بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 19 أبريل 2017

مارتان لوثر... الإصلاح الديني

ولد في ألمانيا عام 1483 وتوفي فيها عام 1546. درس الفلسفة وأصبح كاهناً عام 1507. درّس في جامعة فيتنبرغ الكتابة المقدسة. ومنذ عام 1515 بدأ بالتعليق على رسائل بولس الرسول وبدأ بتشكيل رؤيته الدينية. وطرح أكثر من 95 موضوعاً يعارض فيها الكنيسة الكاثوليكية والسلطة البابوية وأخذ من بعدها المطالبة بإصلاح الكنيسة التي لم تمهل إدانته وطردته منها عام 1521، ولكن لوثر لم يكترث لذلك وتابع كتاباته. حاول إقناع شارل الخامس، أكبر أباطرة أوروبا في ذلك الوقت، بمساندته. ولكن لوثر لم يفلح في إقناعه، بل على العكس أصبح طريده، مما قاد لوثر إلى التخفي. تمكن خلال فترة تخفيه من ترجمة الكتاب المقدس من اللغة اللاتينية إلى اللغة الألمانية المحكية. وبذلك أصبحت قراءة الكتاب المقدس متاحة لكل الناس، فهي قبل ذلك كانت قراءة بيد العارفين باللاتينية وهم القساوسة في معظم الأحيان.

وغير السلطة البابوية، فقد هاجم لوثر الممارسات التي كانت سائدة بخصوص "صكوك الغفران" التي بموجبها كان من الممكن شراء الغفران الإلهي والحصول على مكان في الجنة. ولكن هذا لم يكن بالأمر الأساسي في إصلاحاته، فهو كان يقول لأتباعه بأن لا ضرورة للكاهن من أجل التعبد، إذ لا وسيط بين الرب والعبد، وأيّد مشاركة الناس العاديين مباشرة في الأنشطة الدينية، لذا شجع على قراءة الكتاب المقدس بالعامية، وإقامة الطقوس الكهنوتية بالعامية أيضًا. وكان يسمي ذلك بـ "قَسْوَسَة كل المؤمنين"، وهي فكرة أن الوصول إلى الله لا يحتاج إلى وساطة كهنوتية. وهو كان يقول بأن سلطة الكتابات المقدسة أعلى من صوت البابا.

تابع لوثر معركته ضد الكنيسة، ولكنه كان معارضاً للثورات الاجتماعية (ثورة الفلاحين مثلاً) التي لم تكن تعنيه. تزوج عام 1525 مناقضاً بذلك تعاليم الكنيسة التي تحرم الزواج على الرهبان. انتشرت أفكاره الدينية بسرعة نسبياً في المناطق التي تتحدث الألمانية. وأخذ في تنظيم ما سمي بعد ذلك بالكنيسة اللوثرية على أساس انتقاداته للكنيسة الكاثوليكية.

ربما أن الكنيسة فكرت في معاقبته بالحرق كما فعلت مع المصلح التشيكي يان هُس  (Jan Hus)(1369-1415)، الذي كانت أفكاره تشبه أفكار لوثر في عدد من الجوانب فأسكت بحرقه على عمود. ولكن الفارق بينهما كان قرابة قرن من الزمن، ظهرت أثناءه مطبعة غوتنبرغ التي استفاد منها مارتن لوثر فائدة كبيرة. فكتاباته أصبحت في أيدي الناس وربما لم يكن حرق لوثر بتهمة الهرطقة ليساعد الكنيسة الكاثوليكية إلا باليسير اليسير. فبعد عدة أيام من نشر لوثر عام 1520 مطبوعًا موجهًا إلى النبلاء عنوانه "إلى نبلاء الأمة الألمانية المسيحيين" (An der christlichen Adel Deutscher Nation)، بيعت منه أربعة آلاف نسخة.

غيرت إصلاحات لوثر أوروبا وعلاقتها بالدين وأدت إلى إصلاحات في الكنيسة الكاثوليكية نفسها، كما أدت إلى بروز كنيسة جديدة هي الكنيسة البروتستانتية (بروتستانت تعني المحتّج)، كما أدت إلى تغيرات وإصلاحات سياسية. ولكن هذا لم يجر بدون أزمات ودماء ... كما لم يختف الرهبان من الكنيستين!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق