بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أكتوبر 2015

رؤية؟ رؤية...إدغار موران



 يروي الاجتماعي والفيلسوف الفرنسي إدغار موران الحادثة الآتية:

كنت متجهاً، منذ أشهر خلت، نحو متحف العلوم والإنسان الباريسي، وعندما كنت أستعد لعبور شارع "أساس" عند تقاطع راسبيل/شيرش-ميدي/أساس، رأيت سيارة تعبر الشارع حين كانت إشارة المرور حمراء، لتصدم راكب دراجة نارية كان يعبر الشارع بهدوء وإشارة المرور خضراء. تتوقف السيارة وخرج منها سائقها وهرعت كي أشهد لصالح الضحية الذي كان يحاول الوقوف بصعوبة بالغة.

Afficher l'image d'origineولكن سائق السيارة قال إن راكب الدراجة كان يعبر الشارع عندما كانت إشارة المرور حمراء وهو من صدم سيارته. كيف ذلك؟ ففيما يتعلق بلون الإشارة أدركت أنني لست متأكداً، أما فيما يتعلق بالصدمة فقد رأيت السيارة تصدم الدراجة. وأراني سائق السيارة تشوه جانب السيارة الخلفي اليساري بتأثير الصدمة. فسيارته هي التي أصيبت وهو ما لم ينفيه راكب الدراجة الجريح.

وعلى الفور فهمت أن إدراكي الحسي رُتِّب على أساس منطق بسيط: بما أن الصغير قد ضُرب، والكبير هو من يضرب الصغير، وعليه فالسيارة صدمت الدراجة. وكنت متأكداَ أني رأيت كل شيء جيداً، ولكن بعد لحظات شوه البرهان المادي ذاكرتي. وهكذا اختبرت بنفسي تلك الظاهرة المعروفة جيداً، التي تحدثت عنها في كتاب سابق: المُركّب الوهمي للإدراك الحسي. وهذه تجربة عامة لاستنتاج مثل هذه الأخطاء للإدراك الحسي لدى شهود حوادث السير. وباستثناء حوادث واضحة جداً مثل صدم سيارة لعابر طريق في منطقة عبور المشاة، والاختلاف في الروايات من شاهد إلى آخر لا يعود فقط إلى زاوية الرؤية وإلى وجود عامل مرئي بالنسبة لأحدهم دون الآخر، ولكن يتعلق بالصدمة الانفعالية والحالة العاطفية.

لذا، علينا الحذر في رواية حتى ما نشاهده بأعيننا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق