بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018

التفريق بين الحيّ وغيره

مَنِ الحيّ ومَن غير الحيّ؟ يبدو الأمر بسيطاً في ظاهره، إذ يمكن إسناد ذلك إلى بعض خصائص الكائن الحي وتميّزه بها عن غيره. فمثلاً للكائن الحي خاصية الحركة، وفي هذا تتميز الكائنات من حيوانات أو نبات عن باقي الموجودات. ولكن الأرض والكواكب والنجوم والأجرام كلها تتحرك، وتتحرك من "ذاتها"، فهل يمكن أن يطلق عليها صفة الحياة؟ إذا كان الأمر بهذا المعنى فسيكون للسيارات ذاتية القيادة أن تتمتع بصفة الحياة! لا يبدو ذلك معقولاً. والشجرة حيّة بالرغم من أنها تبدو جامدة في مكانها ولكنها تنمو وتكبر وتعطي ثماراً وتموت. وكذلك الإسفنج الذي يبدو جامداً في مكانه لعشرات ومئات السنين، وهو أقرب للجامد في مظهره، ولكنه حي يرزق.

جرت العادة على تقسيم الموجودات على الأرض في ثلاث ممالك هي: المملكة الحيوانية والمملكة النباتية والمملكة الجامدة. وقيل عن هذه الأخيرة بأنها غير حيّة ولكن دون تحديد كيف يمكن التفريق بين الحيّ وغيره. ومع مرور الوقت اخترع الإنسان المجهر وحسّن فيه جداً إلى أن بلغ المجهر الإلكتروني الذي يسمح برؤية جسيمات متناهية في الصغر. وهنا كان اكتشاف البكتريا، وهذه البكتريا لا يتجاوز طولها 10 ميكرونات (الميكرون هو جزء من الألف من الميليمتر، وهو بالنسبة للميليمتر كمثل هذا الأخير بالنسبة للمتر). وهذه البكتريا موجودة في كل مكان، منها السيئ المسبب للأمراض ومنها المفيد في الطعام وغيره. وهي خلية من أصغر الخلايا على الإطلاق، وهي بدون نواة، ولكنها قادرة على التكاثر بسرعة هائلة، فهل هي من صنف الأحياء أم لا؟

شجرة الحياة
وضع العاملون في اختصاص البيولوجيا (علم الحياة) ثلاثة معايير تعرّف الكائن الحي اعتمدتها وكالة الفضاء الأمريكية الناسا:
الأول: قدرة الكائن على الاستجابة إلى المؤثرات الخارجية من حرارة وبرودة وكل الظروف المحيطية. وهذا ما نشعر به عن تقريب يدنا من النار مثلاً. وكذلك الأمر بالنسبة لنبتة في غرفة التي ستتوجه فروعها بالأحرى نحو الضوء الخارجي أكثر منه نحو الظل والعتمة. وكذلك الأمر بالنسبة للبكتيريا التي تنمو في الأوساط المناسبة لها.
الثاني: التبادل مع الوسط الخارجي. فالكائنات الحية تتغذى وتولد الطاقة اللازمة لها وتتخلص من مخلفاتها لمتابعة الحياة ، وهذا ينطبق على كل الكائنات المعروفة من حيوان ونبات وبكتيريا وفيروسات.
الثالث: القدرة على التكاثر على نحو ذاتي.

هناك من يقدم تعريفاً آخر بأن الحي هو من يكون له الصفات الآتية: 1) القدرة الذاتية على البقاء عبر التعامل مع الوسط الخارجي من غذاء وطاقة وتنفس وطرح فضلات. 2) التكاثر الذاتي. 3) التنظيم الذاتي، من وظائف التنسيق بين مكونات الكائن نفسه والمزامنة وضبط التفاعلات. 4) القدرة على التطور مع مرور الوقت.

وفي كل الأحوال فإن الكائنات الحية كلها، من الإنسان إلى النبات إلى الخلية تعود إلى أصل واحد لا تزال البكتريا الشاهد الأقدم على ذلك والتي يعود وجودها إلى أكثر من ثلاثة مليار سنة كما تقول ذلك شجرة الحياة... والأصل الأصل في كل حياة هما الماء والهواء، ومع هذا لا تنطبق عليهما صفة الحياة!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق