بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 مارس 2016

لا فوازييه ... إلى المقصلة

لافوازييه وزوجته
إنه الفرنسي لافوازييه، والد الكيمياء، المولود في عام 1743 في باريس لأسرة ميسورة. درس القانون وكان له أن يكون محامياً ولكنه لم يفعل. وخلال دراسته للقانون كان يتابع محاضرات العلوم الطبيعية. كان ذلك في فترة كانت باريس تضج بالنشاط العلمي والفكري، إذ ظهرت في تلك الفترة أول موسوعة، وكانت الجامعات في طور التحول نحو العلوم التطبيقية حيث بدأت مدارس الهندسة بالظهور. انشدّ لافوازييه نحو النهج التجريبي الذي تحض على التساؤل والشك وضرورة البرهان. التحق بأساتذة الكيمياء في ذلك العصر، وساهم مع مشاهير الفرنسيين في تحديد خارطة للمناجم في فرنسا، بعد أن عمل على مدى ثلاث سنوات في جمع عينات معدنية من مختلف أرجاء فرنسا. 

دراسته للقانون كانت وراء اهتمامه بالسياسة، وهذا ما سمح له أن يكون مسؤولاً في عام 1770  عن جمع الضرائب وهذا أيضاً ما أبعده لمدة ثلاث سنوات عن أبحاثه، ولكن خبرته في الضرائب جعلت منه خبيراً مالياً، استفاد منها لاحقاً في اقتراح نظام فرض الضرائب في فرنسا في عام 1790، أي بعد الثورة الفرنسية بسنة واحدة.

في عام 1772 عاد للاهتمام بمسألة الاحتراق. كتب تقريراً في نيسان عام 1775 يقول فيه إن للاحتراق سبب لازم، يسميه في عام 1779 بالأوكسجين. نعم، إن كلمة أوكسجين تعود إلى لافوازييه، وبرهن أن الهواء مؤلف من الأوكسجين، وسمي الجزء الباقي من الهواء بالآزوت. وكان قبل هذا التاريخ قد اكتشف عملية الأكسدة، التي سماها حينذاك بـ"الحمضنة". وفي عام 1783 برهن أن الماء مركب من الأوكسجين ومن غاز لاحظه البريطاني هنري كافنديش وسماه "الهواء القابل للاشتعال"، ولكن لافوازيه سماه بالهيدروجين، بمعنى "موّلد الماء" المشتقة من الإغريقية: "هيدرو، أي الماء"، و"جين" من موّلد.

وغير اكتشافاته وأبحاثه الكيمائية، وهي كثيرة جداً، أدخل لافوازييه إلى الكيمياء المنهج التجريبي القياسي، وكذلك الرياضيات باعتبارها أداة تساعد على فهم أشياء لا يمكن الوصول إليها بغيرها. كان صديقاً لعالم الرياضيات الشهر لابلاس، الذي ساعد لافوازييه على استعمال الرياضيات في الكيمياء.

قامت الثورة الفرنسية في عام 1789، وكان لافوازييه أقرب إلى النظام الملكي، والملك لا يزال موجوداً، وإن بصلاحيات محددة. انخرط لافوازييه في المعترك السياسي، وقدم مقترحات اقتصادية ومالية ومشروعاً للتعليم الوطني. وضمن حيثيات مشاركته في لجان مالية، وأمور اختلط فيها الحابل بالنابل، تم توقيفه، وحوكم أمام المحكمة الثورية، التي حكمت عليه بالإعدام. طلب لافوازييه منحة مهلة لإنهاء تجاربه، فأجابه القاضي: " لا تحتاج الجمهورية إلى علماء أو كيمائيين، ولا يمكن إيقاف مجرى العدالة". وأعدم بالمقصلة في الثامن أيار عام 1794.

بقي أن نقول إنه في اليوم التالي لإعدام لافوازييه، علّق أحد أشهر علماء الرياضيات في ذلك العصر وهو "لاغرانج" قائلاً: "لم يحتاجوا سوى للحظة لقطع تلك الرأس، ولكن مائة سنة قد لا تكفي لإنجاب رأس مثل رأسه".

نسينا أن نقول أيضاً، إن زوجته كانت مساعدته الأولى في كل أعماله، وهي من ترجمت له أعمال الكيمائيين الإنكليز. ولكن في تلك الأيام لم تكن مسألة سن الزواج ذات بال، فقد كان لزوجته " ماري آن" من العمر ثلاثة عشر عاماً عندما تزوجا!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق