بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 12 أغسطس 2017

جميلة بوحيرد ... امرأة من الماضي الحاضر

شغلت العالم العربي لفترة وأشعلته حماساً إبان الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي. فهي أول امرأة عربية في العصر الحديث تقاتل في سبيل تحرير بلادها.

ولدت في مدينة الجزائر عام 1935 لوالد جزائري وأم تونسية ودرست في المدارس الفرنسية. التحقت بجبهة التحرير الوطنية أثناء دراستها، وأنيطت بها مهمة ضابطة ارتباط في شبكة سميّت بـ"شبكة القنابل" عام 1956. كانت مهمة هذه الشبكة إلقاء قنابل على تجمعات الفرنسيين من قبل أشخاص لا يثيرون الانتباه (النساء مثلاً)، وجندت جميلة لذلك نساء جزائريات أدين مهمات تفجير قنابل صغيرة في خضم تلك الثورة أحدثت أضراراً في صفوف الفرنسيين.

جُرحت عام 1957 عقب تبادل للنار في العاصمة الجزائر وألقي القبض عليها، وعُذّبت إثر ذلك وحوكمت وأدينت بالإعدام. ولكن لم ينفذ فيها الحكم نظراً لما أثارته تلك المحاكمة من ردود فعل عالمية. انبرى للدفاع عنها المحامي الفرنسي الإشكالي الشهير جاك فرجيس وقاد حملة داخل فرنسا للتشهير بالحكم التعسفي وفضح المعاملة السيئة للجيش الفرنسي للمقاتلين الجزائريين. اضطر القضاء الفرنسي إزاء كل ذلك للعفو عن جميلة وإطلاق سراحها عام 1962. بعد ذلك عملت مع المحامي فرجيس نفسه وتزوجت منه وأنجبا ابنتين، مريم ولييس، وانفصلا في بداية السبعينيات، وتابعت جميلة حياتها العادية في بلادها... 

لا يزال هناك من يناقش في تفاصيل قصة بوحيرد، إذ تتضمن السرديات حتى الآن تناقضات هنا وهناك بانتظار الكشف عن سجلات وأضابير تلك الواقعة لمعرفة ما كان من تفاصيلها بشكل قاطع. ذلك أن بعض الفرنسيين قالوا (ويقولون) بأن الجزائر كانت وقتها تابعة لفرنسا وأن ما قامت به جميلة يومها ليس عملاً ضمن حرب بين بلدين وإنما عمل تخريبي ضمن البلد نفسه، لذا فهي كانت تستحق الحكم والعقوبة، وأن ما قامت به هو تفجير لمكان كان فيه طلاب مدارس. وهناك من يقول بأنها لم تعذّب، فهي قالت اشياءً في الاستجواب تراجعت عنها أثناء المحكمة، وهناك من يقول بأن بعضٌ من رفاقها من وشى بها وأشياء كثيرة تعلي أو تستهين بدورها، وهي لم تكتب مذكراتها وقد يكون لها عذرها في ذلك!... ولكن هذا أصبح من الماضي والبحث فيه هو فقط للتاريخ... ويبقى أن ما قامت به هي ورفيقاتها دفع بالمرأة العربية إلى واجهة الأحداث ولكن دون أن يتابع هذا الدور بالقدر المأمول، بل على العكس فقد أوقفت اندفاعتها بمحاولة حصارها عبر رموز التقاليد برهاناً على ذكورية مأزومة للمجتمع العربي والإسلامي عموماً.

وفي خضم تلك الأحداث أخرج يوسف شاهين عام 1958 فيلماً عن قصتها بعنوان "جميلة" شاهده الملايين من العرب. وفي فيلم وثائقي عن زوجها فرجيس ظهر عام 2017 يروي في مقدمته جوانب من قصتها، طلبت جميلة إثر ذلك ألا يتعرض أحد في أي فيلم للحديث عنها حتى لا يتم استغلال ذلك سياسياً في بلادها.

لا تزال جميلة على قيد الحياة بالرغم من أن البرلمان التونسي قرأ على روحها الفاتحة عام 2015 !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق