بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 مارس 2018

وفاة ستيفن هوكينغ...موجز تاريخ الزمن

هو بريطاني من مواليد عام 1942، توفي اليوم 14 آذار عام 2018. اختص في الفيزياء النظرية (الفيزياء الكمومية) والفلك. وهو ابن لطبيب وباحث بيولوجي ولأم ناشطة سياسية. وفي عام 1963 تم تشخيص إصابته بمرض يرتبط بالتحريك العصبي، وهو مرض غير معروف حتى اليوم، وقدّر الأطباء أنه لن يعيش لأكثر من سنتين ولكنه عاش لأكثر من ذلك بخمسين سنة. فلمرضه أشكال مختلفة في تطوره، وما أصابه كان بطيء التطور. 

ولكن هذا التشخيص وموت صبي تعرف عليه في المستشفى بمرض سرطان الدم، أيقظا لديه شعوراً بالنفعية، وجعله يقول: "بالرغم من أن غيوماً تتلبد فوق مستقبلي فقد وجدت، وهو ما كان مفاجئاً لي، أني أقدّر الحياة في الحاضر أكثر مما كنت أفعل في الماضي". وهذا ما جعله يقدم على العمل في اختصاصه بدأبٍ وجدّ معلناً: "إن هدفي لبسيط. إنه الفهم التام للكون، لماذا هو ما هو عليه ولماذا هو موجود". استخدم العكاز في أول مرضه رافضاً العربة ولكنه كان مرغماً على قبولها مصبحاً بذلك المريض الشهير المعروف في شوارع مدينة كمبردج بشراسته.


تزوج هوكينغ من جين وايلد عام 1965، أي بعد سنتين من تشخيص مرضه. فقد كان تعرف إلى زوجته عام 1962، وبالرغم من أن أحد أصحابها حذرها من هذا الزواج، فهو وأهله "عائلة من المجانين". فقد كان معروفاً عن عائلته حب التفرد والثقافة العالية، وكان أمر طبيعي لهم أن يمسك بعضهم بكتب وهم مجتمعون حول وجبة العشاء مثلاً. ولكنها أجابت من أنها متأكدة من حبه لها كما ذكرت ذلك في كتابها بعنوان "رحلة إلى اللانهاية: حياتي مع ستيفن" الذي نشرته عام 2013، أي بعد 22 عاماً من طلاقهما وإنجابهما ثلاثة أبناء. كان يرفض مناقشة حالته الصحية مع زوجته، ومتصلب في رأيه جعلها تقول عنه "إنه طفل ذو أنوية عالية". وفي أثناء زيارته لمركز الأبحاث النووية الأوروبي في جنيف عام 1985 أصيب هوكنغ بالتهاب رئوي أوصله إلى حافة الموت، وسأل الأطباء زوجته إن كانت تريد إيقاف العلاج وتركه لمصيره بدون عذاب، رفضت ونقل بعد فترة إلى مستشفى في كمبريدج حيث عولج وشفي من مرضه ولكنه فقد صوته من يومها. ومن يومها أصبح يتحرك على عربة ويخاطب الناس عبر حاسوب خاص به. تزوج في عام 1995 من ممرضته، زواجاً استمر أحد عشر عاماً تخلله حوادث سيئة مما جعله ينفصل عنها.

أول أعماله المهمة كانت في عام 1970 عندما طبّق رياضيات الثقوب السوداء مع العالم البريطاني الشهير روجر بنروز على الكون التي بيّنا عبرها أن الشذوذ المتأتي عن الانحناء اللامتناهي للزمكان هو أمر موجود منذ اللحظة الأولى في تاريخ الكون. وقال بنروز عن عمله مع هوكينغ: "كان لديه عزيمة مطلقة على ألا يترك شيئاً يعيق طريقه، فهو كان يظن بأنه لن يعيش طويلاً، وكان يريد الوصول إلى كل ما هو ممكن في تلك اللحظات". 
 

وفي عام 1974 
حقق أكبر أعماله، إذ كان أول من ربط ثوابت النسبية العامة بالميكانيك الكمومي ووضع ذلك في معادلة واحدة تقول بأن الثقوب السوداء ستطلق كميات هائلة من الحرارة متناسبة عكساً مع حجمها قبل أن تختفي نهائياً. اي أن الثقوب السوداء الصغيرة ستطلق حرارة هائلة. وسيُصدر جوار الثقب الأسود (وليس الثقب الأسود نفسه) أشعة ضعيفة يمكننا رصدها، وهي خفيفة لدرجة أنها لم ترصد حتى اليوم. وفي حال صدق توقعاته فسيحصل هوكينغ على جائزة نوبل بعد وفاته. 

انتخب في عام 1974 عضواً في الجمعية الملكية البريطانية، وبعد خمس سنوات شغل كرسي الرياضيات اللوقي في كمبردج، وهو الكرسي الذي شغله من قبل نيوتن وسندرسن (الرياضياتي الأعمى) وشارل باباج وديراك آخر آباء الفيزياء الكمومية. كانت مساهمات هوكينغ كثيرة وهامة، منها نظرية توسع الكون أو تضخمه على نحو سريع. وكان من بين أول من بينوا في عام 1982 كيف يمكن للذبذبات الكمومية داخل الذرة عن طريق التضخم أن تساهم في انتشار المجرات في الكون. أي أنه انطلاقاً من الاهتزازات الصغيرة لجسيمات الذرة تولد الأجرام والحياة كما نعرفها.

أما كتابه "موجز تاريخ الزمن" الذي نشر أول مرة عام 1988 ودخل سجل غينيس لبقائه لمدة 237 أسبوعاً كأفضل كتاب على قائمة الساندي تايمز. بيع منه نحو 10 ملايين نسخة وترجم إلى 40 لغة منها العربية. وهذا الكتاب كان الأهم في تكوين الصورة "الأسطورية" لهذا الفيزيائي العاجز، وهو ما أجاد الناشر استخدامه للدعاية للكتاب. وبحسب نقاد تلك الفترة لم يكن الكتاب بهذه الروعة، بل كانت صياغته سيئة! لم يكن هوكينغ أكبر فيزيائي العصر الحالي وإنما كان من بين أكبر الفلكيين، حصل على جوائز عالمية عديدة ولكنه لم يحصل على جائزة نوبل.

دعي إلى البيت الأبيض في أيام كلينتون ولم يمنع نفسه من التلميح إلى حادثة مونيكا لوينسكي، ولكنه عاد مرة ثانية عام 2009 حيث سلّمه أوباما ميدالية الحرية. وفي عام 2013 قاطع مؤتمراً كبيراً في إسرائيل، وله مواقف إنسانية من العديد من القضايا الدولية. وهو يعتقد بأن على البشرية التفكير بالارتحال في الفضاء بحثاً عن البقاء، كما أنه حذر من الاستعمال السيئ للذكاء الصنعي

كان يحلم بنظرية واحدة جامعة تفسر كل شيء. ولكن في عام 2010 ألف كتاباً مع زميل أمريكي بعنوان "الصورة الكبرى the grand design" قال فيه "يمكن أن تكون التوقعات التقليدية للفيزيائيين بوجود نظرية جامعة عن الطبيعة ضعيفة السند، وقد لا يكون هناك أي تفسير وحيد"... أما عن الموت فكان يقول "أنا لا أخاف من الموت، ولست أستعجله. فلدى أشياء كثيرة لأفعلها أولاً". وما كان يثير إعجاب الناس من حوله هو حجم الإنجازات التي حققها في حياته.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق