بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 22 أبريل 2018

الذرّة ... ورأس الدبوس

تتألف المواد الصلبة والسائلة والغازية من ذرات. وكلمة ذرّة في العربية هي ترجمة لكلمة atom الإنكليزية والمأخوذة عن اليونانية، وهي بمعنى: "الذي لا يمكن تجزئته إلى ما هو أصغر منه". أما في العربية فتعني "مقدار ضئيل جداً، بالغ الصغر، مثّل بالنملة أو رأس النملة أو الهباءة المنبثة في الهواء..." كما جاء في لسان العرب.

والذرة التي يتحدث عنها العلم هي كائن صغير للغاية لا يرى بالعين المجردة لصغر حجمه. فلو قمنا برصف مليون ذرة هيدروجين الواحدة بملاصقة الأخرى لكان مجملها يساوي قطر شعرة. أما عن وزنها فيمكن التفكير برأس دبوس حجمه1ملم مكعب، والذي يضم 60 مليون مليار من ذرات الحديد! إذن فوزن الذرة وحجمها هي أشياء صغيرة للغاية، حتى لو أخذنا أكبر الذرات حجماً ووزناً.

الذرات تختلف فيما بينها في الحجم والوزن، أخف الذرات وأصغرها هي ذرات الهيدروجين، ولكن أكبرها لا يزيد في الحجم عنها سوى بعشر مرات. والذرات في تكوينها تتألف من جسيمات متناهية في الصغر تتميز بشحنتها الكهربائية. وهذه الجسيمات تتموضع في فراغ الذرة لتشكل عالماً بذاته يشبه الكرة، التي في مركزها نوعان من الجسيمات، أولهما يسمى "بروتون" بشحنة كهربائية موجبة، وثانيهما يسمى "نيترون" بلا شحنة كهربائية. وهذان الجسيمان يشكلان معاً "النواة"، نواة الذرة. وفي النواة يمكن أن يوجد أعداد مختلفة من البروتونات والنيترونات بحسب اختلاف المواد. ففي ذرة الأكسجين مثلاً يوجد ثمانية بروتونات وثمانية نيترونات. أما ذرة الهيدروجين فلا يوجد فيه سوى بروتون وحيد، وذرة الهيدروجين هي الذرة الوحيدة بلا نيترونات. 
وفي العموم يكون عدد البروتونات مساوٍ لعدد النيترونات والاختلاف بينهما يقود إلى موضوع النظائر الذي سنتحدث عنه في ورقة تالية. 

وحول النواة تتحرك الإلكترونات، على شكل غيمة حول النواة، تختلف سماكة الغيمة باختلاف عدد الذرات.
هذا رسم توضيحي تظهر فيه الإلكترونات، والواقع هو أنه لا يمكن معرفة أين تكون في لحظة ما إلا بطريقة احتمالية،
وكان من الأنسب تمثيل فضاء رمادي يحيط بالنواة تكون فيه الإلكترونات. 
وعدد الإلكترونات يساوي عدد البروتونات. والإلكترون ذو شحنة سالبة مساوية لشحنة البروتون. وبذلك تكون الذرة متوازنة كهربائياً. ودور الإلكترونات هو في التفاعلات الكيمائية بين المواد. حيث يمكن لمادتين مختلفتين أن يتشاركا في بعض إلكتروناتهما ليشكلا جزيئاً جديداً، كما هو الحال في الهيدروجين والأكسجين اللذان يشكلان معاً جزيئات الماء.

والنواة هي المكون الأكبر في الذرة، فحجم البروتون أكبر بمقدار 1840 مرة حجم الإلكترون.
نواة الذرة باللون الوردي وغمامة الإلكترونات حولها مشيرة إلى درجة احتمال وجود
 الإلكترون في الفراغ المحيط بالنواة
ودوران الإلكترونات حول النواة يكون في فراغ الذرة وبما لا يسمح من التقائها بالبروتونات. وهذا الفراغ كبير جداً مقارنة بحجم الإلكترون أو البروتون، بالرغم من الصغر المتناهي لحجم الذرة. ولولا هذا الفراغ لكانت المادة، أية مادة، من الثقل بحيث لا يمكن التعامل معها. ولو عدنا لرأس الدبوس، ولو افترضنا أن لا فراغ في ذراته بين الإلكترونات والنواة، وأنها ممتلئة بالبروتونات والنيترونات والإلكترونات، لكانت كتلة رأس الدبوس حينئذ 180 ألف طن!!!

أما ديموقريطس الذي قال بوجود الذرة تأيداً لأستاذه، بحجة أن قسمة غرض ما إلى نصفين، ومن ثم أخذ أحد النصفين وقسمه أيضاً إلى نصفين، والاستمرار في ذلك سيفضي بنا إلى جسيم صغير لا يمكن قسمته بعدها. هذا كلام صحيح بمعنى القسمة والمحافظة على المادة. لكن ديموقريطس لم يكن يعرف أن الذرة تحتوى على جسيمات صغيرة موجودة هي نفسها في كل المواد. أي أن إلكترون الأكسجين يماثل إلكترون الألمنيوم، والأمر نفسه بالنسبة للبروتون وكذلك النيترون، ولكل المواد في الطبيعة.



أما إذا أردتم رؤية الذرة رأي العين فما عليكم إلا أن تأخذوا ورقة عادية وتقسموها إلى
تقسيم ورقة لعشر مرات متتالية لنصل إلى المستطيل الأحمر... فهل يمكننا متابعة التقسيم لست وعشرين مرة متتالية!
نصفين، ثم تأخذوا أحد النصفين فتقسموه أيضاً إلى نصفين، ثم تكرروا ذلك نحو 26 مرة فستصلون إلى قصيصة ورق بحجم الذرة...أتمنى لكم حظاً سعيداً بالرغم من أن كل المجاهر لم تسمح برؤيتها المباشرة حتى اليوم ولن تسمح بذلك في المستقبل... وللحديث تتمة.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق