بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 22 يونيو 2018

الحفاظ على البيئة والحياة يبدأ من المدرسة

مع ظهور الآثار السلبية للعديد من التكنولوجيات، من النقل إلى الاتصالات والحواسيب مروراً بالمبيدات الحشرية والأسمدة الزراعية والصناعات المختلفة الحديثة إلى البلاستيك وغيره. وهي آثار تظهر في التغيرات المناخية والبيئية والصحية. وهذه التكنولوجيات بنيت على قاعدة الاستدامة ولكنها استدامة منقوصة بالتأكيد. فالموارد الطبيعية محدودة في كل شيء من المياه إلى المعادن إلى الأراضي القابلة للزراعة إلى مصادر الطاقة، حتى تلك التي تسمى طاقات متجددة فهي محدودة في وسائل حصولنا عليها. وإزاء كل هذا لا بد للبشرية من وقفة مراجعة أمام الذات وأمام أبناء المستقبل.


ظهرت منظمات عالمية الطابع  منذ نحو أربعة عقود للتنبيه إلى محدودية المصادر وإلى الآثار السلبية في تحميل الطبيعة ما لا تستطيع وتقدر، بدءاً من الغازات المنطلقة في الجو مثل ثاني أوكسيد الكربون، والتي تؤدي إلى الاحتباس الحراري وكل ما ينجم عنه من كوارث بيئة تهدد التوازن البيئي على الأرض. وتجسدت جهود هذه المنظمات بعقد مؤتمرات قمة عالمية ومعاهدات وقرارات دولية. ووصل الأمر إلى إقامة أحزاب سياسية (الأحزاب الخضراء) بمطالب بيئية وحماية للطبيعة. ترافق كل هذا مع حملات توعية وتنبيه استخدمت فيها كل وسائط التواصل وساهمت فيها شخصيات عالمية معروفة، سياسية أو اجتماعية. وبنتيجة كل هذا عرفت بلدان كثيرة تغيرات كبيرة في تعاملها مع البيئة وفي الحفاظ عليها، ولكن كل هذا لا يبدو كافياً حتى الآن وإن كان واعداً.

ومثل هذه المسألة يمكن البدء، بل يجب، بمواجهتها منذ سنوات المدرسة الابتدائية، على قاعدة "التعلم في الصغر كالنقش في الحجر". فتلاميذ المدرسة هم أهل المستقبل ووعيهم لهذه المسألة وتدريبهم على التعامل معها سيكون صاحب الأثر الأكبر والأفضل. فالنفايات هي نفايات البشر، وعليهم التعامل معها بما لا يضر البيئة.

وبالفعل فقد أخذت مدارس كثيرة، إن لم يكن كلها، في الدول المتقدمة في التعامل مع هذه القضية. فغير أفلام الفيديو المشوقة التي تعرض في المدارس بصحبة مختص يدور حولها نقاش بين التلاميذ والمختصين، تقوم المدارس بالتعاون مثلاً مع البلديات على تنظيم أسبوع بيئة. تجري خلاله أنشطة توعية وممارسة تفيد في شد انتباه التلاميذ إلى قضايا البيئة وكيفية الحفاظ عليها. فينظم مثلاً خلال أسبوع محدد بعض الحصص للحديث مثلاً عن عمليات إعادة التدوير للمخلفات من ورق أو زجاج أو علب معدنية أو بلاستيكية، وكيف تجري هذه العمليات، وكيف علينا فصل المخلفات ووضع كل منها في حاوية مخصصة لها. يجري كل هذا بواسطة فيديوهات جذابة معدة للتلاميذ وتتمحور حول غرض محدد معروف مثل بنطال الجينز وكل مراحل إنتاجه وآثارها البيئية. يعقب ذلك في يوم آخر قيام التلاميذ بالمساهمة في حملة نظافة للحي الذي تقع فيه المدرسة. طبعاً يزوّد التلاميذ بكل أدوات الوقاية للتعامل مع ما يجدونه هنا وهناك من علب فارغة أو زجاجات أو مخلفات أخرى، ويقومون بوضعها في الحاويات المناسبة... يمكن تطوير ذلك إلى التدريب على أفضل الممارسات بخصوص استخدام المياه والحفاظ عليها والإقلال من هدر الطاقة والنظافة العامة...وهذه العملية قد تتكرر في كل سنة دراسية ولكن من زاوية مختلفة مثل الزراعة بدون مبيدات أو أسمدة كيمائية وغير ذلك مما يتعلق بالتوازن البيئي.... قد نرى ذلك في مدارس بلادنا في يوم قريب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق