بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 يونيو 2018

المجتمع المدني ... ومسير التنزه

تضع المجتمعات لأنفسها قواعد للعيش المشترك قائم على عدم الإيذاء أولاً، وتأتي السياسة والدولة لتعمل على أن يكون هذا العيش بأفضل ما يمكن ضمن ما هو متاح. ولكن الدولة بمؤسساتها لا تستطيع أن تتدبر كل الأمور بصغيرها وكبيرها، إذ أن هذا يتطلب جهداً فوق طاقتها. لذا أقامت المجتمعات الحديثة ما يسمى بالمجتمع المدني. وهذا المجتمع يقوم على جمعيّات محددة الأهداف تسعى لتحقيقها على أساس غير ربحي وعلى أساس أن العاملين فيها متطوعون. ومثل هذه الجمعيات منتشرة بكثرة في الغرب، بعضها للقيام بمساهمة محددة مثل مطاعم المحبة، وبعضها الآخر للتوعية والتعريف بقضايا هامة في العموم مثل مشاكل البيئة أو الصحة عبر توسيع نشاطها ليشمل بعض دول العالم التي تعاني من نقص في الأطباء أو البنية الأساسية الصحية.

ومن الجمعيات التي لا تخطر على بال جمعيات تنشط في أيام نهاية الأسبوع، هدفها مساعدة الناس في المنطقة التي تنشط فيها على القيام بنزهات في الطبيعة سيراً على الأقدام. ومساعدة هذه الجمعيات للناس تتمثل في رسم مسارات التنزه والخيارات الممكنة ووضع ذلك في خرائط توزع على المتنزهين مع معلومات أخرى تفيد المتنزه في التعرف على المنطقة بتفاصيلها وأسماء وديانها وجبالها وربما بعض المعلومات الجيوليوجية، وطبعاً المعلومات الزمنية عن المدة الوسطية لكل مسار. وغير رسم الطرق فهي تقوم بوضع علاّمات على الطرق تشير للمتنزه طريقه، وبعض العلامات تشير إلى المسافة المتبقية للعودة إلى نقطة الانطلاق أو وجهات أخرى.

وغير خدمات المعلومات هذه فهي تقدم خدمات على مسارات السير مثل أماكن للاستراحة وتناول بعض الطعام الذي يكون بحوزة المتنزه. وفي هذه الأماكن يتوفر الظل والماء العذب وربما قطعاً صغيرة من الحلوى لتمد المتنزه ببعض الطاقة أو، وهو الأهم، لجعل الناس تتوقف وتتحادث وتتعرف إلى بعضها، حول فنجان قهوة أو كأس شاي يقدمها القائمون على الاستراحة المتطوعون. وفي بعض الأماكن يمكن أن تتوفر بعض المساعدات الصحية مثل ضمادات أولية لمن بدأت أقدامهم تتقرح نتيجة السير المديد. طبعاً يمكن القيام بإجراءات مختلفة لمساعدة المتنزهين وحمايتهم بحسب كل منطقة وطبيعتها وتجربة الجمعية وخبرتها التي راكمتها عبر سنوات تجربتها.

هذه الجمعيات بعملها هذا فإنما تعفي الدولة من أمور كثيرة تتعلق برغبات الناس المتغيرة والتي لا يمكن للدولة أن تخصص موظفين للقيام بمثل هذه الأعمال المفيدة وضوحاً للمجتمع في تحسين الحياة لما هو أفضل، وهو هدف السياسة كما ذكرنا. وفي هذه الجمعيات ينبه المتطوعون فيها إلى احترام المتنزهين للبيئة وعدم إشعال النار في الغابات أو ما شابه ويراقبون ذلك. والجمعيات التي تقوم بهذه الأعمال تطلب من المتنزهين مساهمة مالية صغيرة لتغطية الكلف المادية لأماكن استراحة المتنزهين وما يقدم فيها. وبالطبع لا أحد من العاملين يتقاضى أي شيء كأجر على مساهمته في هذه الجمعيات التي تخضع لمراقبة مالية صارمة من البلديات التابعة لها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق