بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 ديسمبر 2017

البربِر... الليبيون الأمازغيون الطوارق والنوميد

البربرشعب عاش تاريخياً في المنطقة الممتدة بين جزر الكناري وحتى أواسط مصر دون أن يشكل عرقاً مستقلاً بذاته بالرغم من أن عيشه هو في مناطق تعود إلى أول الزمن كما يقول الرواة. وحتى المؤرخون لا يعرفون بالضبط متى سكن البربر هذه المناطق ولا من أين أتوا. يقول المؤرخون إن الأسرتين الفرعونيتين الثالثة والعشرين والثانية والعشرين تتحدران منه. وأشهر ممالك البربر مملكة النوميد ومكانها غربي تونس وشمال الجزائر وعاصمتها سرطة. أسسها ماسينيسا في بداية القرن الثاني قبل الميلاد. وكان من بين ملوك النوميد ملوك اشتهروا عبر التاريخ مثل غايا وجوبا الأول وجوبا الثاني وملكات مثل تيهيا وتين هنان. أرجعهم ابن خلدون إلى كنعان ابن شام ابن نوح، ولكن هذه روايات الأقدمين. آخر الدراسات المستندة إلى لغاتهم وإلى مورثاتهم كشفت بما يشبه اليقين أنهم أتوا في الأصل من منطقة بين الحبشة وإيرتيريا، صعدوا ضفاف النيل ثم توجهوا نحو شمال أفريقيا. بدأ ذلك منذ قرابة عشرين ألف سنة.
مناطق عيش البربر حالياً، المنطقة الزرقاء للطوارق

كان للإغريق بعض المستعمرات على شواطئ شمالي أفريقيا، ولكن الرومان ما انفكوا عن محاولة السيطرة على هذه الشواطئ. كان ذلك جلياً في حروبهم مع القرطاجيين وتدميرهم لقرطاجة، كما أن مملكة النوميد لم ترق لهم فحاولوا مراراً تدمير هذه المملكة. كما عرفت هذه المنطقة في القرن الخامس غزو قبائل الفاندال القادمة من إسبانيا، وهي قبائل كانت في جنوب روسيا، ولكن لم يتمكنوا من البقاء إذ قاومهم البربر وهزموهم شر هزيمة، بعد أن كان الفاندال قد كسبوا معارك ضد الرومان. واحتلوا روما أيضاً! وكان من بين لقى الموت على يد الفاندال في بلاد البربر القديس أوغسطينوس عام 430م. وبعدهم احتل البيزنطيون بعض شواطئ شمال أفريقيا. وفي كل الأحوال كان البربر يعيشون في الجبال أكثر من عيشهم في السهول والشواطئ التي تعاقب عليها جيوش وحضارات مختلفة.

دخل العرب إلى المغرب العربي في القرن السابع الميلادي، وهو "الفتح" الذي احتاج إلى زمن طويل مقارنة بالفتوحات العربية الأخرى. فقد بدأت أولى المحاولات نحو 645 ميلادية ولم يكتمل خضوع المغرب للدولة الأموية إلا في نهاية القرن السابع. أولى المحاولات الهامة كانت مع عقبة بن نافع وآخرها مع موسى بن نصير، وبين الإثنين كانت هناك محاولات عديدة واجهوا فيها البيزنطيين أولاً ثم البربير الذين قاموا دخول العرب، استمر ذلك نحو خمسين سنة. ومن أشهر المقاومين الملكة الكاهنة تيهيا التي قُتلت على يد العرب، بعد أن خسر العرب بقيادة عقبة بن نافع آخرمعاركه ضد البربير أيام هذه الملكة.

قرية بربرية في جبال الأطلس
انكمشت مناطق عيشهم الحالية، إذ يعيش معظمهم اليوم في الجزائر والمغرب. ويقدّر عددهم اليوم بنحو 38 مليون، وإن كان مثل هذا التقدير صعب التحقق، ذلك أن الكثيرين ممن يقولون بأنهم من أصول أخرى، عرب مثلاً، لا يمكنهم التأكيد من أنهم لم ينتسبوا في لحظة ما إلى البربر في تاريخهم الأسري. كان العرب أقلية يوم دخولهم المغرب، وانطلقوا مع البربر لفتح إسبانيا وبناء الأندلس، ولم تُعرف هجرات لاحقة للعرب إلى تلك المناطق، لذا يمكن القول بدون الوقوع في خطأ كبير أن معظم سكان شمال أفريقيا تعود أصولهم إلى البربر. أما الإغريق والرومان والفاندال فلم يكن لهم اختلاط يذكر مع البربر إلى في مناطق محدودة.
أمازيغي مغربي

للبربر لغتهم الخاصة بهم وهي اللغة الأمازيغية، عرفت هذه اللغة أبجدية صامتة في القدم، ولكنها اندثرت، ومنذ نحو قرن بدأ إحياء هذه الأبجدية. لا تعرف لهم كتب أو كتابات. يدينون في أغلبيتهم بالإسلام، وفي باية اعتناقهم الإسلام اتخذوا جانب الخوارج، الذين تناقص عددهم فيما بعد، تاركين مكانهم للمذهب السني، وليبتعدوا للعيش في منطقة المزاب. أما عن سبب تسميتهم بـ"البربر" فهناك تأويلات كثيرة، يجتمع أغلبها على أنهم سموا كذلك من قبل الآخرين من إغريق ورومان، لأنهم كانوا يتحدثون لغة غير مفهومة بالنسبة لهؤلاء الإغريق أو الرومان. وأول من استخدم هذه التسمية في الكتابات العربية هو ابن خلدون، وعلى ما يبدو أنه ساند المفهوم الإغريقي والروماني بتفسيره أن هذا يعود إلى فعل "بربرَ"، أي قال كلاماً غير مفهوم!... عرفوا في التاريخ بالنوميد وقبل ذلك سماهم المصريون بالليبيين، هناك تسميات مختلفة بحسب المنطقة، فهم الأمازيغيون وهم الطوارق وهم القبيليون وهم الشيليحيون والشاويون... وفي كل الأحوال فهم شعب له ثقافته الخاصة التي يجب المحافظة عليها بدل محاولة طمسها، ففي هذا ثراء وثروة للإنسانية وللبشر أجمعين.... موسيقاهم وغناؤهم من روائع الفن.
أسرة أمازيغية من المغرب

هذه الورقة محاولة للتعريف، وهي ناقصة جداً ولكن الموضوع يحتاج إلى كتاب بحاله. في مقدمة ابن خلدون معلومات كثيرة عن البربر، وكذلك في الموسوعات الحرة الإنكليزية والفرنسية التي استمدت منها معظم معلومات هذه الورقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق