بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

بروميثيوس ... والإنسان والمعرفة

بروميثيوس هو أحد شخوص الأسطورة الإغريقية الهامة، فهو من طائفة الآلهة الضخمة الأولى التي سبقت تلك التي سكنت الأولمب. وبحسب الأسطورة الإغريقية فهو الذي خلق الإنسان من ماء وتراب، ثم نفخت فيه الآلهة أتينا نفَس الحياة. وفعل بروميثيوس كل ما يجب كي يسير الإنسان على قدميه منتصباً، ويجعل جسده قريباً من حجم جسد الآلهة. ولكن الإنسان مع هذا بقي ضعيفاً إزاء المخلوقات الأرضية الأخرى. لذا قرر بروميثيوس أن يهبه النار المقدسة، وأن يعلمه أموراً كثيرة منها التعدين وفنون أخرى تساعده على الاستمرار في الحياة. 

برميثيوس مكبلاً
أثار ذلك سخط الآلهة الأخرى، وخاصة كبيرهم زيوس. فقد كانت المهمة المناطة ببروميثيوس هي منح الحياة لكل مخلوق، وكانت مهمة أخيه أن يمنحها إمكانية الدفاع عن نفسها من أظافر وأسنان، ولكن أخاه فشل في مهمته مما حمل بروميثيوس على أن يقدم النار للإنسان لتعويض فشل أخيه. ولكن هذا لم يقلل من غضب زيوس الذي قرر أن يعذب بروميثيوس عذاباً أليماً على ما قام به خفية ومن خارج الاتفاق. لذا كبّل زيوس بروميثيوس بسلاسل الحديد على صخرة في القوقاز وتركه فريسة للنسور التي كانت تلتهم كبده في كل يوم، ولكن الكبد هو العضو الوحيد الذي يعاود النمو عند تعرضه لأذى، وهذا ما جعل عذاب بروميثيوس أبدياً. 

هنا يتدخل هرقل بإنجازاته الاثني عشرة وينقذ بروميثيوس من عذاب أكل النسور لكبده، ولكن دون أن يخلصه من قيده إلى الصخرة خشية غضب زيوس. أما زيوس الحاقد على الإنسان فقرر التخلص منه عن طريق الطوفان، ولكنه أبقى على ابن بروميثيوس وزوجة ابنه، وهما من أنصاف الآلهة. 


هذه الأسطورة هي في الواقع ليست إلا كناية عن فضل المعرفة على الناس. فالنار هي مكون أساسي في حياة الناس، وهي التي تحمل الضوء، رمز المعرفة. وكل ما علّم بروميثيوس الإنسان من فنون فهو لتمكينه من الحياة، أي لا حياة بلا معرفة. وهذه الأسطورة تثير أيضاً مسألة ما يسميه الإغريقيون بـ"الهيبريس"، وهو ميل الإنسان الجامح لأن يضع نفسه بمقام الآلهة وأن يرفع نفسه بأعلى مما هو عليه. وبحسب بعض النسخ الإغريقية لهذه الأسطورة، فإن عقاب بروميثيوس هو عقاب على جرأته بصلبه أو شد وثاقه إلى صخرة للقول ربما بأن هناك حدوداً لا يمكن تجاوزها وأثقالاً لا يمكن رفعها والكشف عما وراءها... أي إنه لا يجوز معرفة كل شيء أو لا يمكن معرفة كل شيء.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق