بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 يناير 2018

المماليك...نوعان وبعضٌ من خمسين سلطاناً

كما يشير الاسم، فكانوا مملوكين لجهة ما استخدمتهم لصالحها، خاصة في الحرب والقتال. وبالفعل فقد كانوا، بحسب لغة اليوم، ميليشيات من العبيد استخدمهم الحكام المسلمون للدفاع عنهم، ولكنهم انتهوا بالوصول إلى السلطة واحتفاظهم بها منذ عام 1250 مع المعز آيبك، إلى أن انتهى حكمهم عام 1517 مع هزيمتهم أمام العثمانيين في مرج دابق قرب حلب ومقتل قانصوه الغوري، وكذلك إعدام الأشرف طومان باي في القاهرة.

بدأ تجنيدهم منذ القرن التاسع أيام الدولة العباسية مع الخليفة المعتصم من مناطق التركمان والقوقاز، وأوروبا الشرقية السلافية وروسيا. كانوا يخضعون لتدريب عسكري قاسٍ منذ صغرهم ليصبحوا جنوداً تدفع لهم رواتب من الخليفة أو الحاكم. وكان لهم أن يحتلوا مراتب في الجند مكنتهم من الوصول إلى مراكز هامة في الدول التي تعاقبت الحكم في الدولة الإسلامية. ولكنهم لم يُعرفوا بدور كبير في السلطة قبل دورهم في مصر.

وفي مصر اشتراهم السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب صغاراً، ودربهم واعتنى بهم ليكونوا عوناً له، فانقلبوا على زوجته شجرة الدر بعد وفاته واستلموا الحكم إبان الحملة الصليبية السابعة التي أرادت احتلال دمياط بهدف الوصول إلى القاهرة، ولكن هذه الحملة انتهت في دمياط بأسر قائد الحملة الفرنسي لويس التاسع. 

كان هؤلاء المماليك الذين اشتراهم الصالح أيوب من أصلين مختلفين، أولهما التركمان الذين أسكنهم في جزيرة الروضة في النيل التي تفصل القاهرة عن الجيزة، وأطلق عليهم اسم المماليك البحرية، وثانيهما الشراكسة الذين أسكنهم القلعة وأطلق عليهم اسم المماليك البرجية. 

أراضي السلطة المملوكية البحرية
حكم المماليك البحريون مصر وسورية جزءاً من العراق والجزيرة العربية بين عامي 1250 و 1382، أما المماليك البرجية فحكموا بين 1382 و 1517، حيث انتقلت السلطة بعد ذلك إلى العثمانيين. بعض سلاطينهم استمر بهم الحكم طويلاً، مثل الظاهر بيبرس (1260-1277)، ومنهم من لم يمض في السلطة عاماً واحداً. وبحسبة بسيطة نجد أن وسطي بقاء السلطان في الحكم هو قرابة خمس سنوات. استمر وجودهم في الأقاليم أثناء الحكم العثماني كأمراء تابعين للدولة العثمانية، بين بغداد والجزائر، إلى أن قضى عليهم نهائياً محمد علي باشا عام 1811.

كان للماليك دور هام في إخراج آخر الصليبيين من المنطقة العربية، وقبل ذلك استطاعوا إيقاف الزحف المغولي باتجاه مصر وإيقافه عقب معركة عين جالوت في فلسطين. كما تركوا الكثير من الآثار العمرانية من مدارس وجوامع ومصحات، تعرف بالفن المعماري المملوكي. ولكنهم كانوا في صراع دائم على السلطة فيما بينهم. فأثناء حصار تيمورلنك دمشق، غادرها الجيش المملوكي تاركاً إياها لمصيرها نظراً لاحتدام الصراع في القاهرة على السلطة!

مملوكي مصري بثيابه العادية في نهاية القرن الثامن عشر


بقي أن نقول أنه عقب احتلال نابليون لمصر وهزيمته للمماليك، عاد بعضهم وانضموا إليه وغادروا مصر مع جيشه إلى فرنسا، وشكلوا فرقة خاصة بهم، شاركت في كثير من حملاته ومعاركه في أوروبا. شاركوا أيضاً في قمع ثورة مدريد عام 1808، وكانوا سبباً إضافياً في كراهية الإسبان لنابليون لرفض هؤلاء أن يكون المسلمون بين محتليهم. قتل آخر فرسان المماليك في مرسيليا فيما عرف بـ"الذعر الأبيض" عام 1815 عقب سقوط نابليون ... وأثناء الإمبراطورية الفرنسية الثانية (1852-1870)، استخدم اسم المماليك في فرنسا للتعبير عن تسلط نابليون الثالث وأتباعه. 

هناك تعليق واحد: