بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

أطفال استثنائيون.. باسكال

ولد بليز باسكال عام ١٦٢٣ في مدينة كليرمون فيران في وسط شرقي فرنسا وتلقى تعليمه الخاص من والده في المنزل. كتب مقدمة في الأصوات والأجسام المهتزة وهو في الحادية عشرة من العمر، وهذا ما جعل والده يطلب منه التوقف عن الرياضيات حتى سن الخامسة عشرة والانصراف لتعلم اللغتين اللاتينية والإغريقية. ولكن هذه الخطوة كان لها رد فعل عكسي فقد أوقدت ولع باسكال بالرياضيات مما دفعه إلى ابتكار مصطلحاته الرياضية الخاصة مع بلوغه سن الثانية عشرة واكتشافه بشكل مستقل لبراهين إقليدس الهندسية.



عندما لاحظ الوالد موهبة ابنه شجعه، فازداد نبوغه نمواً وتطوراً، وأنتج في السادسة عشرة من عمره بحثاً ملفتاً يتعلق بالمقاطع المخروطية. وفي التاسعة عشر من عمره صمم آلة حاسبة ميكانيكية لمساعدة والده الذي كان آمر ضرائب في عملياته الحسابية، وكانت قادرة على الجمع والطرح فقط. وحسنّ فيها على مدى عقد من الزمن، وأنتج منها نحو خمسين نموذجاً في كل منها تحسين على سابقه، عرفت هذه الآلة بالـ “الباسكالين" وهي الجد الأول للحاسوب، ولكنها لم تلق رواجاً وقتها نظراً لكلفتها المرتفعة (مائة ليرة!). وفي غير هذا فإن باسكال هو من أهم الرياضياتيين، فقد كان وراء إيجاد مجالين جديدين هما: "الهندسة الإسقاطية" و"الاحتمالات". وهذا الذي نتج عن حل باسكال لمسألة اللاعبين بالنرد والتي يكون الرابح فيها هو الذي يتمكن من الفوز بالنرد ثلاث مرات. والسؤال الذي طرح يومها هو: ما الحل إذا فاز أحد اللاعبين بالنرد مرتين ثم اضطر للتوقف عن اللعب؟ ناقش باسكال المسألة من مختلف أوجهها وقدم الحل الذي أسس لفرع الاحتمالات عبر مراسلاته مع رياضياتي فرنسي شهير هو فيرما صاحب حدسية فيرما الشهيرة.


عمل باسكال بعدها في مجالات عدة في الفيزياء والرياضيات والفلسفة، وكانت له أبحاثه المتعلقة بالضغط الجوي وميكانيكا السوائل. وهو صاحب نظرية ضغط السوائل التي تقول بأنه في خزان يحتوي سائلاً متجانساً وفي حالة توازن، فإن لكل نقاط الخزان المتساوية العمق الضغط نفسه. ووحدة الضغط في السوائل تحمل اسمه إلى اليوم. وهو صاحب المعصرة الهيدروليكية، واختراعات أخرى عديدة. كتب باسكال رسالتين هامتين في المنهج العلمي. 



كما شغف باسكال بفلسفة الدين واللاهوت. وكان عميق الإيمان. عاش تجربة صوفية عام 1654 كتب على إثرها نصاً قصيراً لا يزال ينظر إليه على أنه من أعمق النصوص الدينية. عاني من المرض ورفض علاج الأطباء لاعتقاده بأن المرض جزء من ابتلاء المسيحي المؤمن. توفي إثر مرضه المزمن عام 1662، وتفكر الكنيسة في روما بإطلاق عملية ترسيم باسكال قديساً.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق