بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 17 أغسطس 2016

قواعد اللغة العربية - الكفاف/الممنوع من الصرف

الممنوع من الصرف

     الممنوع من الصرف: اسمٌ لا يُنَوَّن نحو: [سافر إبراهيمُ]. وإذا جُرَّ جُرَّ بالفتحة نحو: [مررتُ بمدارسَ جديدةٍ]. غير أنه يُصرَف فيُجَرّ بالكسرة، إنْ عُرِّف بـ[ألـ]، أو تلاه مضاف إليه نحو: [مررت بالمدارسِ] و[مررت بمدارسِ البلدِ].
     بعد هذه القاعدة الكلية، دونك الممنوعات من الصرف، وهي:
     1- كل علَمٍ مؤنّث حروفه أكثر من ثلاثة (1)، نحو: خديجة وزينب...
     فإذا كان ثلاثة أحرف ساكن الوسط عربياً، جاز صرفه ومنعه الصرف، نحو: [سافرت هنْدُ + هندٌ]  و[رأيت هندَ + هنداً]  و[مررت بهنْدَ + بهندٍ]. 
     تنبيه ذو خطر: إنّ قصْد المتكلم هو الحَكَم - في صرف العَلَم ومنعه الصرف - كلما كان محتمِلاً للتذكير والتأنيث.
     [نجاح وصباح] مثلاً، مما يسمى بهما المذكر والمؤنث، ولذلك تصرفهما إن أردت مذكراً فتقول: [جاء نجاحٌ وصباحٌ مسرعَيْن]، وتمنعهما الصرف إن أردت مؤنثاً فتقول: [جاءت نجاحُ وصباحُ مسرعَتَيْن].
     وأسماء القبائل، نحو: [تميم وهُذَيْل...] تصرفها إن أردت جَدَّ القبيلة، فتقول مثلاً: [جاء بنو تميمٍ وبنو هذيلٍ]، وتمنعها الصرف إن أردت القبيلة، فتقول: [أقبلتْ تميمُ وهذيلُ].
     وكذلك أسماء المواضع والبلدان: نحو [عكاظ]، تصرفها باعتبارها مكاناً فتقول: [مررت بعكاظٍ]، وتمنعها الصرف، باعتبارها بلدةً أو أرضاً، فتقول: [مررت بعكاظَ].
     2- كل علَمٍ أعجميّ، حروفه أكثر من ثلاثة، نحو: إبراهيم ويوسف وأنطون...
     3- كل علَمٍ مزيدٍ في آخره ألفٌ ونون، نحو: [عدنان] فإنّه من عَدَنَ بالمكان، (إذا أقام به). و[مروان] فإنه من [المرْو] (ضرْبٌ من الحجارة)(2).
     4- كل علَمٍ مركب من كلمتين جُعِلَتا كلمةً واحدة، نحو: [بعلبك = بعل، بك]،    و[حضرَمَوت = حضر، موت]. 
     5- كل علَمٍ وزنُه مقصورٌ على وزنِ الفعل نحو: [يزيد]، أو مشتَرَكٌ بين الفعل والاسم وسُمِعَ استعماله ممنوعاً من الصرف، نحو: [أحمد](3) .
     6- كلمة: [أُخَرُ] جمعاً لـِ [أُخرى] نحو: [سافرت المعلمات ونساءٌ أُخَرُ].
     7- /15/علَماً، على وزن: [فُعَل]، ليس في العربية سواها، وأكثرها لا يستعمل اليوم، هي: [عُمَر - مُضَر - قُزَح - جُحَى - زُحَل - زُفَر - بُلَع - هُذَل - هُبَل - ثُعَل - جُشَم - جُمَح - دُلَف - عُصَم - قُثَم].
     8- كل اسمٍ(4) مزيدٍ في آخره ألفٌ مقصورة، أو ألفٌ ممدودة:
     فالمقصورة، نحو: [تؤلمني ذكرى امرأةٍ حبلى رأتْ جرحى وقتلى](5).
     والممدودة، نحو: [زارنا علماءُ عظماءُ، رأوا شعراءَ وأطبّاءَ، معهم أصدقاءُ لهم، يمرّون مِن صحراءَ إلى بيداءَ](6).
     9- ماكان من الأسماء وزنُه: [أَفْعَل](7)، سواء كان:
     صفةً، نحو: [أحمر وأخضر وأزرق]. 
     أو علَماً، نحو: [أحمد وأسعد وأكرم].
     أو اسمَ تفضيل، نحو: [أفضل وأكرم وأحلم].
     10- كل اسمٍ وزنُه مفاعل أو مفاعيل(8):
      فمن الأول: [مدارس - شواطئ - روائع]. ومن الثاني: [مفاتيح - عصافير - دواوين].
     11- وزْن مَفْعَل وفُعال: 
     وهما وزنان منعتهما العرب من الصرف، واستغنت بهما عن تكرار الأعداد - مِن واحد إلى عشرة - مرّتين، واستعملتهما كما ترى في الأمثلة الآتية: 
     سافر  الناس أُحادَ      أو      مَوْحَدَ          أي: واحداً واحداً.
       =     =   ثُناءَ      أو      مَثْنَى           أي: اثنين اثنين.
       =    =    ثُلاثَ     أو      مَثْلَثَ          أي: ثلاثةً ثلاثةً.
     وهكذا... حتى عُشارَ ومَعْشَرَ، أي: عشرةً عشرةً. وقد يكررون فيقولون: مثنى مثنى، وثُلاث ثُلاثَ، إلخ...
 *        *        *
 نماذج فصيحة من استعمال الممنوع من الصرف
   ·   قال مجنون ليلى (الديوان /227):
فلو كان واشٍ باليمامة دارُهُ           وداري بأعلى حضرموتَ اهتدى ليا
     [حضرموتَ]: علَمٌ مركَّبٌ تركيباً مزجيّاً من كلمتين، هما في الأصل: [حضر، موت]، وقد مُنِع من الصرف لذلك، فجُرّ بالفتحة، وهو في البيت مضاف إليه.
   ·   وقال جميل بثينة (الديوان /113): 
أبوكَ حُبابٌ سارقُ الضيفِ بردَهُ            وجَدِّيَ يا حجّاجُ فارسُ شَمَّرا
     [شمّر]: علمٌ، وزنُه [فعَّل]، وهو أحد الأوزان المقصورة على الفِعْل، وقد مُنع من الصرف لذلك، فجُرّ بالفتحة. وهو في البيت مضاف إليه.
   ·   وقال جرير (الديوان /1021):
لم تتلفّع بفضل مئزرها          دعدٌ، ولم تُسقَ دعدُ بالعلبِ
     [دعْد]: علمٌ عربي مؤنث، ثلاثيّ ساكن الوسط، فيجوز فيه وجهان: صرفُه ومنعُه الصرف. وقد جاء به الشاعر على المنهاج: مرةً مصروفاً: [دعْدٌ]، ومرةً ممنوعاً من الصرف: [دعْدُ].
   ·   ]ونادى نوحٌ ربّه فقال ربِّ إنّ ابني من أهلي[ (هود 11/ 45)
     [نوحٌ]: علم أعجميّ منوّن مصروف، وإنما صُرِف وهو أعجميّ، لأنه ثلاثيّ الأحرف. والعلم الأعجميّ إنما يُمنع من الصرف إذا كان زائداً على ثلاثة أحرف.
   ·   قال العباس بن مرداس (الديوان /112): 
وما كان حصنٌ ولا حابسٌ         يفوقان مِرداسَ في مَجْمَعِ
     [مرداسَ]: علمٌ، حقُّه أن يُصرَف فيُقال هنا: [مرداساً]، لأنه في البيت مفعولٌ به. وإنما منعه الشاعرُ من الصرف، فقال: [مرداسَ] خروجاً على القاعدة، لضرورة شعرية كما يقولون. ولو قال: [مرداساً] لانكسر الوزن.
   ·   ]وقال الذي اشتراه من مصرَ لامرأته أكرمي مثواه[  (يوسف 12/21) ومثل ذلك   ]وقال ادخلوا مِصرَ إن شاء الله آمنين[(يوسف 12/99) 
     [مصرَ]: مُنعت من الصرف في الآيتين، على أنها علمٌ على موضع: مدينةٍ أو بلدةٍ أو محلّةٍ أو منطقةٍ... ولو أريد بها بلدٌ ما، من البلدان، أو مصرٌ ما من الأمصار، أو إقليم ما من الأقاليم، لصُرِفت فقيل: [مِن مِصرٍ] و[ادخلوا مصراً]. ومن هذا أنك تقول: زُرتُ أمصاراً شتى، مصراً بعدَ مصرٍ، فكان أعجب ما شاهدتُ أهرام مصرَ.
   ·   ]إنْ هي إلاّ أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ... [ (النجم 53/23)
     [أسماءٌ]: اسم مصروف، منوَّن، وذلك أنّ الهمزة في آخره غير زائدة، بل أصلها الواو، أي: [أسماو]. وليس كذلك شأن [كرماء] مثلاً، فإنّ الهمزة فيه زائدةٌ، ولذلك يُمنَع من الصرف فلا ينوّن. وتلخيص المسألة: أنّ ما كانت همزته زائدة نحو: [كرماء وشهداء...] يمنع من الصرف فلا ينوّن. وما كانت همزته غير زائدة، نحو: [أسماء وأعضاء...] والأصل: [أسماو، أعضاو...] يُصرَف فَيُنَوَّن.
   ·   ]ومَن كان مريضاً أو على سفرٍ فعِدّةٌ من أيامٍ أُخَر[ (البقرة 2/185)
     [أُخَر]: جمعٌ ممنوع من الصرف مفرده كلمة [أُخرى]. وليس في العربية صفةٌ، وزنها [فُعَل]، ممنوعة من الصرف، غيرها. ولذلك تحفظ وتستعمل كما جاءت. ودونك من ذلك آيةً أخرى:
   ·   ]يوسفُ أيُّها الصدّيقُ أفتِنا في سبع بقرات سمانٍ يأكلهنَّ سبعٌ عجافٌ وسبعِ سنبلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابسات[ (يوسف 12/46) 
   ·   قالت فاطمة الزهراء، ترثي أباها رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم:
ماذا على مَن شمَّ تُربةَ أحمدٍ        ألاّ يَشمَّ مدى الزمان غواليا(9)
     [أحمدٍ]: علمٌ، صُرِف فنُوِّن، لضرورة شعرية، وكان حقُّه أن يُمنَع من الصرف لأن وزنه: [أَفْعَل]، وهو وزنٌ مشترَكٌ بين الفعل والاسم سُمِعت منه أعلام ممنوعة من الصرف، نحو: أسعد وأخطب وأيمن.

العودة إلى البحوث

 


1- لا فرق في ذلك بين مؤنث حقيقي، نحو: [زينب وفاطمة]، ومؤنث لفظي، نحو: [طلحة وحمزة ومعاوية]، وبين عربي، نحو: [سعاد وسميّة]، وأعجميّ، نحو: [جولييت وكلود]. فالمؤنث ممنوع من الصرف، ما عدا نحو: هنْد ودعْد... فيجوزأيضاً صرفه، كما ذكرنا في المتن.
2- إن لم يكن علماً، نحو: عطشان وسكران وجوعان،كنتَ بالخيار: إنْ شئتَ صرفت وإن شئت لم تصرف.
3- وزْن الأعلام: [صالحٍ وسامرٍ وغالبٍ...] مشترك بين العلمية، وفعلِ الأمر: [صالحْ - سامرْ - غالبْ]، ومع ذلك لا تُمنَع هذه الأعلام ونحوُها من الصرف، فلا يقال مثلاً: [رأى صالحُ سامرَ في بيت غالبَ] بل يقال: [رأى صالحٌ سامراً في بيت غالبٍ] إذ لم يُسمع علمٌ وزنه: [فاعل]، مستعملاً ممنوعاً من الصرف.
4- نوجه النظر هنا، إلى ما بين العلم والاسم من فرق، فالعلم هو ما تسمّيك أمُّك به، نحو: خالد وسعيد ومحمد... وأما الاسم فهو ما ليس فعلاً ولا حرفاً، نحو: كتاب وقلم وسماء وأرض وطاولة وتلميذ ومعلم وشجرة وصديق...


5- إنما حكمنا بزيادة المقصورة هاهنا، لأن الأصل: ذكر - حبل - جرح - قتل. وأما نحوُ: [فتىً وعصاً] فليس ممنوعاً من الصرف، إذ الألف فيهما ليست زائدة، فالأصل في الأول [فتي] وفي الثاني [عصو]. يدلُّك على ذلك، قولك في تثنيتهما: [فتيان وعصوان].
6- حكمنا بزيادة الممدودة هاهنا، لأن الأصل: علم - عظم - شعر - طبب - صدق - صحر - بيد. ويحسن التنبيه على أن: [سماء ودعاء وبناء ونحوها...] ليست ممنوعةً من الصرف، إذ الهمزة فيها ليست زائدة، ففي [سماء ودعاء] أصلها الواو، أي: [سمو ودعو]. وفي [بِناء ومَشّاء] أصلها الياء، أي: [بني ومشي].
7- يستثنى من ذلك كلمتا [أربع] و[أرمل] فإنهما تُصْرَفان، فيقال مثلاً: مررت بنساءٍ أربعٍ ورجلٍ أرملٍ.
8- هكذا تقول كتب النحو، وأدقّ من ذلك أن يقال: [كل اسمٍ إيقاع وزنِه مفاعل //5/5 أو مفاعيل //5/55] لكي يدخل في التعريف، ما أوّلُه ميم، نحو: [مدارس وملاعب ومناشير ومسامير...]، وغير الميم، نحو: [شواطئ وروائع وعصافير ودواوين...]. 
9- الغوالي: جمعُ غالية، وهي أخلاطٌ من الطيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق