بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 نوفمبر 2016

السجن ... والسجون والسويد



لم يُعرف السِجن إلا منذ القرن الثالث عشر باعتباره عقوبة. كان التوقيف قبل ذلك هو الشائع، وهو توقيف بانتظار حكم القاضي الذي كان حكمه مبرماً دون أن يكون السجن عقوبة بحد ذاته. فالعقوبة كانت القتل، أو دفع تعويض، أو الأعمال الشاقة أو ما شابه. أما اليوم فالسجن هو عقوبة لكل من ارتكب جنحة تخالف أنظمة المجتمع. وإضافة إلى كونه عقوبة فينظر إليه باعتباره حماية للمجتمع من أشخاص يمثلون خطراً، وكذلك لردع من تسوّل له نفسه ارتكاب حماقات، حتى لو كانت صغيرة، بحق المجتمع. سيسجل ذلك في سجله العدلي الذي يمثل إلى حد ما شهادة عن سلوك صاحب السجل.

يرتبط ارتكاب الجنح بأمور عديدة، لعل أهمها درجة تعلم أفراد المجتمع عموماً، وكذلك تطور العدالة في مجتمع ما. العدالة التي تقدم حماية لحقوق الناس تجعلهم يلجؤون إليها دونما حاجة للمنازعات. وكذلك الإنصاف في المعاملة التي يحوز عليه أفراد مجتمع ما من حيث تساويهم في الفرص المتاحة من تعليم أو عمل أو طبابة وغير ذلك. أو الأنظمة السائدة في بلد ما حيث يسهل رفع الدعاوى لأتفه الأسباب باعتبارها حقوقاً للفرد يجب احترامها، كما هو الحال في أمريكا (وهو بلد يسمح فيه باقتناء السلاح بدون رخصة!)، أو دول أخرى على النقيض تحل فيها المسائل بواسطة أصحاب النفوذ دون اللجوء إلى المحاكم، كما هو الحال في العديد من الدول الحديثة العهد. كما أن الحالة الاقتصادية لمجتمع ما تقلل حكماً من حوادث الاعتداء والسرقة عموماً، إذا كما يقال بأن الفقر كافر.

يمكن اعتبار أن نسبة المساجين في بلد ما صورة عن استقرار المجتمع وانخفاض الجريمة أو الجنح فيه. وهذه النسبة تعطى على شكل عدد يمثل عدد المساجين لكل مائة ألف نسمة. تتصدر قائمة الدول جمهورية السيشل، وهي جزر في شمالي غرب المحيط الهندي، بواقع 799 سجيناً، يليها الولايات المتحدة بواقع 693 (يجب أن نعرف أن 43 مليون أمريكي يعيشون تحت خط الفقر!) ثم تركمنستان والسلفادور وجزر الفرجين التابعة للولايات المتحدة ثم كوبا ثم روسيا بواقع 443 سجيناً. تأتي السويد بين أقل الدول في عدد المساجين بواقع 53 سجيناً، وتتساوى بذلك مع اليمن وقطر. يمكن الوصول إلى تفاصيل هذه المعلومات عبر هذا الرابط. على أن نعرف أن الأرقام المذكورة هي أرقام رسمية بحق من صدرت فيهم أحكام، ولا تظهر عدد الموقوفين كما أنها لا تظهر أعداد الموقوفين لأسباب سياسية مثلاً، وإنما فقط بسبب الجنح المدنية.

بقي أن نقول إن السويد أغلقت في هذا العام ثلاثة سجون لخلوها من المساجين. فعدد المساجين في هذا البلد هو قرابة 4852 سجيناً، وهذا الإغلاق يعني تراجعاً للجنح في هذا البلد. لا عجب في ذلك، إذ إن هذا البلد يصنّف من بين أكثر دول العالم تقدماً في مختلف المجالات، الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق