بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 أكتوبر 2015

بدئ الشعر بملك وختم بملك!

يذكر ابن رشيق القيرواني في كتابه “العمدة في محاسن الشعر وآدابه” أن من أقوال العرب: بدئ الشعر بكندة وختم بكندة (يعنون امرؤ القيس وأبا الطيب) فيما يقول آخرون منهم الصاحب بن عباد: بدئ الشعر بملك وختم بملك (يعنون امرؤ القيس وأبا فراس الحمداني) وآخرون يقولون: بل رجع الشعر إلى ربيعة فختم بها كما بدئ بها (يعنون مهلهلاً وأبا فراس).

أبو فراس الذي ختم الشعر به هو الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي ولد عام ٣٢٠هـ قُتل أبوه وهو صبي ابن ثلاث سنين فربته أمه تحت عطف ابن عمه وزوج أخته سيف الدولة الحمداني صاحب حلب. استقر في حلب وتعلم فيها الأدب والفروسية، ولاه ابن عمه منبج وصحبه في قتاله للروم . أسره الروم مرتين، هرب من أسره الأول بعد سنين وافتداه ابن عمه سيف الدولة من أسره الثاني بعد تباطؤ. نظم في سجنه شعراً جميلاً أطلق عليه اسم “الروميات” ومنها قصيدته الشهيرة: أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَـةٌ:
أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي

مَعاذَ الهَوى ما ذُقتِ طارِقَةَ النَوى
وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ

أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا
تَعالَي أُقاسِـمكِ الهُمومَ تَعالَي

أَيَضحَكُ مَأسـورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ
وَيَسـكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ

لقد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً
وَلَكِنَّ دَمعي في الحَوادِثِ غالِ

توفي سيف الدولة بعد افتداء أبي فراس من الأسر بسنة وولي الحكم بعده ابنه أبو المعالي. دخل أبو فراس حمص ـ طمعاً بالاستيلاء عليها أو خوفاً من استيلاء مولى أبي المعالي التركي فرعويه على الحكم ـ فأرسل إليه أبو المعالي جيشاً يوقفه وقتل أبو فراس في المعركة عن عمر يناهز السادسة والثلاثين. جمع ابن خالويه شعره بعد وفاته وشرحه.

ومن قصائده الشهيرة القصيدة التي مطلعها "أراك عصي الدمع" والتي غنتها أم كلثوم بألحان مختلفة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق