بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 أبريل 2017

المئذنة... التاريخ والحاضر

حيدر آباد (الهند)
لم تعرف المئذنة منذ بداية الإسلام، وكان بلال ينادي إلى الصلاة من أعلى منزل بجانب المسجد. والمئذنة من حيث الهندسة والبناء سابقة للإسلام، فقد وجدت فيما كان يعرف بالزقورات، ومن بعد ذلك في الكنائس السريانية، ولم تذكر في القرآن أو الحديث. وأول ما ظهرت كان في القرن الهجري الأول. أقيمت أول المآذن في الإسلام في المسجد الأموي بدمشق، وكانت تسمى صومعة أو مغارة أو مئذنة. ويقول المقدسي المؤرخ إن المآذن الأولى في سورية كانت كلها مربعة، وانتقل هذا الطراز إلى مصر وشمال أفريقية والأندلس. وتطورت أشكال المآذن في الأقاليم الإسلامية وأصبح لكل إقليم مآذنه التي تتميز عن غيرها من المآذن في الأقاليم الأخرى.

الجامع الأزرق
تكون المئذنة بأشكال هندسية مختلفة، فمنها المستديرة والمربعة والحلزونية أو المضلّعة. كما أن عدد المآذن في المسجد الواحد لا تحديد عليه. فقد كان في بادئ الأمر مئذنة واحدة مرافقة لكل مسجد، ومن ثم ظهرت مآذن عدة في المسجد الواحد لأسباب معمارية فنيّة تضفي تناظراً ترغب فيه العين، كما تجعل منظر البناء بين المسجد ومآذنه أكثر استقراراً. كان للمسجد الحرام في مكة ست مآذن، ونافسه في عددها الجامع الأزق في اسطنبول، ولكن أضيفت مئذنة سابعة للمسجد الحرام مما أبقاه المسجد الأكثر مآذناً. أما من حيث الارتفاع فيعود ذلك إلى التناسق الهندسي والفني بين المئذنة وبناء الجامع. أعلى المآذن حتى الآن هي مئذنة جامع الحسن الثاني في الدار البيضاء بارتفاع قدره 210 متراً.
القيروان

وأقدم مئذنة قائمة إلى الآن هي مئذنة مسجد القيروان في تونس التي أنشأها بشر بن صفوان بأمر من الخليفة هشام (724 ـ 728). ولكن أعيد العمل فيها مرات عدة، إلا أنه من شبه المؤكد أنها لا تزال على حالها منذ عام 836 ميلادي. وهي تتألف من ثلاثة مستويات كل منها أضيق مساحة من سابقه، ضخمة الهيئة توحي بالعظمة والجلال.

الخيرالدا
وعبر التاريخ، حل المسلمون في أراضي تدين بالمسيحية فحولوا بعض الكنائس إلى جوامع وأبراج النواقيس إلى مآذن، أشهرها جامع آيا صوفيا في إسطنبول، وقبله بالطبع الجامع الأموي الذي كان في أصله معبداً وثنياً ثم كنيسة ثم جامعاً في عصر الأمويين. وكذلك الأمر عندما حل المسيحيون في بلاد تدين بالإسلام فحولوا الجوامع إلى كنائس، وأكثر ما حدث ذلك كان في الأندلس، من أشهرها كاتدرائية إشبيليا ومئذنتها "الخيرالدا".


فقدت المئذنة مع الزمن وظيفتها، فلم يعد المؤذن بحاجة إلى الصعود إلى مكان عال للتذكير بموعد الصلاة، فقد حل محلها مكبرات الصوت التي أفقدت المئذنة جلالها، دون أن تفقدها نموها العددي في مدن الشرق، وكذلك في الغرب حيث بدأ بالظهور منذ بضعة عقود. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق