بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 فبراير 2016

أمبرتو إيكو... المفكر الروائي


توفي المفكر الإيطالي أمبرتو إيكو في يوم التاسع عشرة من شباط عام 2016 عن أربعة وثمانين عاماً. يحمل إيكو شهادة الدكتوراه في الفلسفة، واهتم في قضايا علمية عديدة منها دراسات القرون الأوروبية الوسطى، وكذلك السيمائية (دراسة الإشارات ومغازيها) التي أصبح واحداً من روادها وله نظريات فيها. كما اهتم بشؤون أخرى ذات صلة بالعلوم الإنسانية من بينها التواصل الجماهيري. كل هذا جعل منه واحداً من أهم المفكرين الأوروبيين المعاصرين.

وغير اهتماماته هذه التي جعلت منه موسوعة متنقلة، فقد قادته معارفه إلى الاهتمام بالرواية من داخل المعارف، فكتب روايته الأولى وله من العمر 48 عاماً، بعنوان "اسم الزهرة" عرفت نجاحاً عالمياً هائلاً وترجمت إلى أكثر من أربعين لغة من بينها العربية. سخّر في روايته هذه معارفه عن فترة القرون الوسطى ومعارفه في السيمائية ليصوغ رواية عن فترة كانت المسيحية فيها منقسمة بين أتباع البابا في روما والإمبراطور لويس الرابع إمبراطور الإمبراطورية المقدسة. تدور أحداث الرواية في أبرشية يجري فيها البحث عن سبب وفاة أحد الرهبان، وتتحول الرواية إلى رواية بوليسية بالمعنى المعاصر ولكنها مفعمة بالتاريخ والمعاني والإشارات. 

ليس للاسم علاقة مباشرة بأحداث الرواية، وكان إيكو متردداً بإعطائها اسم "دير الجرائم"، ولكنه لم يفعل لأن مثل هذا العنوان سيشير إلى صلب أحداث الرواية ويفقدها الكثير من الإثارة، لذا اختار هذا الاسم إلى حد ما ليقول إن الأشياء تندثر ولا يبقى منها إلا أسماؤها. 

كما كتب رواية ثانية نالت نجاحاً عظيماً أيضاً، عنوانها "نواس فوكو" التي كتبها في عام 1988، وهو عنوان مستمد من النواس الشهير الذي صممه الفيزيائي الفرنسي فوكو لإثبات دوران الأرض دونما حاجة إلى مراصد أو مشاهدات خارجية، وهذا العنوان رمز لسر مغلق بالنسبة للمتعصبين فكرياً. تدور أحداث الرواية حول سردية لشخص شغوف بالغرائب والعجائب التي لا يمكن فهمها، والذي يتخيل مع اثنين من أصدقائه مخططاً عالمياً للسيطرة على العالم. وفي خلال ذلك يصف الكاتب أحداثاً كثيرة تعصف بالعالم في لحظات من التاريخ بسخرية وخيال فائقين.

إضافة إلى رواياته، فله كتب عديدة تتعلق بالأدب والتأويل والترجمة وفن السرد. وفي غير ذلك فقد كان كاتباً مواظباً في الصحف والمجلات، يكتب فيها عن مواضيع الساعة. ألقى محاضرات كثيرة، كأستاذ جامعي وكمفكر، وشارك كذلك في حوارات مع مفكرين من ثقافات مختلفة. وكان عضوا في الكثير من المنتديات الفكرية الدولية.

بقي أن نقول إن هدف أمبرتو إيكو في الكتابة كان كما يقول: البحث عن المعنى واستخراجه حيث لا يكون الاهتمام إلا في رؤية الوقائع.

هناك تعليق واحد: