بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 مايو 2016

الدم المراق ... لوركا



 Afficher l'image d'origine
هذه جزء من قصيدة طويلة عنوانها "مرثية إغناسيو سانشيز ميجياس"، مصارع الثيران، اخترنا منها المقطع المسمى "الدم المراق".
لوركا شاعر إسباني، من مواليد غرناطة عام 1898، اغتيل في فيزنار عام 1936 من قبل ميليشيا فرانكو. وهو شاعر ومسرحي ورسام وموسيقي.


لا! لا أريد أن أراه!
قل للقمر أن يأتي،
لأني لا أريد أن أرى دم
إغناسيو على الرمل.

لا، لا أريد أن أراه!
القمر الواسع المنبسط.
حصان الغيوم الساكنة،
وحلبة الحلم الرمادية
بحواجز الصفصاف.

لا، لا أريد أن أراه!
لأن ذكرايّ تشتعل.
أخبروا الياسمين
ببياضه الناعم

لا، لا أريد أن أراه!

بقرة العالم القديم
تمرر لسانها التعيس
على خطم من الدماء
مراق على الرمل،
وثيران غيساندو،
شبه ميتة وشبه متحجرة
خارت كقرنين من الزمن،
تعبة من ملامسة التراب،
لا.
لا، لا أريد أن أراه!

من المدرجات يصعد إيغناسيو
كل موته على كتفيه.
يبحث عن بزوغ الفجر،
وعبثاً بزوغ النهار.
يبحث عن ملمحه المؤكد
ولكن النعاس يشتته.
يبحث عن جسده الرائع
ويجد دمه المراق

لا ترغموني على النظر إليه!
لا أريد أن أرى النزيف
الذي يفقد رويداً رويداً زخمه؛
إنه زخم الدم الذي يضيء
المدرجات وينسكب
على مخمل وجلد
الجمهور المتعطش،
من الذي يصرخ لكي أقترب؟
لا ترغموني على رؤيته!

لن يغمض عيناه
عندما يرى كل القرون قريبة،
ولكن الأمهات الرهيبات
رفعن رؤوسهن.

وعبر القطعان،
ارتفع صرير أصوات سريّة
صرخت باتجاه الثيران السماوية
أطلقها حراس الضباب الشاحب.
لم يكن من أمير في إشبيليا
يمكننا مقارنته به،
ولا سيفاً كسيفه.
ولا قلباً بكمال قلبه.

مثل نهر من الأسود
قوته رائعة
وكصدر من رخام
حكمته محفورة

نسمة من روما أندلسية
تحلي وجهه الذهبي
ضحكته كانت كعطر
من ملح وذكاء
أي فارس من فرسان التوريرو في الحلبة!
أي جبلي في الجبال!
كم هو لطيف مع السنابل!
كم هو قاس على المهماز!
كم هو رقيق مع الندى!
رائع مع الرماح
متوحش مع آخر
رماح الظلمات!

وها هو ينام بلا نهاية.
الطحالب والأعشاب
تفتحان بأصابعهما تماماً
ذؤابة رأسه الميّت.
ودمه يجري مغنياً:
مغنياً في البراري والبحيرات،
ينزلق على قرون متجمدة،
روحه تتراقص في الضباب،
تتهاوى على ألف حافر
مثل لسان طويل معتم حزين،
لتشكل بركة احتضار
بقرب غوادالكيفير المليئة بالنجوم.

آه! جدار إسبانيا الأبيض!
آه! أسود ثور الألم!
آه! دم إغناسيو القاسي!
آه! بلبل شرايينه!
لا.
لا! لا أريد أن أراه!
لا يوجد كأس يمكن أن يحتويه
ولا سنونو ليشربه
ولا صقيع ضوء ليجمّده
لا غناء، لا غمر لمجرى النهر
ولا بلور يغطي بفضة
لا!
لا! لا أريد أن أراه!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق