بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

شفافية الزجاج... لماذا!


كيف للزجاج أن يكون شفافاً؟ سؤال بسيط والجواب في محصلته هو: الزجاج لا يمتص الضوء، كما أنه لا يبعث ضوءاً. ولكن لماذا لا يمتص الزجاج الضوء أو يبعث ضوءاً؟ تحتاج المسألة إلى تذكر بعض الأشياء المفيدة.

أولها يخص الذرة. فكما هو معروف فإن الذرة تتألف من نواة يدور حولها إلكترونات. وهذه الإلكترونات تكون في طبقات محددة تحيط بالنواة. وكل طبقة هذه الطبقات تضم عدداً محدداً من الإلكترونات لا يزيد عن قيمة محددة، وإن كان له أن ينقص في الطبقة الأخيرة. فالطبقة الأولى تضم إلكترونين اثنين في أقصى الحالات. والطبقة الثانية تضم ثمانية إلكترونات في أقصى الأحوال، والثالثة تضم 18 إلكتروناً كحد أعظمي، وهكذا. فذرة الأوكسجين مثلاً يوجد فيها طبقتان من الإلكترونات فقط. في الأولى إلكترونان اثنان وفي الثانية ستة إلكترونات. يمكن لإلكترونات طبقة ما أن تنتقل إلى طبقة أخرى مبتعدة عن النواة، وهذا الانتقال يحتاج إلى طاقة، فمن أين تأتي هذه الطاقة؟ تأتي هذه الطاقة من الضوء المؤلف من فوتونات كما هو معروف أيضاً. يمتص الإلكترون طاقة الفوتون، إن كانت مناسبة له، لينتقل بها إلى الطبقة التالية، وإن كانت غير مناسبة فلا يحدث أي شيء، أي لا يمتصها الإلكترون ويمضي الفوتون في حال سبيله. وهو انتقال لا يدوم طويلاً لأن في ذلك اختلال لتوازن الذرة. لذا لا يلبث الإلكترون العابث من العودة إلى مكانه الأصلي بعد أن يطلق طاقة مماثلة تماماً لتلك التي امتصها.

وثانيها يخص الضوء. فالضوء أمواج كهرطيسية. ولكل موجة طول معلوم. والعين لا تتأثر (ترى) بكل الأطوال. ونحن نرى ما بين الأحمر والبنفسجي فقط، مروراً بالأصفر والأخضر والأزرق. أما ما تحت الأحمر فلا نراه، أي الأمواج التي أطوالها أكبر من طول الموجة الحمراء. وكذلك الأمر بالنسبة للأمواج التي تقع فوق البنفسجي فلا نراها، أي الأمواج الأقصر من موجة البنفسجي. والضوء فوق البنفسجي هو الذي يفيد العظام ويساعد في تثبيت الكالسيوم. والأجسام التي نراها تولّد هذه الأمواج (بين الأحمر والبنفسجي) أو تعكسها. والأجسام التي تولّد أمواجاً أو تعكسها من غير ذلك فلا نراها أبداً بالعين المجردة.

والفوتونات التي تقع ضمن المجال المرئي لا تكفي طاقتها لنقل إلكترونات الزجاج من مستوى إلى آخر. أي أن الإلكترونات لا تتأثر بالضوء المرئي. والضوء الذي تحتاجه الإلكترونات لينقلها من طبقة إلى أخرى يقع في الجزء اللامرئي من فوق البنفسجي ذي الطاقة الأعلى. وهذا ليس من الضوء الذي نراه. لذا فإن الضوء المرئي لا يتفاعل أبداً مع الزجاج، أي أن إلكترونات الزجاج لا تمتص طاقة فوتوناته ولا تصدر هذه الذرات فوتونات مرئية لنا. لذا يبقى كل شيء على حاله ويبقى الزجاج شفافاً. ولكن هذا الزجاج، كما يمكننا أن نفهم الآن، يمتص الضوء فوق البنفسجي الضروري للعظام. لذا فعلى من يريد أن يستفيد من شمس الشتاء أن يتعرض لها مباشرة وليس من خلف زجاج!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق