بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 فبراير 2017

تيمورلنك... تاريخ الدم

هكذا يكتب اسمه موصولاً، مع أنه من الأفضل أن يكتب مفصولاً: تيمور لنك، الذي يعني تيمور الأعرج. وتيمور هو الاسم الذي أطلقه عليه أبوه تيمناً بتيمورجين (حديد) المعروف باسم جنكيزخان، بعد أن تعثر ابنه بقراءة الآية التي فيها "يوم تمور السماء موراً". هكذا تقول الرواية!

كانت ولادته في أوزبكستان الحالية عام 1336 ميلادية، وتوفي في عام 1405 فيما يعرف اليوم بكازخستان. والده طراغاي شيخ قبيلة تركية، كان أول من اعتنق الإسلام في قبيلته واشتهر بورعه. التحق تيمور بأمير تركي محارب وهو في السادسة عشر من العمر. ترقى إلى مناصب عالية في جيوش القبائل ليصل في عام 1369 إلى عرش سمرقند حاضرة آسيا الوسطى، وأطلق على نفسه اسم "الأمير الكبير". أشتهر عنه العنف والقسوة، لا رحمة لديه ولا شفقة. كما كان صاحب مكر وخديعة حاذق.

أمضى النصف الثاني من عمره في توسيع رقعة دولته ليضم إليه خوارزم وأذربيجان وإيران وكردستان. غزا الهند في عام 1398 وله من العمر أكثر من ستين عاماً واتخذ من الهنود أكثر من مائة ألف أسير قتلهم جنوده وكدسوا رؤوسهم على شكل أهرامات. دمر وأحرق مدناً كثيرة من بينها دلهي. وساق من أهلها الكثير عبيداً. هذه كانت سياسته في حروبه: الحرق والدمار والقتل بلا رحمة، إلا لأصحاب المهن الذين كان يرسل بهم إلى سمرقند ليعملوا فيها.
الدولة التيمورلنية التي استمرت حتى مطلع القرن السادس عشر

حارب الأتراك والمماليك بعد ذلك. وساقه هذا إلى دخول حلب وتدميرها مرتين، مرة في الذهاب وأخرى في الإياب، وأحرق دمشق التي مكث فيها 80 يوماً وفتك بأهلها. ودمّر معظم مدن سورية ولبنان الحالية. وفي حزيران لعام 1401 دخل بغداد وقتل 20 ألفاً من سكانها. وطلب من جنوده وهو في بغداد ألا يعود أي منهم إليه إلا حاملاً رأسين بشريين بيديه. وفي عام 1402، غزا تيمورلنك الأناضول وهزم السلطان العثماني بيازيد الأول في معركة أنقرة وأسره، وجرّه وراءه في قفص حديدي إلى أن مات بيازيد منتحراً. وفي حوار جرى بينهما، قال تيمورلنك لبيازيد: "إنه لمن سخرية الأقدار أن يحكم العالم أعوراً وأعرجاً"، إذ كان بيازيد أعوراً، وكان يتوسع ويتمدد في تركيا الحالية محاولاً احتلال القسطنطينية. أما تيمورلنك فكان أعرجاً، وهذا ما أكده التصوير الشعاعي لقبره.

جهّز تيمورلنك في عام 1404 جيشاً وحملة ليقودها إلى الصين، ولكن حمى الطاعون كانت بانتظاره ليموت في منتصف شباط عام 1405. تاركاً وراءه 18 زوجة وأولاداً كثر توفي الكثيرون منهم في حياته. ولكن الأهم من ذلك أنه ترك وراءه دماً ودماراً في كل الأماكن التي زحف إليها. وبالاعتماد على روايات المؤرخين، فإن عدد من قتل جرّاء حروبه يتراوح بين مليون و 17 مليون. وإذا أخذنا الرقم الثاني، فيكون قد قتل 5% من سكان العالم وقتها!

بقي أن نقول إنه ولد على ما يبدو ويداه مليئتان بالدم، مما جعل عرّاف قبيلته يتطيّر خوفاً، فقد ذكره ذلك بميلاد جينكيزخان. وهو لا يذكر اليوم إلا كناية عن الخراب والدمار.

هناك تعليق واحد: