بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 يونيو 2018

اللجنة الدولية للأولمبياد... الرياضة والفساد

أنشأ هذه اللجنة البارون الفرنسي بيير دو كوبرتان عام 1894 بهدف إحياء الألعاب الأولمبية الإغريقية وتنظيم هذه الألعاب مرة كل أربع سنوات. والتي أصبحت بعد مائة عام من إنشائها تنظّم كل سنتين بالتناوب بين الألعاب الصيفية والشتوية. وأصبحت هذه اللجنة منظمة غير ربحية منذ عام 1981 مقرها مدينة لوزان السويسرية. تتألف هذه اللجنة بهيئتها العامة من 115 عضواً منتخبين من لاعبين أولمبيين حاليين أو سابقين ومن شخصيات منتقين من هيئات ومنظمات رياضية دولية. تنتخب هذه اللجنة رئيساً لمدة ثمان سنوات قابلة للتجديد. أما تمويل المنظمة واللجنة فيأتي عن طريق ريع منح حق بث الألعاب الأولمبية لقنوات التلفاز وكذلك من الشراكات التي تعقدها مع شركات عالمية معروفة مقابل الدعاية لها ضمن فعاليات الألعاب الأولمبية.

من أهم وظائف هذه المنظمة اختيار المدينة المضيفة للألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية بالأغلبية المطلقة للأصوات وفق نظام انتقاء محدد وبالتصويت السري. كما أن على اللجنة تنظيم الألعاب الأولمبية. ومنذ عام 2001 أصبح لهذه المنظمة وكالة بث للألعاب الأولمبية تابعة لها ومقرها في مدريد عاصمة إسبانيا لتجني بذلك عائدات البث دون تقاسم الأرباح مع أي وسيط.

كان هدف كوبرتان الأول هو جعل الأولمبية دينٌ حقيقي من غير الأديان المعروفة يجمع الناس أينما كانوا على التباري بمودة وسلام. لذا وضع له رموزه بدءاً من العلم بحلقاته الخمس المتداخلة والتي تشير إلى القارات الخمس على خلفية بيضاء. ووضع له شعاره: الأسرع (رياضياً) والأقوى (فكرياً) والأسمى (روحياً). ووضع القَسَم الأولمبي والشعلة الأولمبية والنشيد الأولمبي والعقيدة الأولمبية. وفحوى هذه العقيدة هو أن "الأكثر أهمية في الألعاب الأولمبية هو ليس الربح وإنما المشاركة، ذلك أن الأكثر أهمية في الحياة هو ليس الفوز وإنما الكفاح؛ والمهم هو ليس الانتصار وإنما بذل قصارى الجهد".

وبالرغم من النوايا الحسنة لمؤسس هذه الألعاب إلا أن الأمور لم تجر وفق ما أريد لها. فاختيار أعضاء الهيئة العامة يشوبه الكثير من التساؤلات. فأحد رؤساء هذه اللجنة مشتبه بتعاطفه مع النازية قبل الحرب العالمية الثانية التي تناقض في مواقفها ما دعا إليه كوبرتان، كما أن رئيسها الأسبق كان وزيراً للرياضة لدى الجنرال فرانكو. واختيار المدن التي ستحتضن الألعاب الأولمبية ليس بالشفاف تماماً. فبعض الأعضاء صوتوا لمدن مقابل تلقيهم أموالاً، والتصويت كما أشرنا هو تصويت سري. واختيار بعض المدن أدى بهذه المدن إلى طرد فقراء أو مهاجرين من أماكن ملاعب وحلبات الأولمبياد كما حصل في بكين عام 2008. أما إدارة أموال المنظمة فيشمله بعض الغموض. فقد تلقت المنظمة عن الفترة 2001 و 2004 نحو أربع مليارات دولار من عائدات البث والشركات التي تشتري حق الدعاية. ولا يعرف كيف تنفق مثل هذه الأموال. في الوقت الذي تخسر بعض المدن المستضيفة في استضافتها للألعاب نتيجة ارتفاع كلف إقامة مستلزمات الألعاب الأولمبية، مما يجعل دافعي الضرائب من سكان هذه المدن يتحملون الخسارة على مدد تزيد عن العشرين عاماً كما حصل في مدينتي مونتريال الكندية وغرنوبل الفرنسية.

وغير ذلك فإن المتباريين لا يسعون إلا للفوز ولو اضطرهم ذلك للغش باستخدام المنشطات الممنوعة. فلقد أصبح الفوز وتحطيم الأرقام القياسية هو الأهم وليس المشاركة بحسب عقيدة الألعاب الأولمبية. والدول تتباهى بعدد الجوائز التي تحصدها في الأولمبيادات وليس في عدد المباريات التي شاركت فيها وأبلت بلاء حستاً!!...أراد كوبرتان أن يقيم ديناً جديداً عبر الألعاب الأولمبية، ولكنه كباقي الأديان التي تغيرت أهدافها وفق مصالح دعاتها، ... مصالح لا تطابق بالضرورة مع ما أراد لها أنبياؤها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق