بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 9 أبريل 2018

الغذاء القليل الحريرات والعمر الطويل... الليمور مثالاً

في خضم الأبحاث التي تجرى هنا وهناك حول إطالة العمر ومقاومة الشيخوخة، توجّه بعضها لمراقبة علاقة الغذاء بالصحة عموماً وطول العمر بالدرجة الأولى. وهذا التوجه ارتبط بالكثير من الملاحظات والمشاهدات عن أولئك الذين يمسكون عن الطعام ويراقبون نوعه وكميته وارتباط ذلك بصحتهم العامة وطول عمرهم. ففي بعض الجزر اليونانية واليابانية تتأكد ظاهرة طول عمر سكانها، وهم المعروفون بأنواع خاصة من الطعام وبسلوك غذائي مختلف عن غيرهم من الجماعات الإنسانية.

وبما أنه لا يوجد جواب مباشر يمكن الأخذ به، ولصعوبة دراسة الظاهرة، فهي تحتاج

إلى مراقبة تدوم على مدة أجيال وأجيال يموت فيها المراقبون قبل المراقبين. لذا أخذ فريق من الباحثين بدراسة قرد الليمور الصغير الحجم والذي يعيش في مدغشقر. وهذا القرد الصغير يشابه الإنسان في نواح فيزيولوجية مختلفة، زيادة عن مشابهة القردة عموماً للإنسان. وهو لا يعيش لأكثر من اثني عشر عاماً إلا إذا كان حبيس الحدائق العامة فيموت في سن أبكر، فالسجن لا يطيل في عمر أي كان.

وُضع 34 ليموراً تحت المراقبة، نصفها ترك يعيش على سجيته والنصف الآخر كان يقدم له طعام بسعرات (وحدات) حرارية أقل. وبعد ثلاثة عشر عاماً من المراقبة كانت النتيجة واضحة وضوح الشمس. فبعد هذه المدة ماتت كل الليمورات التي عاشت على سجيتها، وبلغ أطولها عمراً الحادية عشرة فقط، بينما كان ثلث المجموعة الأخرى لا يزال على قيد الحياة. وبلغ بعض أفراد مجموعة الحمية من العمر ثلاثة عشر عاماً. وفي الوسطي فقد بلغ عمر أفراد المجموعة الأولى 6.4 سنة أما في مجموعة الحميّة فقد كان الوسطي 9.6 سنة، أي أن قردة الليمور التي اتبعت نظاماً غذائياً بحريرات أقل زاد عمرها 50% عن القردة الأخرى التي كانت تأكل على هواها، وهي زيادة هامة.

والأمر لم يتوقف عند هذه الزيادة في العمر فقط، إذ ظهرت علائم الشيخوخة عند المجموعة الأولى بأسرع منها عند مجموعة الحمية. ولكن ظهرت أيضاً لدى أفراد مجموعة الحمية الذين بلغوا الثالثة عشر من العمر تشوه بسيط في المادة الرمادية، الدماغ، دون أن يؤثر ذلك على قدراتها الذهنية أو الحركية.

هل يمكن القول بأن تناول غذاء قليل الحريرات يمكن أن يكون له الأثر نفسه عند الإنسان؟ لا أحد حتى اليوم يستطيع أن يؤكد ذلك، ولا يوجد أي اتفاق بين الإخصائيين على ذلك حتى اليوم. فهذا يتطلب دراسة تحول الغذاء إلى طاقة في الخلية، وخاصة الحبيبات الخطية (الميتوكوندريا mitochondria) التي تقوم بدور مصانع الطاقة في الخلية، أو دراسة تباطؤ الأكسدة في الخلايا. وهذان مجالان مفتوحان للبحث.


ومع هذا يبقى أن الصيام مفيد ومريح للجسم يمكن ممارسته بين الحين والآخر من داخل الفروض الدينية أو خارجها، وكل شعوب الأرض تتفق على فائدته. كما أنه من المعروف أنه من الأفضل التوقف عن الاستمرار في تناول الطعام بمجرد الشعور بنصف الشبع بسبب التأخير في انتقال معلومة الشبع بين المعدة والدماغ، وهو تأخير يصل إلى قرابة عشرين دقيقة، وكذلك الانتباه إلى كمية الدسم والسكريات المتناولة... فالمعدة سبب كل داء والحمية خير دواء كما يقال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق