بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 سبتمبر 2016

نحو إتقان الكتابة باللغة العربية 5/ أ.د. مكّي الحسَني




81 - متوازي أضلاع؛ متوازي الأضلاع؛ المتوازي الأضلاع
        كثير حدود؛ كثير الحدود؛ الكثير الحدود
في التراكيب المكونة من مضاف ومضاف إليه(25) مثل: صغير الأبعاد، متماثل المناحي، كثير اللغات، متساوي الأضلاع، كثير الأضلاع إبهامٌ وعدم تحديد. وحين يقرؤها المرء أو يسمعها لا يتبادر إلى ذهنه شيءٌ محدد، لأنها أوصاف تنطبق على عدة أشياء. ثم إن المضاف فيها لم يكتسب تعريفاً بإضافته إلى معرفة(79) (انظر الفقرة السابقة). فهذه التراكيب نكرات(96).
ويزول الإبهام إذا سبق تلك التراكيبَ موصوفٌ. فإن كان نكرة أمكن نعته بها، نحو: معجمٌ كثير اللغات؛ مضلَّعٌ كثير الأضلاع؛ مثلّث متساوي الأضلاع. قصرٌ كبير الغرف، فيه قاعة عظيمة المرايا، ومسبح صغير الأبعاد
جاء في (المعجم الوسيط):
«المُعَيَّن: ما كان شكله مُسطَّحاً[نكرة] متساويَ الأضلاعكرة] الأربعة المستقيمة المحيطة به، غير قائم الزواياكرة]                                                               
         §       فإذا عَرَّفنا الموصوف بألْ وأردنا نعته قلنا:
-       المعجم الكثير اللغات مفيد.
-       المثلث المتساوي الأضلاع زواياه متساوية.
-       يسمى المضلَّع الرباعي المتساوي الأضلاع والقائم الزوايا مربّعاً.
أي نُدخِل (أل) على المضاف ليصبح التركيب (المضاف + المضاف إليه) معرفة (لأن النعت يطابق المنعوت في التعريف والتنكير).
أما المصطلحات: (متوازي الأضلاع)، (متوازي السطوح)، (كثير الحدود) فلا إبهام فيها إذا ذُكِرت وحدَها كما أوردناها الآن؛ وهي مستغنيةٌ عن موصوفها، لأنها أعلامٌ على أشياءَ محدَّدةٍ مُتعارفة، ويَفهم القارئ أو السامع المقصود بها فوراً، فهي معارف اصطلاحاً، [أورد (المعجم الوسيط) أسماء بعض الأشكال الهندسية كما يلي: المثلث، المربع، المخمّس، المسدَّس، المعيَّن، متوازي الأضلاع، متوازي السطوح].
ذلك أن:
متوازي الأضلاع صنفٌ محدَّد معروف من المُضلَّعات،
متوازي السطوح صنفٌ محدَّد معروف من المجسَّمات،
كثير الحدود صنفٌ محدَّد معروف من التوابع.
ونلاحظ أنه يمكن أن يلي التراكيب السابقة (اسم موصول) - وهو لا يلي إلا المعرفة ! - أو وصفٌ محلّى بأل - والنعت يطابق منعوته في التعريف والتنكير - فنقول:
-       إن متوازي الأضلاع الذي أنشأناه هو
-       إن متوازي الأضلاع المرسوم في أعلى الصفحة هو
-       إن كثير الحدود الذي درسناه هو من الدرجة الثالثة.
-       إن كثير الحدود المدروس آنفاً له أهمية خاصة
وإذا أردنا تنكير هذه المصطلحات، نجرِّد المضاف إليه من (أل)، نحو:
-       ارسم متوازيَ أضلاعٍ بحيث يكون
-       وبذلك نحصل على كثير حدودٍ من الدرجة الثانية.
         §       أما إذا لم تَرِد التراكيب المذكورة آنفاً وحدَها، فتكون حينئذٍ نكرات تصِف أشياء أخرى غير التي تُفهم منها وحدها. فإن كان الموصوف نكرة أمكن نعته بها، فنقول مثلاً:
-       متوازي الأضلاع[معرفة] هو هذا الشكل الرباعي:
-       أما المسدَّس المنتظم مثلاً فهو مضلَّعٌ[نكرة] متوازي الأضلاع[نكرة] أيضاً!
وإن كان الموصوف معرفة وجب إدخال (أل) على المضاف، نحو:
-       إن المضلّع المتوازي الأضلاع المرسوم هو مسدَّس منتظم.
-       كثير الحدود من الدرجة الثانية هو: ع = ب س2 + ج س + د
معرفة
ولكن هناك توابع كل منها كثير (متعدِّد) الحدود (أي حدوده متعددة، كثيرة). فيمكن أن نقول:
-       لِندرسْ تابعاً مّا[نكرة] كثير الحدود[نكرة]
-       ثم نقول: إن التابع الكثير الحدود الذي درسناه هو
والخلاصة:
التراكيب: (متوازي الأضلاع، متوازي السطوح، كثير الحدود) إذا استُعملت بمعانيها الاصطلاحية المتعارفة، كانت معارف.
فإذا أريد تنكيرها وجب تجريد المضاف إليه من (أل)، نحو:
أرسم مثلثاً[نكرة] مّا ومتوازيَ أضلاعٍ[نكرة] مّا. اُدرس كثير حدودٍ[نكرة] مّا
أما إذا استُعملت بمعانيها اللغوية فقط فتكون نكرات.
وبعبارة أخرى: كلٌّ من هذه التراكيب يكون معرفةً بمعنىً أوَّلَ اصطلاحيٍّ، ويكون نكرةً بمعنىً ثانٍ لغوي.



82- وَقَعَ ذلك أخيراً / بِأَخَرَةٍ / حديثاً / قبل مدة قصيرة / قريباً لا: مُؤَخَّراً‍!
جاء في (المعجم الوسيط): «المُؤَخَّر: نهاية الشيءِ من الخَلْف. يقال: مُؤَخَّر السفينة، ومُؤَخَّر البناء. والمؤخَّر من الدَّيْن أو الصّداق [بفتح الصاد وكسرها]: ما أُجِّل منه.»
وجاء أيضاً (أخيراً): «يقال: لَقِيْتُه أخيراً، وجاء أخيراً: آخِرَ كلِّ شيء.»
وفي التنْزيل العزيز: ]كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلهم قريباً ذاقوا وَبالَ أَمْرِهم[ أي: مَثَلُهم كَمَثَل الذين من قَبْلهم بزمنٍ قريب (تفسير الجلالين).


83- على حِدَةٍ، على حِدَتِهِ، على حِدَتِها (لا: على حِدا، ولا: على حِدى، ولا: على حِدَه!)
جاء في معجم (متن اللغة /وحد):
«وَحَدَ يَحِدُ وَحْداً وحِدَةً: صار وَحْدَه». وجاء فيه:
«الحِدَةُ: كالعِدَة (مَصْدر). تقول: جَعَلَه على حِدَةٍ، أي مُنْفرداً وَحْدَهُ. وتقول: فَعَلَه من ذات حِدَتِهِ، وعلى ذات حِدَتِه ومن ذي حِدَتِه، أي من ذات نَفْسِه ومن ذات رأيه. وتقول: جَلَسَ على حِدَتِه، وعلى حِدَتِهما، وعلى حِدَتِهم، وعلى حِدَتِهِنَّ
ولا بدّ من التفريق بين الهاء والتاء المربوطة، بوضع نقطتين فوق التاء، وإنْ كنا نقف عليها هاءً!.
قال مصطفى صادق الرافعي (وحي القلم 2/266):
«قال: هذا مجنون وليس بنابغة؛ بل هذا من جهلاء المجانين؛ بل هو مجنون على حِدَتِهِ.»



84- حِكاية حِكايات (لا: حكايا!)
تُجمع (حكاية) بالألف والتاء: حكايات، مثل: دعاية (دعايات)، بداية (بدايات)، نهاية (نهايات)، رماية (رمايات)، إلخ
أما: تَحِيَّة، تكِيّة، هديّة، صبيّة، مَزِيّة، قضيّة فهذه كلها تجمع جمع تكسير على: تَحايا، تكايا، هدايا، صبايا، مَزايا، قضايا وتجمع جمعاً قياسياً بالألف والتاء (بعد حذف التاء المربوطة طبعاً!)، فنقول: هديّات، صبيّات، مَزِيّات، قضيّات.
وأما السَّحايا فمفردها سِحَاءة. وأما المِرآة فتُجمع على المَرائي والمرايا.


85- عَمود، لا: عامود!
لهذه الكلمة معانٍ عديدة توردها المعاجم. وتُجمَع على: أعمدةٍ وعُمُدٍ وعَمَدٍ، ولا وجه لكتابتها بالألِف! كما يفعل الآن غير قليل من الناس!.



86- فَعَلَ ذلك تَحَسُّباً لِكِّل طارئ (لا: تَحَسُّباً من كل طارئ!)
للتحسُّب مَعْنيان؛
الأول: التَعَرُّف. جاء في معجم (أساس البلاغة): «خَرَجا يَتَحسَّبان الأخبار: يَتَعَرَّفانِها.»
الثاني: توقُّعُ الأمر وتَحَيُّنه، أي تَطَلُّب وقتِه وحينِه.
فإذا قيل: فعل ذلك تحسُّباً لكل طارئ، فالمعنى: توقُّعاً واستعداداً له.
ويصح أن يقال: فعل ذلك تَحَفُّظاً من كل طارئ، أي احترازاً منه وتَوَقِّياً له.



87- الاستثناء والحَصْر بالأداة (إلاّ)
أولاً: المستثنى بـ (إلاّ)(74):
إذا قلنا: (نجح الطلابُ إلا زيداً)، فإن (زيداً) هو المستثنى، ولفظ (الطلاب) هو المستثنى منه، و(إلا) هي أداة الاستثناء. وعلى هذا لا يكون مستثنى بغير مستثنى منه.
ونلاحظ في المثال السابق أن المستثنى منه جاء قبل (إلا)، وأن الكلام قبل (إلا) تام المعنى، وهذا ما نصادفه في معظم حالات المستثنى بـ (إلا). ولكن يمكن أن يتقدم المستثنى على المستثنى منه فيكون الكلام قبل (إلاّ) غير تام، نحو: نجح إلاَّ زيداً الطلابُ. قال الشاعر:
وماليَ  إلا  آلَ  أحمدَ  شيعةٌ         ماليَ إلا مذهبَ الحقِّ مذهبُ
سننظر الآن في الحالات التي يكون فيها الكلام قبل (إلا) تاماً؛ فيصحّ حينئذٍ في المستثنى بـ (إلاّ) النصبُ دائماً. غير أنه إذا سبقه نَفْيٌ أو نَهْيٌ أو استفهام، جاز مع النصب إتباعُه على البدلية مما قبله:
أ- الكلام قبل (إلا) تام ومُثْبَت، نحو: جاء الأصدقاء إلا سعيداً.
ب- الكلام قبل (إلا) تام ومسبوق بنفي، نحو: ما جاء الأصدقاء إلا سعيداً.
ويصحّ هنا: ما جاء الأصدقاءُ إلا سعيدٌ. (سعيدٌ: بدل من "الأصدقاءُ").
ج- الكلام قبل (إلا) تام ومسبوق بنهي، نحو: ]ولا يَلتفِتْ منكم أَحَدٌ إلا امرأتَك[.
ويصحّ في غير القرآن: امرأتُك: بدل من (أَحَدٌ).
د- الكلام قبل (إلا) تام ومسبوق باستفهام، نحو: ]ومَنْ يَقْنَطُ مِن رحمة رَبِّهِ إلاّ الضالّون[؟
ويصحّ في غير القرآن: الضالّين: مستثنى منصوب. أما الضالون، فبدلٌ من ضمير (يقنطُ) وهو فاعل.
هـ الكلام قبل (إلا) مَنْفيٌّ بـ (لا) النافية للجنس(164)، وهو - مع خبر (لا) المذكور أو المحذوف - تام المعنى، نحو:
         §       لا رَجُلَ في الدار إلاّ زيداً/ زيدٌ.
         §       جاء في التنْزيل العزيز: ]فاعْلمْ أنه لا إلَهَ إلاَّ اللهُ[.
ويجوز في غير القرآن أن نقول: لا إله إلا اللهَ [النصب على الاستثناء، والرفع على البدلية: بدلٌ من الضمير المستتر في الخبر المحذوف وتقديره (موجودٌ)، وتقدير الضمير (هو)].
ثانياً: الحَصْر أو القَصْر:
إذا كان الكلام قبل (إلا) غير تامّ المعنى، ويعتمد على نَفْي أو نَهْي أو استفهام، وليس في العبارة مستثنى منه، فلا يكون التركيب استثناءً، بل حَصْراً، ويكون حُكْم الكلمة بعد (إلا) من حيث الإعراب تابعاً للسياق.
أ -  النفي بـ (ما) أو (لم) أو (إنْ النافية) أو (لا)، والنهي والاستفهام.
في هذه الحالات، تَجَاهَلْ (إلاّ) وأداةَ النفي أو النهي أو الاستفهام وأعْرِبْ! نحو:
-        ما رأيتُ (لم أَرَ) منه إلاَّ خيراً.
التركيب بلا حصْر هو: رأيت منه خيراً. [ النفي بـ (لم) أقوى منه بـ (ما): ]لم يَلِدْ ولم يُولَدْ[].
-        ]ما على الرسول إلاّ البلاغُ[.
التركيب بلا حصر هو: على الرسول البلاغُ. البلاغُ: مبتدأ مؤخَّر.
-        ]إنْ أنتَ إلاّ نذيرٌ[. (إنْ = ما).
التركيب بلا حصر هو: أنتَ نذيرٌ. نذيرٌ: خبر للمبدأ أنت.
-        لا يَعْلمُ الغيبَ إلا اللهُ.
-        لا يجوز أن يقود هذه السيارات إلا السائقون المكلفون بذلك. ولكنْ:
لا يجوز أن يقود هذه السيارات أَحَدٌ إلا السائقون / السائقين
[ لأن الكلام الآن قبل (إلاّ) تام! والتركيب تركيب استثناء].
-        ]لا تقولوا على الله إلا الحقَّ[. (لا) الناهية، تجزم الفعل المضارع (بحذف النون هنا).
التركيب بلا حصر هو: تقولون على الله الحقَّ.
-        ]فَهَلْ يُهْلَكُ إلا القومُ الفاسقون[؟
التركيب بلا حصر هو: يُهلكُ القومُ الفاسقون.
ب - النفي بـ (ليس). تَجَاهَلْ (إلا) وأَعْرِبْ، وإنِ انعكس المعنى!
-        ليس في الدار إلاَّ رَجُلٌ. (رجلٌ: اسم ليس).
-        ليس بينهما إلا ليالٍ. (ليال: اسم ليس).
-        ليست الشهادةُ إلا خلوداً. (خلوداً: خبر ليس).



88- الخطأ في استعمال: (عَدا)
- (عَدا(138)) كلمةٌ تستعمل للاستثناء، وتكون:
1-    غير مسبوقة بـ (ما):
فيُنصب الاسم بعدها على المفعولية [لأن (عدا) هنا فعل]، نحو: جاء أصدقائي عدا سعيداً.
أو يُجرُّ الاسم بعدها [لأن (عدا) هنا حرف جرّ]، نحو: جاء أصدقائي عدا سعيدٍ.
ولا يجوز أن يليها الحرف (عن) بوجهٍ من الوجوه! فمن الخطأ أن يقال: تتسع الطائرة لمئة راكب عدا عن الملاّحين. والصوابُ: حَذْفُ (عن)!
وعلى هذا فقط أخطأ الكاتب الأديب - رحمه الله - حين قال: « وذلك تطويلٌ قد يُضيّع الغاية من إقامة الدعوى، عدا عمّا في ذلك من نفقات قد يعجز عنها المدَّعي، المفروض فيه أن لا يجد ما يتبلّغ به». والصواب: « عدا ما في ذلك من نفقات قد يعجز عنها المدَّعي، المفترض فيه أنه لا يجد ما يتبلّغ به.»
2- مسبوقة بـ (ما)، وفي هذه الحالة لا يجوز إلا النصب على المفعولية، نحو:
جاء أصدقائي ما عدا سعيداً.
إذا كان المستثنى بـ (عدا) ضميراً للمتكلم (الياء)، نحو: (أطال الخطباء الكلامَ عدايَ)، كان (عدا) حرف جر، و(الياء) مبني عل الفتح في محل جر.
وإذا كان ضمير المتكلم مسبوقاً بنون الوقاية، كان هذا الضمير (الياء) في محل نصب (مفعولاً به)، نحو:
تُمَلُّ النَّدامى ما عَدِاني فإنني                 بكل الذي يهوى نديمي مُوْلَعُ
-        يجب عدم خلط (عدا) التي للاستثناء، بالفعل (عدا)، الذي من معانيه:
عَدا يَعْدُو عَدْواً وعُدُوًّا وعَدَوَاناً: جرى جَرْياً.
عدا فلاناً عن الأمر عَدْواً وعُدْواناً: صَرَفَهُ وشَغَله. ومنه المَثَل المشهور: «ما عدا مما بدا؟» أي: ما صَرَفَكَ عما بدأت به؟ أو: ما منعك مما ظهر لك؟
عدا الأمرَ، وعن الأمر عَدْواً وعُدْواناً: جاوزه وتركه
عدا عليه عَدْواً وعَداءً وعُِدْواناً: ظَلَمه وتجاوز الحدّ.



89- (سِوى) و(غير) وإضافتهما إلى الأسماء
(سوى(135)) و(غير(144)) تضافان أبداً إلى الاسم، الظاهر أو الضمير (لا إلى الحرف!) ويشترط في الاسم بعدهما أن يعرَب مضافاً إليه دائماً، فهو مجرور أو في محل جر.
لذا من الخطأ أن يقال: لم أحصل سوى على كتاب واحد. لا تَسْتعِن سوى (غير) بالله.
والصواب أن يقال: لم أحصل على سوى كتاب واحد. لا تَسْتعِن بسِوى (بغير) الله.
والضمائر أسماء. ومنها ما هو للرفع، ومنها ما هو للنصب والجر. ومنها ما هو متصل ومنها ما هو منفصل.
أما ضمائر النصب والجر المتصلة فهي: الياء والكاف والهاء و(نا). [الضمير الأخير يكون للرفع أيضاً].
يقال: للمتكلم: سِواي، سِوانا. غيري، غَيرِنا.
وللمخاطب: سِواكَِ (الكاف للخطاب سِواكما، (الميم مع الألف تدلاّن على التثنية)، سِواكم (الميم حرف يدل على جمع الذكور)، سِواكُنَّ (النون المشدّدة المفتوحة حرف يدلّ على جمع النِّسْوة)، غيرَكِ، غيرَكما، إلخ.
وللغائب: سِواه، غيرَه... [مِثْلُ الهاء في الحكم، الضمائر المتصلة: ها، هما، هم، هنَّ؛ علماً بأن الثلاثة الأخيرة تكون ضمائر رفع منفصلة أيضاً].
ولا يجوز أن تضاف (سوى) أو (غير) إلى ضمائر الرفع المنفصلة، لأنها مبنية على الضم (نحنُ)، أو في محل رفع (أنا، أنتِ، أنتما، أنتم، أنتُنَّ، هو، هي)، فلا تكون مضافاً إليه!
أي لا يصحُّ أن يقال: سِوى أنا/ سوى نحن (كما قال أحد المتحدثين في الإذاعة!)
أو: غير أنا / غير نحن.
بدلاً من: سواي، سوانا، غيري، غيرنا



90- (إلاّ) و(لولا): دخولهما على الضمير
سواء كانت (إلاّ(106)) أداة استثناء أو حَصْر، يمكن أن يَليَها اسمٌ ظاهِرٌ منصوبٌ أو مرفوعٌ أو مجرور؛ وأن يليها ضمير منفصل (أو متصل أحياناً) للرفع أو النصب تَبَعاً للمقام.
فمثال الاسم الظاهر قوله تعالى: ] فاعْلَمْ أنه لا إلهَ إلا اللهُ[.
ومثال ضمير الرفع المنفصل قوله تعالى:] اللهُ لا إلهَ إلا هوَ الحيُّ القَيُّوم[.
وقوله تعالى:] لا إلهَ إلاّ أنتَ سبحانك[.
وقول عمرو بن معدي كرب:
قد علِمتْ سلمى وجاراتُها                  ما  قَنْطَرَ  الفارسَ  إلاَّ  أنا
ومثال ضمير النصب المنفصل: جاءني أمسِ الضيوفُ إلاّ إياكَ.
] وإذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ في البحر ضلَّ مَنْ تَدْعونَ إلا إيّاه[.
ومثال ضمير النصب المتصل: جاءني أمسِ الضيوفُ إلاّكَ،
وقولُ المتنبي لسيف الدولة:
ليس إلاّكَ يا عليُّ هُمامٌ          سيفُه دونَ عِرْضِهِ مَسلُولُ
وقول الآخر:
أعوذُ بربِّ العرشِ من فِتْيةٍ بَغَتْ          عليَّ فمالي عَوْضُ إلاّهُ ناصرُ
أي: فمالي أبداً ناصرٌ إلاَّ إياه.
ملاحظة: جاء في كتاب الدكتور إبراهيم السامرائي: (الفعل زمانُه وأبنيتُه /12)، نقلاً عن الأستاذ إبراهيم مصطفى في كتابه (إحياء النحو) ما يلي:
«ونَعْلم من أسلوب العرب أن الأداة إذا دخلت على الضمير، مالَ حِسُّهم اللغوي إلى أن يصلوا بينهما، فيستبدلون بضمير الرفع ضمير النصب، لأن ضمير الرفع لا يوصَل إلا بالفعل، ولأن الضمير المتصل أكثر في لسانهم، وهم أحب استعمالاً له من المنفصل. قال ابن مالك (صاحب الألفية):
وفي اختيارٍ لا يجيء المنفصل           إذا تَأتَّى أن يجيء المتصل.»
ومن ذلك الأداة (لولا): إذ لا يكون الاسم الظاهر بعدها إلا مرفوعاً؛ ففي التنْزيل العزيز: ]ولولا فَضْلُ اللهِ عليكم ورحمتُه ما زَكَا منكم من أحدٍ أبداً[. وعلى هذا إذا لم يأتِ بعدها اسم ظاهر مرفوع، وَلِيَها ضمير رفع منفصل. ولكن العرب يقولون: لولاهُ ولولا هُوَ، ولولاكم ولولا أنتم: يستعملون ضمير النصب المتصل، وضمير الرفع المنفصل.
وقد صرّح ابن الأنباري بجواز وقوع الضمير المتصل محل المنفصل. [انظر مقالة الأستاذ صلاح الدين الزعبلاوي في مجلة التراث العربي (العدد 53، الصفحة 45)].



91- جواز استعمال بعض الكلمات، مثل: (بَحْت، مَحْض، صِرْف، قليل، كثير، ضِدّ، قريب، بعيد) لوصف المذكَّر والمؤنث والمفرد والجمع
- جاء في (المعجم الوسيط): «بَحُتَ الشيءُ يَبْحُتُ بُحُوتَةً وبَحْتاً: خَلَص ولم يخالطْه غيرُه. البْحتُ: الصِّرْفُ الخالص لا يخالطُه غيرُه. »
فالبحت - كما نرى - مَصْدر، لذا يجوز الوصف به، ويستوي حينئذ المذكَّر والمؤنَّث والمفرد والمثنى والجمع: (انظر حاشية الفقرة 48، الوصف بالمصدر). يقال: شرابٌ بَحْتٌ: غير ممزوج، ويقال: إنسانٌ عربي بحت: أي خالص النَّسَب، وعربيّةٌ بحت. وقد يؤنث ويُثَنَّى ويُجمع، فيقال: عربيةٌ بَحْتَةٌ؛ رياضيات بحتة / بحت؛ أَعْرابٌ بَحْتٌ وبُحُوتٌ.
- وجاء فيه: «الصِّرْفُ: الخالص لم يُشَبْ بغيره. يقال: شراب صِرْفٌ: غير ممزوج.»
قال الخليفة عمر بن الخطاب: ما الخَمْرُ صِرْفاً بأذْهَبَ لعقول الرجال من الطمع. (الخمر مؤنثة).
يقال: خمْرٌ صِرْف. ويقال، مثلاً: المواقف الوطنية الصِّرْف.
- وجاء فيه: «مَحَضَ فلاناً يَمْحَضُه مَحْضاً: سقاه لبناً خالصاً لا ماء فيه. ومَحَضَ فلاناً الوُدَّ أو النُّصْحَ: أخلصه إياه.»؛ «المَحْضُ: كل شيء خَلَصَ حتى لا يشوبَهُ شيءٌ يخالطه». فالمحض - كما نرى - مصدر. لذا يجوز الوصف به، ويستوي حينئذٍ الذكر والأنثى والجمع. وإن شئتَ ثَنَّيتُ وجَمَعْت. يقال: لبنٌ مَحْضٌ: خالصٌ لم يخالطه ماء، حلواً كان أو حامضاً. ويقال: الظرفية المحض؛ الإضافة المحضة (أي المعنوية أو الحقيقية).
- وجاء فيه: «القليل: ضِدُّ الكثير، . ويقال: قومٌ قليل
قال السَّمَوْءل:
تُعَيِّرنا  أنّا  قليلٌ   عديدُنا                           فقلتُ لها إنّ الكِرام  قليلُ
وما ضَرَّنا أنّا قليلٌ وجارُنا                            عزيزٌ، وجارُ الأكثرين ذليلُ
وقال الشاعر:
أَلَمْ تَعْلمي، يا عَمْرَكِ الله أنني            كريمٌ على حينِ الكرامُ قليلُ؟
- وجاء فيه: «الكثير: نقيض القليل؛ يقال رجالٌ كثير وكثيرة وكثيرون؛ ونساء كثير وكثيرة وكثيرات
- وجاء في (معجم ألفاظ القرآن الكريم): «الضِدُّ: المخالِف والمنافِس، للواحد والجمع. وفي التنْزيل العزيز:] كَلاّ سيكفُرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضِدًّا[ المُراد: الخصوم.»
- وجاء في (المعجم الوسيط): «القريب: الدّاني في المكان أو الزمان أو النَّسَب. يقال: مكان قريب، ومَحَلَّةٌ قريب، وهُمَا وهُمْ وهُنَّ قريب. وفي التنْزيل العزيز:] إن رحمةَ الله قريبٌ من المُحْسِنين[.»
- وجاء فيه: «البعيد: المتنائي وقالوا: (ما أنتم مِنّا ببعيد): جعلوا المفرد وغيره، والمؤنث وغيره في هذه الكلمة سواء



92- حول تنوين الصَّرْف والوقوف على الساكن
التنوين(186): نونٌ ساكنةٌ زائدةٌ، تَلْحَق لفظاً أواخر الأسماء النكرات، وتُفارقُها خطًّا، نحْوُ: كتابٌ، كتابٍ، كتاباً. ونلاحظ أن تنوين النصب يقتضي زيادةَ أَلِفٍ على أواخر الكلمات المنصوبة المُنَكَّرة.
وإذا لحِقَتْ ألِفُ تنوين النصب الهمزةَ المتطرِّفَة، فإنها تبقى منفردةً على السطر، إذا كان الحرف الذي قبْلَها لا يتصل بما بعدها، نحوُ: أخذت جزءاً يسيراً. أما إذا كان ما قبلَها يتصل بما بعدها فتُكتب على نَبْرة، نحوُ: حملت عبئاً ثقيلاً (الأصل عِبْء).
وتُحذف ألِفُ تنوين النصب وجوباً في المواضع التالية:
1- من أواخر الكلمات المنتهية بهمزة قبلَها ألِف، نحو: بناءً، ماءً، سماءً، دعاءً، إلخ. وعلى هذا لا يصحّ أن يُكتب: «بناءاً على القرار»، أو «شربت ماءاً بارداً»
2- من أواخر الكلمات المنتهية بتاءٍ مربوطةٍ، نحوُ: تلقَّيتُ رسالةً لطيفةً.
3- من أواخر الكلمات المنتهية بهمزةٍ فوق الألِف، نحو: دخل ملجأً، ارتكب خطأً.
4- من أواخر الكلمات المنتهية بألِفٍ ليّنة (قائمة، أو بصورة الياء) نحو: كسرتُ عصاً طويلةً؛ رأيت فتىً نحيلاً.
قاعدة مهمة: العربي لا يقف على متحرك!
فلا يقول مثلاً: جاء المعلِّمُ (بضّم الميم) ويسكت، بل يقول (جاء المعلمْ) فيقف على الساكن. ثم إنه لا يقف على مُنَّون، مع أن التنوين سُكون؛ فلا يقول مثلاً - في حالتي الرفع والجرِّ - (جاء بَشيرُنْ) و(هو على خَطَئِنْ)، بل يقول (جاء بشيرْ) و(هو على خطأْ)، فيحذف التنوين ويُسَكِّن!
أما في حالة النصب، فإنه لا يحذف التنوين عند الوقوف، بل يَقْلِبُه ألِفاً (لفظاً فقط، ولا تُكتب الألف بعد الهمزة!)، فلا يقول مثلاً (رأيتُ بشيرَنْ) بل يقول (رأيت بشيراْ). وعلى هذا لا يصحُّ أن تقول: (شربتُ ماءَنْ) ولا (شربتُ ماءْ)، بل تقول: (شربتُ ماء(اْ)) و(ارتكبَ خطأَ(اْ)) و(هذا أيضاْ)، وهكذا.
ملاحظة:
حين يُستعمل التركيب «صباحَ مساءَ» - الذي يفيد الدأب والاستمرار - فإنه يُبنى على فتْح جزأيه. يقال مثلاً: (إنها تزوره صباحَ مساءَ منذ أسابيع). فإذا أُريدَ الوقف على كلمة (مساء) يوقَف عليها بالسكون (صباحَ مساءْ) لأنها، في هذا التركيب، غير منوَّنة أصلاً.
وكذلك التركيب «ليلَ نهارَ» - الذي يفيد الدوام والاستمرار - نحو: (يعمل المصْنعُ ليلَ نهارَ طَوال الشتاء). فإذا أُريدَ الوقوف على كلمة (نهار) يوقف عليها بالسكون (ليلَ نهارْ) لأنها، في هذا التركيب، غير منونة أصلاً.
ولكن يقال مثلاً: تذاع الأخبار صباحاً ومساءَ(اْ). تتواصل الدوريات ليلاً ونهاراْ. لأن (مساءً) تنوَّن إذا دَرَجَ المتكلم، نحو: صباحاً ومساءً كلَّ يوم؛ وكذلك (نهاراً).
أما في قصيدة أحمد شوقي في رثاء عمر المختار (من الكامل):
رَكَزُوا رُفاتَكَ في الرِّمال لِواءً              يَستَنْهضُ الواديْ صباحَ مَسَاءَاْ
فقد اقتضى الشِّعْرُ إشباعَ حركة الرَّوِيِّ (القافية) بـ (أَلِفِ الإطلاق): مساءَاْ. وتُلفظ (لِواءاْ) على المنهاج، لأنها في الأصل مُنَوَّنة: لِواءً!
ملاحظة ثانية:
إنِ اضْطُرَّ مَن يقرأ الآية:] ... فإمّا مَنًّا بَعْدُ وإما فِداءً حتى تضعَ الحربُ أوزارَها...[ إلى الوقوف على كلمة (فداءً) نَطَقَ بها [فِداءَ(اْ)]! أما إنْ أراد الوقوف على كلمة (أولياءَ) في الآية: ] أَفَحَسِبَ الذين كفروا أن يَتَّخذوا عبادي من دوني أولياءَ ج إنّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ للكافرين نُزُلاً[ فَيَنْطق بها (أولياءْ) لأنها في الأصل غير مُنَوَّنة (ممنوعة من الصَّرْف).


93- حول بعض حالات المنع من التنوين (المنع من الصَّرْف)
الاسم المَصْروف هو الذي يجوز أن يلحقه التنوين والجرُّ بالكسْرة. أما الاسم الممنوع من الصَّرْف(85) فلا يُنوَّن، ويُجرُّ بالفتحة نيابةً عن الكسرة. وهناك أسماءٌ على وزن (أَفْعال) تنتهي بهمزة (غير زائدة) قَبْلها ألِفٌ زائدة. وهذه كلُّها - باستثناء كلمة (أشياء) - مَصْروفة أي تُنوَّن. ومن الخطأ أن تُعامَل معاملة (أشياء)! تقول: أنباءٌ؛ أنباءً؛ أنباءٍ.
ومن هذه الأسماء: آراءٌ، أخطاءٌ، أضواءٌ، أجزاءٌ، أعباءٌ، أبناءٌ، آباءٌ، أنحاءٌ، أرجاءٌ، أزياءٌ، أحياءٌ، أبهاءٌ، أعداءٌ، إلخ
أما (أشياء) فشذَّت سماعاً: فهي لا تُنَوَّن، وتُجرُّ بالفتحة نيابة عن الكسرة، نحو: هذه أشياءُ جميلةٌ؛ رأيتُ أشياءَ جميلةً. (لا يقال: أشياءٌ، أشياءً!) وفي التنْزيل العزيز:] يا أيها الذين آمنوا لا تَسألوا عن أشياءَ إنْ تُبْدَ لكم تَسُؤْكم[.
- ومِثلُ (أفعال) المذكورة (إفْعال)، نحو: إملاءٌ، إحياءٌ، إعطاءٌ، إعياءٌ
- ومن الممنوع من التنوين:
أ- كل اسم إيقاع وزنه (مَفاعِل) أو (مَفاعِيل) أي كلُّ جَمْعٍ كان بعد ألِفِ تكسيره:
- حَرْفان (وقد يكون أحد الحرفين مُدْغماً في الآخر)، نحو: مساجد، معابد، دراهم، تجارب، طبائع، جواهر، خَواصّ، مَوادّ، عَوامّ، دوابّ
- ثلاثة أحرف أَوسَطُها ساكن، نحو: مصابيح، قناديل، دنانير، عصافير، مناديل، أحاديث، تهاويل، كراسيّ، أناسيّ (جمع إنسان)
ب- الأسماء المنتهية بهمزة زائدة قَبْلها ألِفٌ زائدة. وأهمّ هذه الأسماء ما كان على وزن:
- فَعْلاء، نحو: صحراء، حسناء، شقراء، شمطاء، نجلاء، عمياء، لمياء، عرجاء
- فُعَلاء، نحو: علماء، شعراء، جهلاء، شهداء، كرماء، زملاء، دُنآء (ج دَنِيء)
- أَفْعِلاء، نحو: أنبياء، أولياء، أوفياء، أغنياء، أذكياء (مفرد كلٍ منها رباعي معتلّ اللام)، أطبّاء، أحِبّاء، أعزّاء، أذلاّء، أشدّاء (طبيب، حبيب، عزيز، ذليل، شديد).
ج- ما كان من الأسماء وزنه (أَفْعَل) سواء كان صفةً مؤنثها فَعْلاء (نحو: أحمر حمراء، فلا يدخل في هذه المجموعة أَرْمَلٌ أرملةٌ!) أو عَلَماً (أحمد؛ أسعد) أو اسم تفضيل مؤنثه فُعْلى (أفضل، فُضْلى).
ملاحظة: لا يُجرُّ الممنوع من الصرف بالكسرة إلا في حالتين:
1- إذا اقترن بـ (أل) كقول الشاعر:
وإذا افتقرْتَ إلى الذخائِرِ لم تَجِدْ       ذخراً يكون كصالح الأعمالِ
2-             إذا أُضيف إلى اسمٍ بَعْدَه:
] لقد خَلَقْنا الإنسانَ في أحسنِ تقويم[.
 ومن مظاهرِ الثقافة



94- النَّسَب إلى (الكيمياء)
القاعدة، عند النسب(91) إلى الاسم الممدود، هي النظر في همزته: فإن كانت أصلية بقيت على حالها، وإن كانت للتأنيث قُلبت واواً، وإن كانت منقلبة عن أصلٍ جاز إبقاؤها وقلبها واواً.
وقد أعاد مجمع القاهرة سنة 1969 النظر في النسبة إلى (كيمياء)، بعد أن ناقشتها لجنة الأصول مناقشة تامة، وانتهى إلى القرار الآتي:
«يجوز إثبات الهمزة في النَّسَب إلى (كيمياء) ولكن قلْبها واواً أَوْلى.»
وعلى هذا نقول: كيميائي وكيمياوي، وهذا ما أورده (المعجم الوسيط).
أما النسب إلى (الكِيماء)، وهذا ما قاله بعض الأقدمين من السَّلف، فهو (الكيماوي)، ولم يورد (المعجم الوسيط) -معجم مَجْمع القاهرة هذه الكلمة إلا في الطبعة الثالثة! ثم إنه استعمل لفظ (كيميائي) صفةً للعاقل ولغيره! ولا داعي للتمييز بينهما كما اقترح بعضهم: فكلمة (لغويّ) مثلاً، تستعمل صفة للعاقل ولغيره. تقول: عالِمٌ لغوي، وبحث لغوي.
أخيراً: تُستعمل كلمة (فيزيائي) لوصف العاقل وغيره. وأرى للمُشاكلة أن نقتصر على استعمال كلمة (كيميائي).
جاء في (أخبار الحكماء) للقفطي أن ثمة كتاباً للفيلسوف الكِندي اسمه: (التنبيه على خدع الكيميائيين) عاش الكندي من 796 إلى 873 م.



95- تَبْيِيْن، لا: تَفْنِيْد !
جاء في (المعجم الوسيط): «فَنَّد رأيَ فلان: أَضْعَفَهُ وأبْطَلَه. فَنَّدَ فلاناً = أَفْنَدَهُ: خَطَّأَ رأْيه.» وفي التنْزيل العزيز حكايةً عن يعقوب: )إني لأجدُ رِيحَ يوسفَ لولا أنْ تُفَنِّدوْنِ( أي لولا أنْ تُفَنِّدوني(1): لولا أنْ تُسَفهِّوا رأيي لَصَدَّ قتموني.
يقال على الصواب:
         ·        هذا زَعْمٌ يَسهُل تفنيده: أي يسهل إبطاله وبيان زَيْفه.
         ·        يمكن بسهولة تفنيد هذا الادعاء !
ويَستعمل بعض الناس هذه المادة، خطأً، في غير ما وُضِعت له، فيقولون، مثلاً: فَنِّدْ لي هذه النفقات الإجمالية ! يريدون: بَيِّنْ لي تفصيلاتها.
ـــــــــــ
(1) حذف الياء التي هي ضمير المتكلم من آخر الأفعال جائز، مثل: أكْرَمَنِ = أكرمني، أَهانَنِ = أهانني؛ إيايَّ فاعبدونِ = فاعبدوني. (النحو الوافي 1/ح 186).




96- حَوْلَ
جاء في (المعجم الوسيط): «الحَوْلُ من الشيء: الجهات المحيطة به. يقال: رأيتُ الناسَ حَوْلَه
وجاء فيه: «دَارَ: طاف حَوْلَ الشيء
وجاء فيه: «حامَ حَوْلَ الشيء وعليه حَوْماً وحَوَماناً: دارَ. وفي الحديث: (مَنْ حامَ حولَ الحِمَى يُوشِك أن يقع فيه) أي: مَن قارَبَ الآثام قَرُبَ اقترافهُ لها.»
وجاء في معجم (متن اللغة): «هو حَوْلَ الشيء: أي يَطِيفُ به من جوانبه.» [يَطِيف = يَطُوف].
وجاء فيه: «دارَ حَوْلَ البيت: طافَ حَوْلَه.»
وجاء في معجم (أساس البلاغة): «قَعَدُوا حَوْلَه.»
وجاء في (معجم ألفاظ القرآن الكريم): «حَوْلُ الشيء: ما يُحيط به، ويُستعمل منصوباً، وتارةً مجروراً بِمِنْ.»
وفي التنْزيل العزيز: )قال لِمَنْ حَوْلَه ألا تَسْتمِعُون(.
وفي التنْزيل العزيز: )ولو كنتَ فظّاً غليظَ القلب لا نْفَضُّوا مِن حَوْلِك(.
يستبين بما سبق أنه إذا قلنا: تدور الأرضُ حَوْلَ الشمس، كان الكلام مستقيماً. وإذا قلنا: يدور الدولاب حَوْلَ مِحوره، كان الكلام سليماً.
وإذا قلنا: دارَ النقاش حَوْلَ الموضوع الفلاني، كان الكلام مجازاً، بمعنى أن النقاش تناول الموضوع من جوانبه المختلفة.
وكذلك إذا قلنا: أدارَ المحُاضِرُ الحديثَ حول الزكاة.
أو إذا قلنا: أدارَ صاحبُ البرنامج الإذاعي الحلقة حول الأدب الأُمَوِيّ.
ومن المجاز أيضاً:
-        « فقلت أنت تحوم حول أبي نُواس في قوله » (الأغاني 7/220).
-        «وفي المناقضات التي دارت بين الفرزدق وجرير حول زواج بنت زيق...» (الأغاني 10/303). [ناقضَ الشاعرُ الشاعرَ: قال أحدهما قصيدةً فنَقَضَها صاحبُه عليه رادّاً على ما فيها معارضاً له (المعجم الوسيط). ثم إن الحِوار والمُساجلة أيضاً يجري كلٌّ منهما بين شخصين فأكثر، فكأنهما (فكأنهم) يتناولون الموضوع من جوانب مختلفة.]
-        « حِوار حول تبذيره المال.» (الأغاني 12/37).
-        « مُساجَلة حولَ جارية يقال لها مليحة.» (الأغاني 23/39).
وغالباً ما تستعمل كلمة (حَوْل) في هذه الأيام استعمالاً يُجانبه التوفيق:
والوجه أن يقال:
-                    دراسات في اللغة.
-                    تقرير عن الجلسة. (أجاز مَجمْع اللغة العربية بالقاهرة تضمين حرف الجر (عن) معنىً يُضاف إلى معانيه المعروفة- هو «الاتصال والتعلُّق والارتباط»)
-                    ألقى محاضرة عن
-                    حديث عن الجاحظ.
-                    معلومات عن المقاييس.
-                    معطيات عن كذا.
-                    كتاب في الهندسة / الكهرباء.
-                    مَراجع في المقاييس.
-                    آراء القراء في الكتاب.
-                    كتب فصلاً في / عن البلاغة.
-                    توضيحُ فتوى/توضيحٌ لفتوى فلان.
-                    ملاحظات (على/ تتعلق بـ) الأسباب [ بمعنى تعقيب/ استدراك على]
-                    إرشادات ذات صِلة / تتصل ب كذا..
-                     شكّ في الدلالة
-                    تعاليمه الخاصة بإدارة الجودة
-                    جاءنا تساؤلات عن مرض (الجمرة الخبيثة)
وفي التنْزيل العزيز: )عَمَّ يَتَساءِلون عن النبأ العظيم(
فقد قال بعضُهم:
-                    دراسات حول اللغة.
-                    تقرير حول الجلسة.



-                    ألقى محاضرة حول..
-                    حديث حول الجاحظ
-                    معلومات حول المقاييس.
-                    مُعطيات حول كذا.
-                    كتاب حول الهندسة / الكهرباء.
-                    مَراجع حول المقاييس.
-                    آراء القُرّاء حول الكتاب.
-                    كَتَبَ فَصْلاً حول البلاغة.
-                    توضيح حول فَتْوى فلان.
-                    ملاحظات حول الأسباب الموجبة للقانون..
-                    إرشادات حول كذا
-                    لا يوجد أيُّ شكّ حول الدلالة على
-                    أفادت تعاليمه حول إدارة الجودة كثيراً
-                    جاءنا تساؤلات حول مرض (الجمرة الخبيثة)



97- عَكَسَ، انعكس؛ انعكاس
مما جاء في (المعجم الوسيط):
«عكسَ الشيءَ يعكِسه عكْساً: قَلَبه؛ وعَكَسَ على فُلانٍ أَمْرهُ: رَدَّه عليه. انعكسَ الشيءُ: ارتدَّ آخرُهُ على أَوَّله.»
وقد استعمل العالم العربي الشهير ابن الهيثم (قبل ألف سنة) الفعل المطاوع (انعكس) كثيراً في بحوثه في علم الضوء، مثل: (إذا لقي الضوء جسماً صقيلاً فهو ينعكس عليه) أي يرتّدُّ عنه. هذا هو الأصل في الاستعمال.
ويَستعمل الآن كثيرٌ من الناس (الانعكاس) ترجمةً للكلمة الإنكليزية (أو الفرنسية) Repercussion. ولا بأس في هذا: فقد شرح المعجم (المورد) هذه الكلمة كما يلي:
«1- ارتداد 2- ترجيع صدى 3- المضاعَف: أثرٌ تالٍ أو مُتلكِّئ (أو نتيجة غير مباشرة)»
وهذا يعني أنه يمكن عند ترجمة الكلمة الإنكليزية (أو الفرنسية) استعمال (الارتداد أو الانعكاس أو ردّ الفعل) أحياناً، لا دائماً !
فلا بأس في قولهم: «وقد حذَّر الرئيسان من الانعكاسات الخطِرة لهجوم عسكري على أفغانستان يجري خارج الأمم المتحدة.» أي: حذّرا من ردود الأفعال الخطِرة
أما قولهم: ( وهذه الأرقام تبيّن انعكاس (!) فقدان الأمن على الحالة الاقتصادية.)
فالوجه أن يقال: ( تُبيّن أثر فقدان الأمن في الحالة الاقتصادية.)
والآن، ما الرأي في الاستعمالات الآتية، التي نصادفها في مجلات هذه الأيام؟ أليس البديل (المذكور بين قوسين) هو الكلمة أو العبارة التي لا تحتاج إلى تخريج متكلَّف؟
1- وله (فكتور هيغو) عينان واسعتان عميقتان تنعكس (فيهما)! (تُشِعُّ منهما / تتجلّى فيهما) عبقريته ونبوغه.
2- فقد تعددت آراء الباحثين حوْل (!) حقيقة ما ذهبت إليه جان دارك، هل هو انعكاسٌ لـِ (نتيجة / تعبير عن) أحاسيس عامة كانت سائدة بين الفرنسيين؟
3- فهذان الحدثان انعكسا بشكلٍ (!) مباشر على (كان لهما أثرٌ مباشر في) حياة جان دارْك.
4- ثم إن الرقابة هنا تعكِس (تشير إلى / تعبِّر عن / تُظهِر / تفضح) خوف السلطات واهتزاز موقفها
5- وانعكس ذلك على (وتأثرت بذلك) حالة الإنتاج والتجارة. وانعكس بدرجةٍ أكبر على (وتأثرت بقدْرٍ أكبر) حالة العمالة.
6- انخفضت نسبة المشتغلين بالتشييد، وهو قِطاعٌ يعكِس (يظهِر / يبيِّن / يُبرِز) حالة الاستقرار أو حالة التوتر.
7- وجرى تحديث هذه النسخة لتعكس (لتُظْهِر / لتُوِضح / لتُبيّن / لتُبرِز / لتصِفَ / لتشرَحَ) الوضع العالمي الراهن والتحديات الجديدة.
كتب طه حسين (جريدة الجمهورية الصادرة بتاريخ 18/12/1953) مقالاً مطّولاً جاء فيه: « فكّل أدب في أي أمة من الأمم، إنما يصور نوعاً من أنواع حياتها، ولوناً من ألوان شعورها وذوقها وتفكيرها وانعكاس (!) الحياة في نفوسها»
تُرى، هل ساهم كلام طه حسين فيما صنعه مَجْمع القاهرة بعد ذلك؟ فقد أجاز هذا المجمع مِثْلَ قولهم:
[«عكسَتِ الرحلةُ آثاراً طيبة على وجوه المشتركين فيها» أي ردَّت إلى نفوسهم آثاراً حميدةً واضحة تبَيَّن تأثيرُها على وجوههم واتضح.
وقولهم: «انعكس على العمال إهمال رؤسائهم فتهاونوا في أعمالهم.» أي ارتد إليهم إهمال الرؤساء فأثرَّ فيهم، وتبيَّن تأثيره في إهمالهم.
فالعكسُ هو الردُّ والتأثير والتوضيح، والانعكاس هو الارتداد والتأثير والاتضاح»].
انتهى كلام المجمع القاهري !!
جاء في معجم المجمع (المعجم الوسيط): «رَدَّهُ: مَنَعَه وصَرَفَهُ؛ أَرْجَعَهُ.»!
قلت: أليس الوجه أن يقال:
-        تركتِ الرحلةُ آثاراً طيبةً على وجوه المشتركين فيها.
-        انتقلت عدوى الإهمال من الرؤساء إلى العمال فتهاونوا في أعمالهم. أو: تهاون العمال في أعمالهم نتيجةً لإهمال رؤسائهم.
أخيراً، للكاتب- في كل حال- أن يَتَخيَّر بين (الجيد) و(المقبول)


98- (مادام) المصدرية الشرطية أو الظرفية الشرطية
جاء في (المعجم الوسيط): «دام الشيء يدوم دَوْماً ودواماً: ثَبَتَ. (مادام): يقال: لا أجلسُ ما دُمْتَ قائماً: مدةَ قِيامك.»
يقال على الصواب: يستحق المَرْءُ الاحترام والتكريم مادام شريفاً.
ويرى بعض العلماء أنه لا يصحّ تَقَدُّم (مادام) أي لا يصحّ أن تجيء في صدر الجملة، نحو: (مادام عليٌّ مجتهداً في دروسه فسيكتب له النجاح.) - وأنه يجب تأخرُّ (مادام) عما يكون مظروفاً أو جملة، نحو: ) وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دُمْتُ حَيّاً(. ونحو:
لا طِيْب للعيش مادامت منغَّصَةً          لَذَّاتُه بادِّ كار الموتِ والهَرَمِ
والحق، أن تَقَدُّم (مادام) هذه قديم صحيح، ورد في كلام الفصحاء. قال عبد الرحمن الداخل (ت 171هـ)، وكان من البلاغة بالمكان العالي:
مادام من نَسْلي إمامٌ قائمٌ           فالمُلْكُ فيكم ثابتٌ متواصلُ
وقال الخليل الفراهيدي لرسول سليمان بن علي (عمِّ السفّاح والمنصور) وهو يشير إلى خبزٍ بيده: «مادمت أجده فلا حاجة لي إلى سليمان.»
وقد أورد الأستاذ صبحي البصّام - في مقالة نشرتها مجلة (مَجْمَع اللغة العربية بدمشق، المجلد 57، الجزء الرابع، ص 639) - 24 شاهداً قديماً‌ فصيحاً على استعمال (مادام) المصدرية الشرطية. ونلاحظ اقتران جوابها بالفاء، على المنهاج في الحالات التي يقتضيها جواب الشرط.
والملاحَظ في أيامنا هذه أن (مادام) تُستعمل في غير ما وُضعت له:
فيقولون:
-        ومادُمْتَ قد جئت إلى دمشق فَلِمَ لم تَزُرْني؟
-        عليك ألاّ تُحْجِم عن مساعدته مادمت وَعَدْته!
-        ومادُمْنا نعرف أثره الخطِر فيجب أن نحتاط
والوجْه أن يقال:
-        وإذ قد جئت إلى دمشق فَلِمَ لم تَزُرْني؟
-        عليك ألاّ تحجم عن مساعدته بعد أن وعَدْته!
-         ولأننا نعرف أثره الخطِر، يجب أن نحتاط.
وقديماً قال الجاحظ (الحيوان 2/261): «وإذ قد وجدناه، فكيف لا نقضي» وقال ابن سِيْدَه (اللسان 14/301): «وإذ هي خمسة، فظاهر أمرها»



99- قَلَّما، طالما
هاتان الكلمتان لا يليهما إلا فِعل: (قلَّما) يليها فعل مضارع أو ماض؛ أما (طالما) فمخصوصة بالماضي.
1- جاء في (المعجم الوسيط): «قَلَّ الشيءُ يَقِلُّ قِلَّةً: نَدَرَ. وقلَّ: نَقَصَ. ويقال: هو يقلُّ عن كذا: يصغُر عنه. وقد تتصل (ما) بـ (قَلَّ) فتفيد النفي الصِّرف أو إثبات الشيءِ القليل. يقال: قلّما يُخْلِفُ النبيل وعْدَه. قلّما تجد الصديقَ الوفيّ
قال مصطفى صادق الرافعي (وحي القلم 2/220): « وقلّما رأيت رجلاً يستحقها إلا وهو لا يحتاج إليها.»
2- جاء في معجم (متن اللغة): «طال الشيءُ: امتدَّ.»
وجاء في (المعجم الوسيط): «طال يطول طُولاً: علا وارتفع.»
(طالما) مركّبة من (طال) و(ما). ومعناها: طال، كقول الحريري في مقالته الصنعانية:
«طالما أيقظك الدهرُ فتناعَسْت.» [أيقظ: فعل ماض !]. أي طال إيقاظ الدهر إياك.
طالما أوْفَيْتَ بوعدك: طال إيفاؤُك بوعدك.
طالما نصحت لك ألاّ تشارك هذا الرجل. طالما حذّرتك (من) مَغَبَّة هذه الأعمال!
في هذه النماذج استُعملت (طالما) استعمالاً صحيحاً. ولكن كثيراً ما يُخْطئون في استعمالها: فيقولون:
-        لن ينجح فلان طالما هو منغمس في اللهو.
-        طالما أنت بخير فأنا بخير! (يليها هنا ضمير!)
-         لِمَ لا يشتري سيارة طالما يملك مالاً كثيراً؟ [يليها هنا مضارع، لا ماض !!]
-         سوف تنجح طالما تسهر الليالي في الدراسة.
والوجهُ أن يقال:
-        لن ينجح فلان ما بقي / مادام منغمساً
-         أنا بخير ما دُمْتَ بخير.
-         لم لا يشتري سيارة، وهو يملك الكثير من المال؟
-        سوف تنجح لأنك تسهر الليالي



100- (إنْ) و(إذا) الشرطيتان: أوجه الشبه والاختلاف بينهما
سنقْصِر الحديث فيما يلي على (إنْ(113)) و(إذا(100)) الشرطيتين، علماً بأنهما تكونان غير شرطيتين أيضاً.
[قد تتجرد (إذا) للظرفية المحض، غير متضمنة معنى الشرط. فتكون ظرفاً للحال بعد القَسَم، نحو: )والنجم إذا هوى(؛ )والليل إذا يغشى( فهي هنا بمعنى (حين). وتكون للزمان الماضي، نحو:) حتى إذا ساوى بين الصَّدَفَيْن قال انفُخُوا(؛ وللاستمرار في الماضي دون الشرط، نحو: )وإذا رأوا تجارةً أو لَهْواً انفضّوا إليها(؛ )وإذا لقُوا الذين آمنوا قالوا آمَنّا(. وتكون للوقت المجرّد، نحو: صَلِّ إذا طلع الفجر، أي وقتَ طلوعه.]
للشرط جملتان: جملة للشرط، وأخرى للجواب (أو الجزاء).
(إنْ) أداة شرط جازمة ومن المقرر أن أداة الشرط الجازمة مهما تكن صيغة فعل الشرط أو جوابه تجعل زمن شرطها وجوابها مستقبَلاً خالصاً، نحو:
إنْ جئتني أكرمتُك. إن تَجِئْني أُكرمْك.
(إذا) ظرفٌ للمستقبل غالباً، متضمن معنى الشرط غالباً. وقد اجتمع النوعان الظرفية الشرطية والظرفية المحضة في قول الشاعر:
إذا أنت لم تَتْركْ أخاك وزَلَّةً        - إذا زَلَّها - أو شكتما أن تَفَرَّقا
وتضاف (إذا) الظرفية الشرطية إلى جملة فعلية خبرية هي في الأكثر- ماضوية. وقد اجتمع النوعان في قول الشاعر:
والنفس راغبةٌ إذا رغَّبْتَها          وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنعُ
ومثال الجملة الخبرية المضارعية أيضاً:
وإذا تكون كريهةٌ أُدعى لها           وإذا يُحاسُ الحَيْسُ يدعى جُنْدُبُ
والماضي في شرطها أو جوابها مستقبَلُ الزمن، سواء أكان ماضي اللفظ أم كان ماضياً معنىً وحُكْماً دون لفظ، وهو المضارع المجزوم بـ (لَمْ)، نحو:
إنَّ السماء إذا لم تَبْكِ مٌقْلَتُها          لم تضحكِ الأرض عن دانٍ من الثَّمرِ
(كُسِرت كاف تضحك لالتقاء الساكنين).
إذا أنت أكرمتَ الكريمَ مَلكْتَهُ          وإنْ أنت أكرمْتَ اللئيم تَمَرَّدا

أحكام (إنْ) و(إذا)
1ً- يمتنع وقوع فعل الشرط ماضيَ المعنى حقيقةً، فلا يصحّ أن نقول: إنْ هَطَل المطر أمسِ يشرب النبات. وأما قوله تعالى على لسان عيسى عليه السلام: )إن كنتُ قلتُه فقد عَلِمتَه( فالقرائن تدل على أن المراد: إنْ يثْبتْ في المستقبل أني قلتّه فقد عَلِمتَه.
2ً- تختص (إذا) الشرطية بالأمر المتيقَّن (أي المحقَّق الحصول) أو المظنون (أي المرجَّح حصوله وتَحَقُّقُه)، ولكن الأول هو الأغلب، نحو:
-        إذا أقبل الشتاء أقيمُ عندكم. (لا بد أن يأتي الشتاء!)
-        إذا جئت أكرمتُك. (أنت على يقين من مجيئه)
-        آتيك إذا احْمَرَّ البُسْرُ، والبُسْرُ لا بد أن يحمرّ فهو التمر قبل أن يصبح رُطَباً.
3ً- وتختص (إنْ) الشرطية بالمشكوك فيه (الذي يتساوى فيه تَوَقُّع الحصول وعدم التوقّع) أو بالمستحيل، أو أحياناً- بالمحقَّق (لنكتة بلاغية)، نحو:
-        إنْ تدرسْ تنجحْ. (الدراسة مشكوك فيها: قد تحصل وقد لا تحصل!).
-        إنْ جئتَ أكرمتُك.
-        )قلْ إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين( هنا استحالة! الرحمن لم يلد ولم يُولَد!
-         )وما جعلْنا لبَشَرٍ من قبلك الخُلْد، أفَإنْ مِتَّ فَهمُ الخالدون؟( أُنزل الموت وهو محقَّق- مَنْزلة المشكوك فيه لإبهام زمنه.
-        إذا قال الأب لابنه: (إنْ كنتَ ابني فَافْعلْ كذا) فالشرط مُحقَّق! والغرض استنهاض الهمة!
وعلى هذا تختص (إذا) الشرطية بمتيقَّن الوجود بحكم معنى الظرف، كما تختص أداة الشرط (إنْ) بالمستحيل. وتشتركان في المشكوك فيه والمحتَمَل بحكم معنى الشرط.
والقرائنُ وحدَها هي التي تعيّن اليقين، أو الظن، أو الشك، أو الاستحالةمع الدلالة على الشرطية في كل حالة.
4ً- وقد وُضعتْ (إنْ) في الأكثر- لتعليق الجواب تعليقاً مجرداً يراد منه الدلالة على وقوع الجواب وتَحقُّقه، بوقوع الشرط وتَحقُّقِه [سواء أكان الشرط سبباً في وجود الجواب، نحو: إن تطلع الشمس يَخْتَفِ الليل، أم غير سبب، نحو: إن كان النهار موجوداً كانت الشمس طالعة].
مثال ذلك قوله تعالى: )وإنْ تُبْدُوا ما في أنفسِكم أو تُخْفوه يحاسِبْكم به الله(.
5ً- حُكْم (إذا) مع أنها غير جازمة- هو حكم أدوات الشرط الجازمة [ومنها (إنْ)] من حيث اقترانُ جوابها بالفاء أو عدمُه. وهناك قاعدتان:
القاعدة الأولى:
إذا لم يَصْلح الجواب لأن يكون شرطاً وذلك بأنْ كان جملةً اسميةً، أو فعلية فِعْلها طلبيّ أو جامد أو مسبوق بـ (ما) النافية، أو (قد)، أو (لن) أو (س) أو (سوف) أو (ربّما) أو (كأنما)- وَجَبَ اقترانه بالفاء؛ ويلخّص معظمَ هذه القواعد البيتُ الآتي:
اِسميةٌ   طلبيةٌ   وبجامدٍ            وبما وقد وبِلن وبالتنفيس
وفيما يلي نماذج فصيحة تبيّن كل حالة:
1ً- الاسمية:
         ·       )وإذا مَسَّهُ الشّرُّ فذو دُعاءٍ عريض(. (ذو) من الأسماء الخمسة.
         ·       )وإذا سألَكَ عبادي عني فإني قريب(. (إنَّ) حرف مشبّه بالفعل يدخل على الاسم والضمير (وهو اسم أيضاً).
         ·       إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاةَ إلا المكتوبة (حديث شريف).
         ·       إذا أتيتم الصلاةَ فعليكم السكينة. (حديث شريف). حرف الجر (على) دخل على ضمير (اسم)!
         ·       اِبدأ بنفسك فانْهَهَا عن غَيِّها              فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
  (أنت ضمير منفصل).
         ·       إذا وَرَّثَ المُثْرون أبناءَهم غِنىً           وجاهاً، فما أشقى بني الحكماء
(ما) اسمية للتعجب (نكرة تامة).
         ·       إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى            فأكثرُ ما يجني عليه اجتهادُه
 (أكثر) اسم تفضيل.
         ·       إذا كان لا يريد أن يسمعَ صوتَ الحق، فَهَيْهاتَ أن يسمع صوتَ إنسان.
 (هيهات) اسم فعل.
         ·       إذا لم ينتفع بهذا الدواء فعندئذٍ لا بُدَّ من الجراحة. (عندئذ) ظرف، أي اسم.
         ·       )إنْ ينصُرْكم الله فلا غالب لكم(؛ (غالب) اسم فاعل.
         ·       إنْ تَصفحْ فالصفحُ أجمل.
         ·       )إنْ أحسنتم أحسنتم لأنفسكم، وإنْ أسأتم فَلَها(. الضمير (ها) اسم.
2ً- الطلبية:
ومنها الأمر، والنهْيُ، والدعاء، والاستفهام، والعَرْض، والتحضيض، والتمني، والترجّي.
الأمر:
         ·       )إذا جاء نصْرُ الله والفتح،…….فَسَبِّحْ بحمد ربك(
         ·       إذا أكَلَ أحدكم فَلْيأكُل بيمينه. (حديث شريف).
         ·       وإذا  قَصدْتَ  لحاجةٍ           فاقْصِدْ لمُعترِفٍ بقدرك (الإمام الشافعي).
النهي:
         ·       )يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم(. (لا) الناهية جزمت المضارع بحذف النون.
         ·       )قال إنْ سألْتُك عن شيءٍ بَعْدَها فلا تصاحِبْني(.
         ·       إذا دخل أحدُكم المسجد فلا يجلسْ حتى يركع ركعتين. (حديث شريف).
الدعاء:
         ·       ربِّ إنْ أدْعُك لما يرضيك فاستجبْ، وإنْ أتّجهْ لما يغضبُك فَلْتُرشِدْني للسَّداد.
اللام هنا لام الدعاء الجازمة!
         ·       إنْ يمُت المجاهد فيرحَمُه الله! (برفع يرحمه!) [لا يقال: إنْ يَمُت المجاهد يرحَمْه الله (بلا فاء) لأن هذا غير معلوم لنا على جهة القطع!]
الاستفهام:
         ·       )وإنْ يخذلكْم فمَنْ ذا الذي يَنصُرُكم من بعده؟(.
         ·       وإذا كان ذلك كذلك، فكيف يكون (شَعَلَ) هو الفصيح؟
         ·       إذا سنحت لك الفرصة، فَهَلْ تتركُها تَفِرّ؟ (الفاء) تدخل على أدوات الاستفهام: (هل، كيف، أين).
         ·       إذا لاحت لك الآمال، أَفَتَقْعُدُ عن السعي وراءها؟ (الفاء تأتي بعد همزة الاستفهام).
         ·       إذا صحّ أنَّ في المسألة قَوْليْن، أَفَيسُوغُ أن نقْطع بالتخطئة؟
3ً- الفعل الجامد:
         ·       )إنْ تَرَنِ أنا أَقَلَّ منك مالاً وولداً، فعسى ربي أن يُؤْتِينِ خيراً من جَنَّتِك(.
         ·       )وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جُناح(
         ·       إذا المرءُ لم يَخْزُنْ عليه لسانَه      فليس على شيءٍ سِواه بِخَزَّان!
4ً- (ما(179)) النافية:
         ·       إذا  مرَّ  بي  يومٌ  ولم  أَتَّخِذْ  يداً             ولم أستفِدْ علماً فما ذاك من عمري
         ·       )فإنْ تَوَلَّيْتُم فما سألتكم من أجْر(.
         ·       إذا كانت النُّعمى تكدَّر بالأذى            فما هي إلا مِحْنةٌ وعذابُ
5ً- قد(148):
         ·       )إن يَسْرِقْ فقد سَرَقَ أخٌ له من قَبْل(.
         ·       )إلاّ تنصروه فقد نصره الله(.
         ·       إذا قلتَ لصاحبك أَنْصِتْ يوم الجمعة والإمام يخطب، فقد لَغَوْت. (حديث شريف).
6ً- لن(173):
         ·       إذا لم تعمل بجِدٍّ ونشاط فلن تنجح وتبْلغَ العُلا.
         ·       ومَنْ هابَ الرجالَ تَهيَّبُوهُ          ومَنْ حَقَرَ الرجالَ فلن يُهابا (الإمام الشافعي).
   (مَنْ: أداة شرط جازمة!).
7ً- س(137) / سوف(136):
         ·       )وإنْ خِفْتُم عَيْلةً فسوف يُغنيكم الله من فضله(.
         ·       إذا صبرتَ على هذا مدة أسبوع، فسيكون بمقدورك الاستمرار فيه طويلاً.
8ً- رُبَّما(134) / كأنّما(151):
         ·       (رُبَّ) تدخل على اسم نكرة مجرور، فجملتها جملة اسمية! نحو: رُبّ ضارة نافعة.
         ·       (كأنّ) حرف مشبّه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر، فجملته جملة اسمية.
تختص (ربّما) بالدخول على الجُمل ماضوية ومضارعية.
تدخل (كأنّما) على الجمل الاسمية والفعلية.
         ·       إنْ تجِئْ فَرُبَّما أجيءُ.
         ·       )..أنه مَنْ قتل نفْساً بغير نفْسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنّما قتل الناسً جميعاً(.
فائدة: يكثر وقوع (ما) الزائدة بعد (إذا). كقول الشاعر:
إذا ما بَدَتْ ليلى فكُلّي أعْينُ              وإنْ هي ناجتْني فكُلِّي مسامع
(كل) اسم.
ولستُ إذا ما صاحبٌ خانَ عهدَهُ         وعندي له سِرٌّ مذيعاً له سِرَّا
القاعدة الثانية: أحكام فعل الجواب:
يجوز أن تكون الجملة الجوابية للشرط الجازم مُثْبَتةً أو مَنْفِيّةً بـ (لا). وقد اجتمع الأمران في قول الشاعر:
ومَنْ يغتربْ يَحْسَبْ عدوّاً صديقَهُ          ومَنْ  لا يكرِّم  نفسه  لا يكرَّمِ
أولاً: إنْ كان فعل الجواب ماضياً متصرّفاً مجرداً من (قد) و(ما) وغيرهما مما يتصل به ويوجب اقترانه بالفاء، فَلَهُ ثلاثة أضرب:
أ‌) فإنْ كان ماضياً لفظاً ومعنىً، فالواجب اقترانه بالفاء على تقدير (قد) قبله، كقوله تعالى: )إنْ كان قميصه قُدَّ من قُبُلٍ فصدقت(. أي: فقد صدقت.
ب‌) وإنْ كان ماضياً في لفظه (أو حُكْمه) مستقبلاً في معناه، غير مقصود به وعدٌ أو وعيد، امتنع اقترانه بالفاء، نحو:
         ·        )إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم(.
         ·       آية المنافق ثلاثٌ: إذا حَدَّثَ كذَب، وإذا وَعَدَ أخْلف، وإذا اؤْتُمِنَ خان. (حديث شريف).
         ·       إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى     ظمِئتَ، وأيُّ الناس تصفو مشاربه؟
(بشار بن برد)
         ·       إذا  أنت  لم  تَعرفْ  لنفسك  حقَّها            هواناً بها، كانت على الناس أهونا
         ·       إذا أمكن استعمال الضمير المتصل، لم يَجُزْ استعمال الضمير المنفصل؛ تقول (سافرتُ) لا (سافَرَ أنا!).
         ·       وإن رأَوْني بخيرٍ ساءهم فرحي          وإنْ رأوني بِشَرٍّ سَرَّهم نكدي
(الإمام الشافعي)
         ·       إنًّ اللئام إذا أذلَلْتهم صَلَحُوا        على الهوان، وإنْ أكرمْتَهم فَسَدوا
ج- وإنْ قُصِد بالماضي الذي معناه المستقبل وعدٌ أو وعيد، جاز اقترانه بالفاء على تقدير (قد)، إجراءً له مُجْرى الماضي لفظاً ومعنىً، للمبالغة في تَحقُّق وقوعه، وأنه بمنزلة ما وقع. ومنه قوله تعالى: )ومَنْ جاء بالسيئة فَكُبَّتْ وجوههم(؛ وجاز عدم اقترانه مراعاةً للواقع، وأنه مستقبل في حقيقته وليس ماضياً، نحو:
         ·       إذا الملِكُ الجبّار صَعَّر خَدَّهُ             مَشَيْنا إليه بالسيوف نعاتبه
ويندرج تحت الوعد والوعيد ما كان غير صريح في أحدهما، ولكنه ملحوظ في الكلام، مرادٌ منه، فيدخل الدعاء بنوعيه (الخير والشرّ). فمن الدعاء بالخير قول الشاعر:
         ·       وإذا ارتحلْتَ فَشَيَّعَتْكَ سلامةٌ         حيث اتجهْتَ ودِيْمةٌ مِدرارُ
ومن الدعاء بالشرِّ:
         ·       إذا لم يكن فِيْكُنَّ ظِلٌّ ولا جَنَىً         فأبْعَدكُنَّ اللهُ مِن شجراتِ
ثانياً: إنْ كان فعل الجواب مضارعاً يَصْلُح فعلاً للشرط، وكان مُثْبتاً أو مَنْفياً بـ (لا)، جاز تَجَرُّدُه من الفاء (مع وجوب جزمه إنْ كانت الأداة جازمة)، وجاز اقترانه بالفاء مع وجوب رفْعه، نحو:
         ·       )وإنْ تعودوا نعُدْ(؛
         ·       )وإنْ تَعُدُّوا نعمة الله لا تحصوها(.
         ·       )وإنْ يَسْلبْهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه(.
         ·       فإنْ تَدْنُ مِنّي تَدْنُ منك مودتي        وإنْ تَنْأَ عني تَلْقَني عنك نائياً
(الإمام الشافعي).
         ·       أذِقْنا شرابَ الأُنس يا من إذا سقى       مُحباً شراباً لا يُضام و لا يَظْما
(الإمام الشافعي).
         ·       وإذا تكون كريهة أُدعى لها            وإذا يُحاس الحَيْس يدعى جُنْدُبُ
(أبو العيناء)
         ·       والنفس راغبةٌ إذا رغّبْتَها               وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تَقنعُ
         ·       )ومن عاد فينتقمُ اللهُ منه(.
         ·       )فمَنْ يؤمن بربّه فلا يخافُ بخْساً ولا رَهَقاً(.
         ·       )وإذا رأيتَهم تعْجبُك أجسامُهم(.
         ·       إذا كان الأمر في اللغة المعوَّل عليها هكذا وعلى هذا، فيجبُ أن يقلَّ استعمالها
(ابن جنّي).
         ·       إنْ قَلَّمَ أظافيره أو جزَّ شَعْرَهُ يجبْ أن يَدْفِن! (الكليات لأبي البقاء الكفوي 5/127).
[يُستعمل (يجب) في كلامهم أحياناً بمعنى (يُسْتحبّ)].
مصادر البحث
1-   النحو الوافي؛ عباس حسن دار المعارف بمصر.
2-   جامع الدروس العربية؛ الشيخ مصطفى الغلاييني المكتبة العصرية، صيدا بيروت.
3-   الكفاف؛ يوسف الصيداوي دار الفكر بدمشق.
4-   الأدوات النحوية؛ صلاح الدين الزعبلاوي مجلة التراث العربي، العدد 53- اتحاد الكتاب العرب بدمشق.
5-   الشرط والقَسَم؛ صلاح الدين الزعبلاوي مجلة التراث العربي، العدد 50- اتحاد الكتاب العرب بدمشق.
6-   الكليات، لأبي البقاء الكفوي وزارة الثقافة والإرشاد القومي (إحياء التراث العربي).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق