بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 فبراير 2016

أرخميدس... الأسطورة والحقيقة

هو العالم الإغريقي الشهير، من مواليد مدينة سراقوسة الواقعة على الشاطئ الجنوبي الشرقي لجزيرة صقلية. ولد في العام 287 قبل الميلاد وتوفي فيها عام 212 قبل الميلاد أيضاً. لا نعرف الكثير عن حياته. كان والده فيدياس من المهتمين بالفلك، ولا نعرف إن كانت له زوجة أو أولاد. وأول المعلومات المكتوبة عنه تعود إلى القرن الثاني الميلادي، أي إلى أكثر من أربعة قرون بعد وفاته. هو من معاصري إيراتوستين الذي حسب محيط الكرة الأرضية. وأغلب الظن أنه درس في مدرسة الإسكندرية الشهيرة في تلك الأيام. كان من المقربين من هيرون الثاني ملك سراقوسة، وقدم له خدمات جليلة إلى أن احتل الرومان بقيادة مارسلوس الجزيرة. قتل الرومان أرخميدس، وهناك أكثر من رواية لقتله، كلها ضعيفة.

هناك إجماع على الكثير من اختراعاته واكتشافاته. من بينها الكثير مما يعود إلى الرياضيات والهندسة. وأجرى حسابات دقيقة لنسبة محيط الدائرة إلى قطرها، أي العدد "بي" وأعطى تقديرا جيداً لهذه النسبة، فهي أكبر من 22/7 وأصغر من 223/71. كما حسب سطوح وحجوم الكرة والأسطوانة وغير ذلك.

Afficher l'image d'origine
أرخميدس يحرك الأرض من مكانها باستخدام العتلة
Afficher l'image d'origine
استخدام البزال اللانهائي لرفع المياه
قام بدراسات هامة في الميكانيك السكوني وفسّر مبدأ العتلة واخترع نظام البكرة لشد الأثقال وخاصة على السفن أو لشد السفن نفسها. وهذا ما دفعه للقول يوماً بأنه باستخدام البكرة سيكون قادراً على تحريك الأرض إذا توفرت له نقطة ثابتة في الفضاء يعلق عليها بكرته. وهناك من يقول إن قوله هذا يعود إلى العتلة وليس إلى البكرة! وكان قبل ذلك قد اخترع المسننات الميكانيكية، وكذلك البزال اللانهائي الذي يمكن استخدامه لرفع المياه من الأنهار. كما أنه اخترع المنجنيق الذي كان له الفضل في رد الرومان عن مدينته. فقد كانت المناجيق تمطر الرومان بالأحجار الكبيرة والسريعة التي كانت تدخل الهلع إلى قلوب الجنود، هذا غير الفتك بهم. ولم يتمكن الرومان من احتلال المدينة إلا عند استغلالهم ليوم كان الضباب فيه كثيفاً.

ومن بين أهم ما ينسب إليه من اكتشافات هو مبدأ دافعة أرخميدس. الذي يمكن ترجمته بأن الأجسام الطافية تزيح من الماء ما يساوي وزنها، وأن الأجسام التي لا تطفو وإنما تغوص إلى القعر فإن ما تزيحه من الماء يتناسب مع حجمها. وحول هذا المبدأ بنيت أسطورة أن الملك هيرون الثاني أراد منه أن يكتشف طريقة تسمح بالتأكد من أن تاجه هو من الذهب الخالص وليس ممزوجاً بالفضة أو القصدير. تقول الأسطورة أنه بينما كان أرخميدس في حوض الاستحمام يفكر في مسألة الملك انتبه إلى مسألة طفو جسمه في الحوض، وانتبه إلى أن الأجسام كلها لا تطفو بالطريقة نفسها، وهنا خرج أرخميدس من حوض المياه مسرعاً، عارياً، في شوارع سراقوسة يصيح أوريكا، أوريكا، أي وجدتها، وجدتها.
Afficher l'image d'origine 
هذه الحكاية هي من نسج خيال راويها ولا يمكن أن يكون لها أية صلة بالحقيقة، لسبب بسيط أن الفارق بين تاج الذهب الخالص والتاج الممزوج لن يكون بالشيء الكبير الذي كان للأدوات المستعملة في أيام أرخميدس أن تكشفه. هذا غير مسألة الربط بين جسمه الذي طفا قليلاً في حوض الاستحمام واكتشاف مفهوم قوة أرخميدس الدافعة، وهو ربط يحتاج إلى وقت طويل جداً، أضف إلى ذلك أن مبدأ الطفو كان معروفاً تماماً خاصة في بناء السفن!!... كل ما هنالك أن الملك كان قد طلب منه سفينة كبيرة، وهو ما حدث وكان اسم هذه السفينة، الأكبر في ذلك الوقت، هو "سيركوزيا" باسم مدينته، وهنا احتاج أرخميدس ربما أن يعمق معرفته في قوانين الطفو فتوصل إلى مبدأ قوته الدافعة!

بقي أن نقول إن هناك الكثير من القصص التي تنسب إلى أناس معروفين في التاريخ، العلمي وغيره، لا علاقة لها بالحقيقة. وبقي أيضاً أن نقول إن أرخميدس هو أول من سخّر المعرفة لخدمة الحاكم، أو لخدمة الحرب... فهل يستحق التمجيد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق