بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 أكتوبر 2016

هل الهواتف الجوالة ضارة اجتماعياً؟

الأمر المألوف اليوم هو أن يكون بيد كل شخص هاتفه الجوال، الذكي أو العادي، (عدد الهواتف الجوالة أكثر من عدد سكان الأرض منذ عام 2014!)، والمألوف أيضاً رؤية الشباب خصوصاً منكبين على أجهزتهم بما يوحي بأنهم غير قادرين على الحركة بدونها، وهذا ما يجعل البعض يتساءل عن أمور كثيرة منها: الانشغال الدائم بالتواصل بأشكاله وأنماطه التكنولوجية المختلفة على حساب الانشغال ربما بالتواصل مع من هم حولنا! كما أن هذه التكنولوجيا تجعلنا في المدى المتاح للآخرين، أي فقدان ميزة الوحدة التي لها فضائلها في الدراسة أو التفكير والتأمل أو مجرد الاستراحة والابتعاد عن صخب الحياة.

التكنولوجيا اليوم تسير بأسرع مما يحتاج إليه الاجتماعي أو القانوني أو حتى الأخلاقي للتفكير ووضع الضوابط والتصرف. تفرض نفسها وتترك المجتمعات بعدها تتكيف مع ما تطرحه من منتجات في الأسواق، دون حتى أن يكون لدينا قدرة توقع عواقب هذه التكنولوجيات على الحياة عموماً والاجتماعية خصوصاً. 

ولكن في حالة الهاتف الجوال فالفوائد أكثر من أن تعد وتحصى في الحياة اليومية وتفاصيلها واحتياجاتها، وكذلك الأمر في جوانبها الاجتماعية بما تتحه من تواصل بين الناس كان متعذراً فيما سبق أو كان يحتاج إلى أوقات كبيرة. من أبسط الأمور إمكانية الاطمئنان على الآخرين الذي هو أمر حيوي لكثيرين وخاصة الآباء. وهي تسمح بإحياء علاقات قديمة أضعفها البعد وصعوبة التواصل.

ومن الصحيح أيضاً أن لهذا الأمر مضايقاته، وهي تصل إلى درجة الإدمان، حتى أن البعض لا يستطيع التحرك بدونها! ولكن التغلب عليها أمر سهل ويعود إلى وضع كل شخص. والأمر لا يتطلب أكثر من إغلاق أجهزة الاتصال هذه لفترة تطول أو تقصر يومياً، ذلك أن الرسائل القصيرة لن تضيع وحتى معرفة من حاولوا الاتصال بنا. فمن المثبت أننا بحاجة إلى بعض العزلة الشخصية اليومية لتفريغ شحنات امتلأت بها صدورنا عبر نهارات طويلة أحياناً.

بقي أن نقول إن التواصل في طبيعة الإنسان، وقول إن الجنة حتى بلا أناس لا تطاق، لا يعني أن ينسى المرء نفسه ومن حوله، إذ للتواصل مع هؤلاء ميزة نفسية-إنسانية أعلى كما يقول بذلك النفسانيون.... فإغلاق وسائل الاتصال هذه لبضعة ساعات يومياً لن يوقف الحياة، بل ربما يساعد على عيشها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق