بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 مايو 2016

الصبي الكندي ويليام... وقصته المضللة




Afficher l'image d'origine
انتشرت في الأيام القليلة الماضية في الصحف وبعض التلفزيونات (ومنها هيئة الإذاعة البريطانية) ومواقع عديدة على الإنترنت قصة الصبي الكندي ويليام غادوري البالغ من العمر 15 عاماً والمولع بالنجوم. فقد رُويَّ عنه اكتشافه لمدينة من مدن المايا في أمريكا الوسطى، لم تكن معروفة سابقاً وذلك بفضل كوكبات من النجوم الثابتة في قبة السماء، التي يمثل تجمعها أشكالاً مثل الكوكبة التي تسمى الدب الأكبر، التي كان العرب يسمونها "بنات نغش الكبرى"، وهناك كوكبة الدب الأصغر، وكوكبات كثيرة معروفة بأسماء شعبية لدى الناس. وفي كل الأحوال فهي لا تعني أي شيء ولا تحمل أية دلالة، وإنما هي أشكال علامة للوقت في الليل.

الخبر نشرته جريدة مونريال الكندية معلنة أن هذا الصبي قام بدراسة "فلك حضارة المايا" وأمكنة كبريات مدن هذه الحضارة، وقارن بين النجوم المعتمدة لدى المايا ومواضع هذه المدن التي يوجد معظمها في المكسيك وغواتيمالا. وأكدت الجريدة أنه وفقاً للصبي ويليام فهناك تطابق بين نجوم إحدى كوكبات النجوم ومدن المايا ولكن هناك مدينة ناقصة. وبمقارنته لصور الأقمار الصناعية ووكالات الفضاء فقد أمكن له تحديد مكان هذه المدينة المفقودة نتيجة عثوره على أشكال لما يبدو بقايا لهذه المدينة! وبحسب الجريدة فإن مختصاً من جامعة كندية أكد أنه يصعب أن تكون هذه الأشكال هي نتيجة ظواهر طبيعية محضة! أي أن هناك احتمال صحة لرواية الصبي.
Afficher l'image d'origine
كوكبة الدب الأكبر

حاولت الجريدة أن تقدم أشياء مقنعة من نمط أن الصبي ويليام اتصل بعلماء آثار مكسيكيين، دون الإشارة إلى أسمائهم، وأخبرهم باكتشافه. ولكن أحداً من المكسيك لم يتحرك ليخبرنا بأي شيء. كما أن إحدى المجلات الأوروبية أكدت الخبر باعتبار أن الاكتشاف حدث وفقاً للكوكبات الأوروبية، وهي كوكبات إغريقية لا علاقة ولا صلة للمايا بها، ولا يمكن أن تكون قد سمعت بها!

Afficher l'image d'origine
المكان المفترض للمدينة المفقودة
ولكن كوكبات النجوم هي تركيب إنساني يختلف من حضارة إلى أخرى، ويظهر في فترة متقدمة من الحضارة، أي بعد بناء المدن، وأن مدن المايا لم تبنى دفعة واحدة وإنما استغرق ذلك آلاف السنين، وبنيت لأسباب سياقية مفهومة وليس لأسباب فلكية لا معنى لها. وبحسب أحد خبراء آثار المايا، الذي اضطر للتدخل بعد أن أخذ الخبر أبعاداً كبيرة وصدقه الملايين من الناس، فقال: إن الصور الفضائية التي يتحدث عنها الصبي ويليام هي ليست إلا صوراً لحقل ذرة بقرب بحيرة جفت مياهها! وأن هناك مدن كثيرة للمايا ونجوم أكثر بكثير من مدنهم!

بقي أن نقول إن الجريدة الكندية لم تنس أن تطلب في نهاية مقالها عن اكتشاف الصبي ويليام دعمه مادياً لأنه بحاجة إلى ألف دولار كندي للمشاركة في معرض علمي دولي سيعقد في البرازيل عام 2017!
كما علينا أن نقول أيضاً إن انتشار الأخبار المضللة أصبح سهلاً للغابة عبر مختلف وسائط التواصل وأن علينا أن نتعلم كيف نميز الخبر الممكن من الخبر غير الممكن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق