بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

هل هي نهاية حيادية الإنترنت؟

ما هي حيادية الإنترنت أولاً؟ عرّف المحامي الأمريكي تيم وو Tim Wu حيادية الأنترنت network neutrality  في مقال نشره في مجلة "قانون التقانة العالية والاتصالات" عام 2003 بأنه مفهوم يقوم على فكرة أن تدفق المعلومات لا يمكن أن يُوقف ولا يمكن تشويه المعلومات ولا منحها أية أفضلية خاصة عبر مشغلي الاتصالات.

وكما هو معروف فإن الإنترنت تصل إلى حواسيب الناس عن طريق مزودي خدمة الإنترنت في كل بلد، فالمقال الذي تقرأه الآن مرّ بالضرورة عن طريق مزود الخدمة الذي يرتبط به جهازك الذي تقرأ منه. وهو لديه كل التجهيزات اللازمة لوصلك بكل الحواسيب التي تحتوي على صفحات الوب التي تهم الناس على اختلاف ميولهم والمعلومات التي يبحثون عنها أو المواقع التي يريدون الوصول إليها. ومقابل هذه الخدمة فإننا ندفع رسوم اشتراك وفق إيقاعات ورغبات كل بلد وضمن قواعده الناظمة لوصول هذه الخدمة للناس. والحيادية هنا تفرض على مزودي الخدمة عدم التدخل في رغبات الناس وما يريدون من الإنترنت وعدم القيام بأي شيء يجعلهم يعطون امتيازات لمواقع دون أخرى، وهذا ما يتفق مع رؤية مؤسس الإنترنت الفيزيائي "تيم بيرنرز لي".

لكن مزودي الخدمة يحتجّون منذ عدة سنوات على أن بعض المواقع يحتاج الارتباط بها إلى ضخ كمية كبيرة من المعلومات (البتات) مثل موقع يوتيوب الشهير وكذلك مواقع الأفلام السينمائية، وعموماً مواقع الفيديو. لذا فإن مزودي الخدمة هؤلاء يطالبون اليوم بأن تكون هناك رسوم إضافية على الاتصال بهذه المواقع التي تحتاج إلى ضخ كبير من المعلومات وبسرعات عالية. وهم يقولون أنه من أجل عدد ثابت من مستخدمي الإنترنت فإن نسبة الزيادة في الضخ المطلوب هي بحدود 20% سنوياً، وهذا يتطلب منهم تجديد أجهزتهم دائماً حتى تتوافق مع احتياجات زبائنهم، ولهذا كلفة مستحقة بالتأكيد. ولكن طلبهم هذا سيؤدي إلى نوع من المواقع المتاحة لكل الناس ونوع أخرى يقتضي النفاذ إليه بدفع رسوم إضافية. وهذا يعني أن حيادية الإنترنت ستكون في خبر كان وأنه سيكون هناك طبقتان من الناس المتصلين بالإنترنت، طبقة المتصل بكل شيء وطبقة المتصل بجزء أقل، وهؤلاء سيحصلون على ما يريده مزودو الخدمة فقط. وهو أمر يشتمل على مخاطر كثيرة تضع الفكرة التي قامت عليها الإنترنت والوب في مهب الريح.

قاوم الرئيس الأمريكي أوباما طلب مزودي الخدمة الأمريكيين، وسانده في ذلك عمالقة الوب الذين يرون في طلب المزودين إمكانية تدخلهم مستقبلاً فيما يمكن أو لا يمكن على الإنترنت في بلد ما وفي كل مكان. ولكن الإدارة الحالية تفضل مسايرة طلبات مزودي الخدمة والتغاضي عن حيادية الإنترنت. أما الأوربيون فإنهم مع حيادية الإنترنت وهم يحضرون قوانين بهذا الخصوص بالرغم من أن شركات في بريطانيا والبرتغال أخذت في إضافة رسوم إضافية على من يريد الاتصال ببعض المواقع الفيديوية...

ولكن أليس من الأفضل البحث عن حلول أقل كلفة والاستمرار في تقدم خدمة تراعي حيادية الإنترنت وتجعل الناس سواسية في الوصول إلى أي موقع من مواقع الوب!... قد يكون لغوغل يوماً الكلمة الفصل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق