بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 9 سبتمبر 2016

أين براكين القمر؟


القمر تابع الأرض الكبير، هناك غيره لكن لا قِبل لها به، فهو خامس أقمار المجموعة الشمسية حجماً. يبلغ قطره 3474 كم، أي ربع قطر الأرض تقريباً، أما كتلته فهي أصغر بمقدار 81 مرة من كتلة الأرض، وجاذبيته أقل بست مرات من جاذبية الأرض، لذا يبدو السير على سطحه بما يشبه القفز. وبعده الوسطي عن الأرض نحو 384 ألف كم (بين 363 ألف كم و 405 ألف كم). يدور حول الأرض بسرعة وسطية تقارب 1.022 كم في الثانية. وهو يحتاج إلى 27 يوماً وسبع ساعات و 43 دقيقة لإكمال دورة حول الأرض، ولكنه يحتاج إلى 29.530589 يوماً لإكمال دورة اقترانية (أي العودة إلى وضع نسبي مماثل للأرض والقمر والشمس). وله من العمر قرابة 4.5 مليار سنة. شغل الإنسان كثيراً، وتغنى به دائماً، وعبده أحياناً، بالرغم من درجة الحرارة على سطحه تتراوح بين -77 و 123 درجة مئوية، أي أنه لا يطاق!

جهاز رصد الزلازل يثبته رائد فضاء أبولو 11 على سطح القمر عام 1969
أرسل الاتحاد السوفيتي عدة مركبات لونا للدوران حوله، منها من سقطت وتحطمت على سطحه مثل لونا2، ومنها من أرسلت صوراً عن سطحه الخلفي مثل لونا 3 عام 1959، ومنها من هبطت بسلام على سطحه مثل لونا 9 لترسل صوراً عن سطح القمر مطلع عام 1966. أما لونا 10 فقد كانت قمراً صناعياً يدور حول قمرنا هذا. أما العربة السوفيتية لونكهود التي حطت على سطح القمر عام 1970 فكانت أول روبوت سبر سطح القمر، أرسل بآلاف الصور عن القمر وقام باختبارات مباشرة على سطحه. ولكن قبل ذلك حدث أن سار أول إنسان من فريق أبولو 11 على سطح القمر في منتصف عام 1969 وكان شرف ذلك لرائد الفضاء نيل أرمسترونغ، وعادت هذه المركبة إلى الأرض حاملة معها 380 كغ من الصخور القمرية. وترك رواد الفضاء أجهزة رصد على سطح القمر ترسل بمعلومات مفيدة للغاية.

لا تختلف تركيبة القمر الجيولوجية عن الأرض، من قشرة ودثار (معطف) ونواة. كان سطحه في الأصل مؤلفاً من محيط من الصهارة (مغما) السائلة، أصبحت يابسة وخمد نشاط سطح القمر، فآخر البراكين على سطحه تعود لأكثر من مليار سنة. ولكن المعلومات الحديثة تشير إلى هزات قمرية توحي إذن بوجود صهارة تحت سطح القمر. وهذا ليس بالأمر الغريب فدرجة حرارة قشرة النواة الداخلية تصل إلى أكثر من 1500 درجة مئوية. ولكن إذا كان الأمر كذلك فلماذا لا نرى أية انفجارات بركانية؟

البنية العامة للقمر
وللإجابة على هذا السؤال قام فريق من الجيولوجيين من عدة دول أوروبية بدراسة المسألة. وفي دراستهم لعينة من صخور القمر التي جلبتها المركبة أبولو11، تبين أن في هذه الصخور مادة التيتانيوم، التي عند تسخينها لدرجة حرارة صهارة القمر وضغط عال بمقدار الضغط في مركز القمر فإن الصهارة الناجمة تكون بكثافة عالية لا تسمح لها بالوصول إلى سطح القمر والظهور على شكل بركان كما هو الحال في صهارة الأرض.

بقي أن نقول إن مادة التيتانيوم لم تكن متوفرة في الصهارة تاريخياً بالقدر الموجود حالياً (ربما بسبب النيازك التي ترتطم بالقمر بلا عائق)، لذا كانت هناك براكين قمرية. وقد يحدث لسبب ما أن تفقد هذه المادة كثافتها الحالية في الصهارة القمرية، عندئذ ستعود البراكين القمرية، وسيكون المنظر حينئذ مذهلاً. ألعاب نارية قمرية!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق