بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2018

جائزة نوبل للآداب تحتجب هذا العام... لقلة في الأدب


الأدب في اللغة العربية يعني أحد أمرين: فإما هو "رياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي"، وإما هو "الجميل من النظم والنثر وما أنتجه العقل الإنساني من وصف وصياغة للمشاعر والأحاسيس والأفكار عبر الأدوات الأدبية من رواية أو شعر أو مسرح...". وقد تتفرد اللغة العربية في الإشارة إلى المعنيين المختلفين باستخدام الكلمة نفسها. وما حدث منذ نيسان الماضي في الأكاديمية السويدية لا يتفق مع هذين المعنيين.

فالقصة بدأت مع الفرنسي جان كلود أرنو (72 عاماً)، وهو زوج إحدى أعضاء الأكاديمية الشاعرة السويدية كاترينا فروستنسون. فقد أشير إلى هذا الرجل بأنه تحرش بعدة نساء بين عامي 1996 و 2017. ومع ظهور حركة "وأنا أيضاً" #metoo التي شجعت الكثير من النساء على الإفصاح عما لاقينه من سوء معاملة وتحرش جنسي من قبل رجال معروفين، وهو ما أدى إلى فضح وسقوط العديد من الرجال الذين كان يُنظر إليهم بكثير من الاحترام والتقدير. ومن بين هؤلاء الرجال هذا الفرنسي وزوج الشاعرة السويدية الذي كان له تأثير ما في اختيار الفائز في الجائزة أو على الأقل في الترشح لها عبر زوجته وغيرها من أصدقائه من أعضاء الأكاديمية. وهذا الزوج كان يدير صالة أدبية في ستوكهولم ويحوز على مساعدات مالية مجزية من الأكاديمية السويدية لقاء ذلك، وهو أمر اكتشفه مكتب محاماة سويدي للتدقيق المالي وفضح الأمر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تبين أن هذا الفرنسي يستغل شقة باريسية تعود للأكاديمية السويدية لمآربه الخاصة. ومن ثم فإن زوج هذه الشاعرة يحتاج في الواقع إلى الكثير من الأدب والتأدب. لذا أصدرت إحدى محاكم ستوكهولم حكماً بسجنه لمدة سنتين عن حادثة تحرش واحدة انتهت محاكمتها.

وعلى إثر هذه الفضائح استقال العديد من أعضاء الأكاديمية، بالرغم من أنهم أعضاء دائمون ما داموا على قيد الحياة، ولا يجوز استبدالهم طالما أنهم على قيد الحياة، وهذا استدعى تغيير قوانين الأكاديمية بحيث تسمح بالاستقالة. وعلى الملك السويدي الآن تسمية أعضاء جدد للتمكن من متابعة اختيار أفضل المرشحين لهذه الجائزة للعام القادم. أما عن هذا العام، فغير الاضطراب الذي حل بالأكاديمية نتيجة هذه الفضائح، فلم يكن الوقت كافياً لاختيار عادل كما أن الأكاديمية كانت تخشى أن يرفض الفائز الجائزة بسبب ما ألمّ بالأكاديمية لهذا العام من أمور غير مُشرّفة.

لم يكن هذا العام هو العام الوحيد الذي لم تصدر فيه الجائزة. فقد توقفت عن الصدور في عام 1935 وسنوات الحربين العالميتين. أما في هذا العام فقد كانت الأكاديمية مشغولة بغير الأدب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق