بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 14 أغسطس 2017

معارك الدردنيل... القيادات العبثية

لم تشارك تركيا في الحرب العالمي الأولى منذ بدايتها، فقد تأخر إعلانها المشاركة مدة أربعة اشهر. كان دخولها بإغراء وتحريض من ألمانيا وكذلك أملاً في تحقيق مصالح في التخفيف من الخطر الروسي والحصول ربما على جزء من القوقاز ومصر في حال انتصارها مع ألمانيا والإمبراطورية النمساوية-الهنغارية.

كانت روسيا وفرنسا وبريطانيا في البداية في مواجهة ألمانيا والإمبراطورية النمساوية-الهنغارية مشكلين بذلك جبهتين كبيرتين، الجبهة الغربية على الأراضي الفرنسية في معظمها، والجبهة الشرقية على التخوم الألمانية النمساوية والروسية البولونية. كان التنسيق بين الجبهتين على مستوى المعارك الكبيرة من حيث إشعالها على جبهة بقصد التخفيف عن الأخرى. لذا كانت روسيا ومشاركتها في هذه الحرب مهمة جداً بالنسبة لكل من فرنسا وبريطانيا. والبحر الأسود هو مصدر الإمداد الوحيد لروسيا والسبيل الوحيد أيضا لتواصل الجيش الفرنسي والبريطاني مع الروسي.

لذا عقدت بريطانيا العزم، بنصيحة من تشرشل الذي كان وزيراً للبحرية،على تأمين ممرات الدردنيل بين بحر إيجه والبحر الأسود، كما أن معركة في هذه المنطقة ستخفف الضغط عن الجبهة الشرقية. جهزت البحرية البريطانية أسطولاً كبيراً وجيشاً بلغ جمعه نحو نصف مليون جندي من بريطانيا والدول التابعة لها وكذلك الفرنسيون بجيش قوامه نحو ثمانين ألفاً في معظمهم من المستعمرات الفرنسية. وزاد عدد السفن المشاركة في هذه المعارك عن مائتي سفينة. ومن الجانب التركي شارك في المعارك التي انطلقت يوم 25 نيسان عام 1915 نحو 315 ألف جندي جمعت من أنحاء مختلفة من تركيا ينقصهم العتاد والذخائر.

ولتأمين ممرات الدردنيل كان على جيوش الحلفاء أن تسيطر على شبه جزيرة غاليبولي التي نصب الأتراك على مرتفعاتها المدافع وتحصنوا بها وعليها، كما كان على هذه الجيوش أن تواجه الألغام الكثيرة العدد التي زرعها الأتراك في مداخل الدردنيل. بدأت سفن الحلفاء، وخاصة البريطانية، بنزع الألغام إلا أن مدافع الأتراك كانت تتصدى لها وتعيفها في ذلك؛ لذا كان لا بد من إنزال الجيوش إلى شواطئ شبه الجزيرة واحتلالها. وهنا بدأت معارك دامية بين الطرفين تميزت بنقص الكفاءة في القيادات العسكرية والسياسية من الحلفاء وبضراوتها وأعداد المصابين الكبيرة. فقد بلغ عددهم نحو 365 ألفاً مناصفة تقريباً بين الطرفين، نحو ثلثهم قتلى والباقي جرحى ومعطوبين. كل هذا في فترة لم تتجاوز الأشهر السبعة، أي بمعدل 50 ألف إصابة في كل شهر معظمهم من الشباب. هذا طبعاً غير السفن الكثيرة التي غرقت وكل الكلف الأخرى الناجمة عن معركة كهذه.


في الثامن من كانون الثاني عام 1916 عاد الحلفاء أدراجهم دون تحقيق أي هدف على الإطلاق، بل على العكس ارتفعت معنويات الجيش التركي بصموده ودحره للحلفاء وارتفع اسم أتاتورك الذي كان أحد قادة هذه المعارك من الجانب التركي وساهمت في وصوله إلى السلطة. ومن الطرف الآخر أقيل قائد الحملة البريطاني وكذلك تشرشل الذي كان يظن بأن معارك الجبهة الغربية ليست سوى مقتلة وأن الاستيلاء على الدردنيل سيفتح فصلاً جديداً في الحرب قد يكون الأخير!... أما النيوزلنديون والأستراليون فيعتبرون يوم 25 نيسان يوم فخر لما حققته جيشاهما في هذه المعركة من تأكيد على هويتهما ووجودهما على مستوى الدول الكبيرة... ثمن ذلك عليهما لم يكن سوى أربعين ألف إصابة!! ... بعض جوانب هذه الحرب يرويها هذا الفيديو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق