بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 سبتمبر 2018

الاستقلاب... الأيض!

كلمتان في العربية لأمر واحد هو metaolism في الإنكليزية المشتقة من كلمة يونانية تعني "التغيّر"، التي يُقصد بها مجموعة التفاعلات الكيميائية داخل الجسم العضوي لاستدامة الحياة. وهذه التفاعلات تنحصر في تحويل الغذاء إلى طاقة ضرورية لعملية بناء الخلايا، وكذلك في بناء مكونات البروتين والدهون والأحماض النووية وبعض الكربوهيدرات وكذلك التخلص من البقايا النيتروجينية. أي أننا نتحدث هنا عن عمليات تحول، استهلاك وبناء، لذا يمكن تفضيل كلمة استقلاب على كلمة أيض التي لم نعثر على أصل لها في قواميس اللغة العربية.

وهذا الاستقلاب إنما يتم في الخلية، أية خلية حيّة لأي كائن حيّ. أي أنها مسألة كيمائية تجري في خلايا الكائن الحيّ لذا فإن قسم العلوم الذي يهتم بها هو قسم الكيمياء الحيوية. وعملية الاستقلاب تتألف في الواقع من عمليتين، الأولى: الاستقلاب البنائي Anabolism وهي عمليات البناء التي تجري في العضوي مثل تخزين الدهون أو إنتاج الهرمونات أو بناء العظام إثر كسر. والثانية: هي الاستقلاب الاستهلاكي Catabolism وهي التفاعلات داخل خلايا العضوي التي تنحو إلى استهلاك ما هو موجود من دهون وطاقة. وإذا كانت العملية الأولى تساهم في زيادة الوزن فإن الثانية تساهم في تخفيف الوزن. وإذا كنا في المحصلة ممن يتزايد وزنهم فإن هذا يعني أن الاستقلاب البنائي أكثر من الاستقلاب الاستهلاكي. ومع تراجع الكتلة العضلية لدى البعض فإنما هذا يدل على أن الاستقلاب الاستهلاكي أكبر من الاستقلاب البنائي. وفي الواقع فإن الاستقلاب هو عملية مغلقة متوازنة تماماً، بمعنى أن كل ما لا يستهلك يخزّن وفي خلال فترة ما من الزمن فإن كل المحصلة الاستقلابية لكائن ما ستكون معدومة، بمعنى أن كل ما يدخل إلى هذا الكائن من غذاء وسعات حرارية خارجية سيتحول بالكامل إما إلى كتل من دهون أو عضلات أو غير ذلك، أو سيتحول إلى طاقة عضلية أو حرارية أو نشاط خليوي الخ.


وعلى هذا فإن الاستقلاب هو سلسلة لا تتوقف من عمليات التركيب والتفكيك. فإذا حدث مثلاً ونقص البروتين في الكائن العضوي، فسيقوم بتركيب ذلك بالحصول على الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنتروجين (الآزوت) الموجودة في الدهون، وهذه العناصر ستستخدم في ظروف أخرى لتخزين الكربوهيدرات على شكل دهون. وسبب هذا أن الكائنات لا تتناول الطعام بلا توقف والجهد الذي تبذله ليس منتظم، أي أن على الكائن أن يتكيّف مع الأوضاع كما تكون. أي عليه أن يخزن ما قد يحتاج إلى حين الحاجة... المشكلة أنه قد يخزن بأكثر مما سيحتاج وهذا ما يظهر مع التقدم في العمر.

كل هذه العمليات تجري كما أسلفنا داخل الخلية حيث تستخدم الخلية جزيئة أولية تتحول داخلها إلى جزيئة جديدة بواسطة الأنزيمات. وبفضل هذه الأنزيمات فإن كل خلية ستقوم بمئات العمليات الكيمائية في الآن نفسه. وبعض الجزيئات الجديدة ستحتاج إلى عشرات التفاعلات يشارك في كل منها أنزيم محدد. وهذه التفاعلات تكون إما بهدف التركيب (الاستقلاب البنائي) أو التفكيك (الاستقلاب الاستهلاكي). أما الطاقة اللازمة لهذه العملية فيكون الحصول عليها من الغلوكوز (سكر العنب) الصغير الحجم جداً والذي له أن يتواجد في كل مكان ويتحول إلى طاقة بسهولة، كما يمكن بناؤه بسهولة في كل خلية بدون استثناء. والعملية تحتاج إلى المياه والأملاح المعدنية. فجفاف الخلية الكامل يؤدي إلى موتها، ونقص الأملاح يساهم في الجفاف ووجودها ضروري لدخول وخروج الجزيئات من الخلية وللتفاعلات الكيمائية داخل الخلية. النقص فيها كما الزيادة يؤدي إلى خلل في عمليات الخلايا. فزيادة البوتاسيوم في خلايا القلب تعني توقفه عن العمل. كما تحتاج هذه العمليات إلى الفيتامينات التي يحرّض وجودها عمليات كيميائية معقدة، فالنقص في فيتامين ك سيؤدي إلى تباطؤ في التخثر، وانعدام وجوده سيؤدي إلى النزيف المؤكد. وبما أن الخلايا تختلف فيما بينها فإن لكل منها عمليات استقلاب مختلفة، والفيتامينات هي التي ستقوم بدور الرسول المعرف في كل خلية لعملياتها الاستقلابية الأساسية.... هذا شرح مبسّط، وبعض التبسيط مضلل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق