بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 فبراير 2017

سور الصين ... ليس في الصين وحدها

سور الصين، وتطلق عليه صفة العظيم، واسمه الحقيقي باللغة الصينية هو "السور الطويل". كان القصد منه حماية ممالك الصين من هجمات قبائل الشمال. بني وتهدم وأعيد بناؤه مرات عديدة بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الثاني عشر. وهو أضخم الأسوار في التاريخ، ولا يزال البناء الأكبر حتى يومنا هذا، سواء في الطول أو المساحة أو الكتلة. يبلغ طوله 6259.6 كم، ولكن هذا يمثل الأجزاء المتبقية التي يمكن مشاهدتها. أما الطول الحقيقي فيساوي 21196.18 كم إذا أخذنا بالاعتبار الأجزاء المتهدمة أو المناطق التي يمر فيها دون أن ُيبنى شيءٌ فيها لأنها تشكل حواجز طبيعية من تلال وأنهار.

صنفت اليونسكو هذا الأثر التاريخي ضمن المأثور الإنساني. يمكن مشاهدته من الفضاء في أيام الجو الصحو من ارتفاع قرابة 250 كم، ولا يمكن مشاهدته من القمر على ما يشاع، فهو لا يتعدى في مساحته مساحة أي طريق عادي، إذا يبلغ عرضه بين أربعة وخمسة أمتار وارتفاعه بين ستة وسبعة أمتار. وهو من بين أكثر الآثار التي يؤمها السياح، فعدد زواره يتراوح بين 15 و 16 مليون زائر سنوياً.

وهذا السور ليس بالسور الوحيد، فقد عرف التاريخ أسواراً كثيرة كان جلها لحماية المدن وليس لحماية الدول أو الفصل بين الناس. ولكن العصر الحديث حفل بمثل هذه المشاريع التي كان القصد منها الفصل بين الناس وليس صد الحروب، والسور الذي تبنيه الولايات المتحدة بينها وبين المكسيك للحد من تسلل المكسيكيين إليها، هو جدار كراهية وليس جدار حماية، كما هو حال كل الجدران التي بنيت للفصل بين الناس، وكان من أشهرها جدار برلين الذي فصل بين الألمان أنفسهم!
بناء سور الصين في سانت-إتين


إلا أن أسواراً من نوع آخر بنيت في القرن الماضي في مدن أوروبية عندما كانت الصناعة الأوروبية في أوجها، مما استدعى إقامة أبنية سكنية للعمال على وجه السرعة، تضمن وظائف السكن الأساسية ولا تبعد كثيراً عن أماكن العمل ويمكن إنجازها بسرعة. ولكن هذه الأبنية كانت بطريقة ما كارثة اجتماعية مما أدى إلى هدمها والتخلي عن ذلك تماماً. ففي مدينة سانت-إتين الفرنسية شيّد في ستينات القرن الماضي بناء من 19 طابقاً طوله 270 متراً ويضم 450 شقة، وكان بذلك أكبر بناء شيّد وقتها في أوروبا، أطلق الناس عليه لقب سور الصين تهكماً. أزيل هذا البناء عام 2000 وكان أكبر بناء يتم تفجيره بالديناميت، بعد أن تحول إلى بؤرة للمشاكل والانحراف... ولم تعتمده اليونسكو من الإرث الإنساني، لحسن الحظ!... لهندسة المباني أثر في التشكل الاجتماعي...وللحديث صلة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق