الحشرات... طعام المستقبل

مع تزايد السكان على وجه الأرض، وكل ما طرأ عليها من مشاكل بيئية واستهلاك كبير لمواردها، ستواجه البشرية يوما ما (وليس بالبعيد) مشكلة كبيرة في التغذية. عدد سكان الأرض الآن يزيد عن سبعة مليارات، وسيصل إلى تسعة مليارات في العام 2050 في أقل التقديرات. فما العمل؟

أهم عناصر التغذية التي يحتاجها الإنسان هو البروتين. مصدره الأكبر هو اللحوم بأنواعها، والمنتجات الحيوانية، وبعض المنتجات الزراعية مثل الحبوب. أكثرالموارد النباتية احتواء على البروتين هو فول الصويا. والمشكلة في هذين المصدرين أن تربية الحيوانات تستهلك الجزء الأكبر من مصادر الأراضي الزراعية، مباشرة في الرعي، أو غير مباشرة في إنتاج العلف. أما فول الصويا فهو يحتاج إلى مياه كثيرة وإلى أراض واسعة وكذلك إلى الكثير من العناية والمكافحة. كلا المصدران سيئان بيئياً، ولكن مرغم أخاك لا بطل.

لذا يجب البحث عن مصادر أخرى للبروتين. والواقع أن مصدراً مهماً يكمن في الحشرات. من الجراد إلى بعض أنواع الذباب وغير ذلك. تُستهلك حالياً مثل هذه الحشرات في حوالى 100 دولة في العالم، من المكسيك إلى الصين وتايلاند وبعض الدول الأفريقية. واستهلاكها إما مباشرة، أو لا عن طريق صنع ما يسمى بطحين الحشرات، المماثل لطحين السمك الذي يصنع من أسماك المحيطات الصغيرة، والتي هي أيضاً إلى نضوب.

وعلى الرغم من أن ذلك يبدو مقززاً، ولكن علينا أن نتذكر أن الأغلبية لا تمانع في تناول أحشاء حيوانات مثل الخراف والأبقار، وكذلك تناول الرخويات البحرية وحتى السمك النيء، وهو شيء نقوم به لاعتيادنا عليه وليس لأنه محببٌ للوهلة الأولى. إضافة إلى أننا لسنا مضطرين لتناول الحشرات مباشرة وإنما استخدامها لإنتاج طحين يستعمل في أطباق الطعام أو يكون علفاً لحيوانات لا نمانع في أكلها.

حتى الآن لا نجيد تربية الحشرات وإنتاجها بكميات اقتصادية. هناك أبحاث جارية في مختلف بقاع الأرض للوصول إلى طرائق تتح ذلك، علماً بأنه قد بدأت بعض المؤسسات التي تقوم بتربية الحشرات بالظهور، ولكنها تقوم بتربية بعض أنواع الحشرات لأغراض خاصة منها إنتاج كميات محدودة من الطحين. 

ومن النتائج التي تم التوصل إليها الآن مثلاً أنه لكي يزداد وزن العجل بمقدار كيلو مثلاً وتربية ما مقداره كيلو من الحشرات فإن نسبة العشب اللازم هي خمسة أضعاف للعجل عما تحتاجه الحشرات. أضف إلى أن للحشرات القدرة على التهام البقايا المنزلية أو الأعشاب والخضروات مهما تكن حالتها. وغير ذلك فإن العجل مثلاً يحتاج إلى ثلاثة أشهر ليزيد وزنه بمقدار 5 كيلو، وفي غضون هذه الأشهر الثلاثة فإن الحشرات يتضاعف وزنها بمقدار مائة مرة!

بقي أن نقول إن للإنسان قدرة كبيرة على التكيف، ففي يوم من الأيام كان يأكل كل شيء يصادفه ويستطيع مضغه، ثم وصل إلى أن حدّ نفسه بعدد قليل من أنواع اللحوم مترفعاً عن كل ما تبقى. ولكن أوقات الحروب تقول شيئاً آخر ...  القطط والجرذان والأفاعي عداك عن الكثير من الأعشاب كلها تصبح طيبة المذاق.

ومع هذا فقد نجد أنفسنا أمام مشاكل من نوع جديد إزاء هذا المصدر الجديد!... ولكن هكذا هي الحياة طالما أنها قائمة.