالع الناس أنهم تكلموا لغات متعددة، ففي هذا ثراء في التعبير والتفكير، وهذه اللغات التصقت بكل ما أحاط متكلميها من طبيعة وثقافة، ومع هذا فحبذا لو من لغة يتفاهمون بها جميعاً وبدون ترجمات مثل "الاسبرنتو".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق