بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 أغسطس 2018

هيروشيما وناغازاكي...هل كانت القنبلة النووية فعلاً ضرورة؟

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية إبان الحرب العالمية الثانية مشروعاً عُرف باسم "مانهاتن" لبناء قنبلة نووية في سباق مع ألمانيا النازية التي كانت قد باشرت برنامجها النووي عام 1939 عقب اكتشاف الانشطارالنووي. والمشروع الأمريكي بدأ في السنة نفسها ولكن العمل الجاد فيه لم يبدأ إلا في عام 1942 بعد دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية بسبعة أشهر. وشارك منذ حينها أمريكا في هذا البرنامج كل من كندا وبريطانيا. كما شاركت فيه مخابر أمريكية وصناعات مختلفة كل منها في جانب من جوانب إنتاج القنبلة النووية. ولإنتاج هذه القنبلة سار البرنامج باستخدام نوعين مختلفين من المواد المشعة هما: اليورانيوم والبلتونيوم. وقنبلة النوع الثاني تم تجربتها في السادس عشر من تموز عام 1945، أي بعد استسلام ألمانيا النازية، وذلك في منطقة ألاموغوردو في الولايات المتحدة. أما قنبلة النوع الأول فلم تجر تجربتها قبل استخدامها الفعلي.


استخدمت قنبلة النوع الأول في السادس من آب عام 1945 على مدينة هيروشيما، وبحسب تقديرات حديثة العهد فإن عدد قتلى هذه القنبلة زاد عن 200 ألف من عدد سكان أكثر بقليل من 300 ألف. وتم تدمير كل شيء تقريباً في هذه المدينة. أما مدينة ناغازاكي فقد استهدفت بعد ثلاثة أيام، أي في التاسع من آب مخلّفة وراءها نحو 70 ألف من القتلى بالرغم من أن القنبلة من النوع الثاني أشد وطأة من الأولى. فمدينة ناغازاكي تحيط بها بعض التلال مما ساهم في تخفيف الأثر التدميري للقنبلة، وكذلك التباعد بين البيوت مما خفف من حجم الحرائق مقارنة بهيروشيما.
ناعازاكي بعد القنبلة


كان من المقرر إلقاء قنبلة ثالثة  كانت قيد التصنيع على مدينة أخرى في نهاية شهر آب. كما كانت القيادة الأمريكية تعد لإنتاج ثمانية قنابل بحلول تشرين الثاني عام 1945. ولكن إلقاء القنابل توقف مع استسلام اليابان الذي أعلنه الإمبراطور هيروهيتو في الرابع عشر من آب عازياً ذلك إلى الدمار الذي خلفته القنبلتان النوويتان وخاصة لدى المدنيين الأبرياء ولأن الاستمرار في الحرب لا يعني إلا دمار اليابان بالكامل.

ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف الدراسات والتحليلات النقدية لاستخدام القنبلة النووية ضد اليابان التي كانت على وشك الاستسلام بشكل طبيعي نظراً لتآكل قوتها الكبير خاصة بعد استسلام ألمانيا النازية وتصويب الولايات المتحدة الجزء الأكبر من قوتها ضد اليابان. أضف إلى ذلك أن الاتحاد السوفيتي كان قد اتخذ قراراً بالاتفاق مع الأمريكان والبريطانيين في يالطا بإعلان الحرب على اليابان فور انتهاء معاركه مع ألمانيا. وهذا ما حدث عقب انهيار المباحثات بين السوفييت واليابانيين وقرار ستالين بدخول الحرب ضد اليابان في مطلع آب نفسه وتقدم الجيش السوفيتي واحتلاله منشوريا بسهولة كبيرة. فهل كان استخدام القنبلة النووية مبرراً فعلاً أم أن وراء ذلك كانت هناك رغبات أخرى؟

من بين هذه الرغبات ربما توجيه رسالة للعالم، وخاصة إلى الاتحاد السوفيتي، عن القوة التدميرية التي بحوزة الأمريكان. ولكن إذا كان الأمر كذلك فلماذا استخدام قنبلتين وليس قنبلة واحدة فقط؟ البعض يقول لأن القرار اتخذ يومها من قبل القيادة العسكرية باستخدام القنبلتين اللتين كانتا بحوزة الجيش الأمريكي وأنها كانت ستستخدم القنبلة الثالثة في الفترة نفسها لو كانت جاهزة. والبعض الآخر يقول بأن تأخر قرار الإمبراطور في إعلان الاستسلام كان السبب بالرغم من أن الإمبراطور كان على قناعة بضرورة الاستسلام منذ اليوم الثاني لإلقاء القنبلة على هيروشيما ولكن إعداد قرار الاستسلام كان بحاجة لبعض الوقت لحصوله على موافقة أجهزة الدولة المعنية.

وكرد على استخدام القنبلة النووية على هيروشيما بالرغم من الانهيار الواضح للجيش الياباني، فإن بعض المؤرخين يقولون بأن الحسابات التي أجرتها القيادة العسكرية الأمريكية تقول بأن عدد الجنود الأمريكان الذين كانوا سيقتلون في أية عملية إنزال أمريكية على الشواطئ اليابانية كان أكبر مما تقدر الولايات المتحدة على تحمله!... المسألة لا تزال بين أخذ ورد، ولكن كما قال أحد المعارضين لاستخدام القنبلة النووية يومها: لو كانت ألمانيا هي من استخدمت القنبلة النووية لحوكم مستخدموها في محاكم نورمبرغ ولعلقت مشانقهم بتهمة الجريمة ضد الإنسانية!... القوي هو من يصوغ القيم ويسوّغ الآثام ويسنّ القوانين التي تناسبه... ولا تزال البشرية في طور التوحش بالرغم من كل التقدم التقاني والعلمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق