بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 أبريل 2018

الانشطار النووي ... تخصيب اليورانيوم

كما يشير العنوان فالأمر يتعلق بنواة الذرة، ولا يتعلق بإلكتروناتها التي يظهر دورها الرئيسي في التفاعلات الكيمائية. أما في "التفاعلات" النووية فيكون للنواة ومكوناتها الدور الأول. وكلمة انشطار في اللغة العربية تعني الانشقاق والانقسام إلى عدة أقسام. ويكون الانشطار في حالة نظائر المواد وليس المواد نفسها وذلك بسبب عدم استقرار النظائر الناتج عن زيادة عدد النيترونات على عدد البروتونات. وفي بحثها عن الاستقرار تصدر إشعاعات متحولة إلى مادة جديدة كما هو الحال في الكربون 14 وتحوله إلى نيتروجين.

وهذا التحول يترافق بقدر بسيط للغاية من الطاقة، أما في المواد الثقيلة فيترافق ذلك مع إصدار إشعاعات مثل إشعاع ألفا، وهذا الإشعاع هو جسيمات تتألف من بروتونين ونيترونين. وهذه هي الحال مثلاً في حالة الراديوم (وله 88 بروتوناً و 138 نيتروناً) الذي يتحول إلى رادون (عدد بروتوناته 86 ونيتروناته 136) ويطلق جسيم ألفا (الذي يتألف من بروتونين ونيترونين). أما لماذا يكون السير نحو الاستقرار بهذه الطريقة فهذه قصة أحرى نعود إليها يوماً عند الحديث عن الإشعاعات.

ولكن الانشطار يمكن أن يكون أيضاً بفعل فاعل، ودائماً في حالة نظائر الذرات الثقيلة. فاليورانيوم 235 (يحتوي على 92 بروتوناً و143 نيتروناً) هو نظير مشع، ولكن إشعاعه طويل الأمد من مرتبة مئات ملايين السنين. وهذه الذرة، عند صدمها بنيترون تنشطر إلى ذرتين هما الباريوم 140 والكريبتون 93، ويتحرر كذلك ثلاثة نيترونات والكثير من الطاقة. وهذه الطاقة المتحررة هي الأساس في الطاقة النووية، سواء لمفاعلات توليد الكهرباء أو القنبلة النووية. وهذه الطاقة هي تلك التي كانت تربط النواتين الجديدتين (الباريوم والكريبتون) في نواة واحدة سابقة هي نواة اليورانيوم 235. وللنيوترونات الثلاثة المتحررة أن تصدم ثلاث ذرات يورانيوم أخرى ليعاد السيناريو نفسه وتزداد كمية الطاقة المحررة، وسيتكرر الأمر من جديد مرات ومرات لنحصل على طاقة هائلة في نهاية المسلسل.

الطاردات المركزية
يبدو الأمر سهلاً، ولكنه في الواقع أعقد من ذلك في بعض التفاصيل الفنية، ولكن هذا هو المبدأ. إلا أن الصعوبة الكبيرة هي في الحصول على اليورانيوم 235 السهل الانشطار (يمكنه الانشطار بشكل شبه تلقائي)، وهذه السهولة هي سبب استعماله في الانشطار النووي. وفي الواقع فإن وجود فلز اليورانيوم في الطبيعة ليس بالأمر النادر، وهو متوفر بأكثر من الفضة. ولكن نسبة اليوارنيوم 235 فيه قليلة وهي: 0.7202% فقط، أي أنه من كل كيلوغرام من اليوارنيوم يوجد نحو 7 غرامات من اليورانيوم 235. ومن ثم فإن مسلسل الاصطدام المذكور في الفقرة السابقة لن يتحقق بفاعلية مفيدة. أما اليوارنيوم 238 فيشكل أكثر من 99%، ولكن انشطار هذا الأخير ليس بالسهولة نفسها.

لذا يتم تخصيب اليورانيوم. بمعنى زيادة نسبة اليورانيوم 235. وهذا يتم بواسطة الطاردات المركزية حيث يتم التخلص نسبياً من اليورانيوم 238 الأثقل. ومن المقبول في المفاعلات النووية التي تولد الكهرباء أن تكون هذه النسبة بين 3% و 5%فقط. أما من أجل القنبلة النووية فيجب أن تكون نسبة اليوارنيوم 235 بما لا يقل عن 80%... وبهذا يمكن أن نفهم بعض الجوانب الفنية الخاصة بحصول إيران على الطاقة النووية أو القنبلة النووية... وقانا الله جميعاً من شرها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق