بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 أكتوبر 2018

مناجم لوريون .. قديمة قدم التاريخ

الإغريقيون والمناجم
أحد أقدم المناجم، أو منطقة مناجم، هي منطقة لوريون في اليونان، ويطلق عليها هضبة لوريون. وهذه المنطقة تقع إلى الجنوب الشرقي لأثينا، أثينا عاصمة اليونان اليوم، والدولة المدينة أيام الإغريق. وهذه المنطقة الجبلية عموماً هي منطقة غنية بالثروات المعدنية  مثل النحاس والرصاص والفضة. تقول الدراسات الأثرية بأن هذه المنطقة تحتوى على مناجم عديدة بأكثر مما تحتويه أية منطقة من مناطق العالم القديم. وتقول الدراسات بأن تاريخ العمل في مناجم هذه المنطقة يعود إلى خمسة آلاف سنة وربما أكثر. وهذا أمر يعني، من بين ما يعني، أن هناك تطوراً تقنياً حدث في تلك المنطقة لاستخراج المعادن من الفلز، وقبل ذلك كيفية الوصول إلى هذا الفلز. كما أن هذا كان يتطلب تنظيماً اجتماعياً وسياسياً يقتضيهما العمل في هذه المناجم.

وبالفعل فقد بنيت مدينة إغريقية بحالها، هي مدينة ثوريكوس، عند الجانب الشرقي لهضبة لوريون، بكل ما كانت المدينة الإغريقية تحتويه من مسرح وسوق وأماكن تجمّع، وشوارع مستقيمة وغير ذلك. وهذه المدينة قامت حول استغلال المناجم والحياة في تلك المنطقة. وفي هذه المنطقة تم العثور على العديد من شبكات منفصلة تحت الأرض شكّل كل منها منجماً مستقلاً. يبدأ المنجم بحفرة مربعة تمتد في الأرض على شكل بئر، ومنه تنطلق الشبكة سعياً وراء الفلز الحامل للمعدن. وهذه الشبكات كانت بالأحرى أفقية إلى حد ما، ولكن ممراتها كانت محدودة الارتفاع أحياناً تسمح بالكاد للعامل المستلقي على ظهره من التحرك سعياً وراء الفلز. بعض هذه الشبكات، على ما تم اكتشافه، يزيد طوله عن خمسة آلاف متر. وهذه الأنفاق أو السراديب كان يتطلب العمل فيها حل مسألة الحرارة ونقص الأوكسجين. تشير الدراسات الأثرية إلى احتمال حفر فتحات تهوية تصل بين سطح الأرض وهذه الأنفاق، ولكن لم يعثر حتى اليوم على أي من هذه الفتحات المفترضة. كما الفلز بحاجة إلى معالجة لاستخراج المعدن منه.

وتشير الكثير من الدلائل والحفريات في المدينة أو محيطها إلى قنوات وأحواض مياه كتيمة بنيت لفصل المعدن عما يحيط به من تراب أو غيره وذلك بالاعتماد على خاصية أن المعدن أثقل من التراب أو ذرات الرمل مما يجعل المعدن يرسب في المجاري أو الأحواض أما التراب أو ذرات الرمل فتحملها المياه معها إلى مسافة أبعد.

مباني الشركة الفرنسبة عام 1890
جرى العمل في هذا المناجم منذ فجر التاريخ ولكنه توسع كثيراً مع بداية دولة أثينا منذ القرن السادس قبل الميلاد وخاصة في القرن الخامس. وكان العمل في المناجم في هذه الفترة تعهد به الدولة إلى أفراد يدفعون رسوماً مقابل استئجارهم لهذه المناجم، وهذه الرسوم كانت منظمة بطريقة تجعل الدولة هي المستفيدة الأولى، وفترات هذا التأجير كانت تطول إلى مدة عشر سنوات في أكثر تقدير. وكان العمل في هذه المناجم من نصيب العبيد والصبيان كما تشير إلى ذلك قرائن عديدة. واستمر العمل في هذه المناجم أيام الدولة الرومانية ومن ثم البيزنطية واستمر حتى القرن التاسع عشر حين قامت شركة فرنسية باستغلال هذه المناجم التي توقف العمل فيها اليوم لاستنفاذ محتوياتها على مر عشرات القرون.
عبد يعمل في المنجم

وفي عام 490 قبل الميلاد اكتشف شريط فضي في هذه المناجم استخرج منه نحو 2.5 طن من الفضة كان من المفروض أن توزّع بين أهل أثينا لكن الحاكم الأعلى يومها ثيميستوكل اقترح استخدام هذه الأموال لبناء أسطول من مائة سفينة حربية خلال سنة واحدة بما سمح لأثينا من السيطرة على الشواطئ ,الانتصار على الفرس في سلامين عام 480 قبل الميلاد... شراء السلاح وإنفاق الثروات في الحروب بدأ منذ فجر التاريخ... وبانتظار أن يكون الإنسان أشد تعقلاً ويتوقف عن هذا الهراء!

هناك تعليق واحد: