بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 ديسمبر 2015

قياس الزمن... الساعة الميكانيكية




ما هو الزمن؟ ... لا جواب قاطع بالرغم من استعمالنا للكلمة أو لما يدل عنها مرات عديدة في كل يوم. والزمن ليس بظاهرة موجودة مستقلة يمكن الإمساك بها، وإنما هو شيء موجود في أذاهننا. لنتخيل وجود شخص في الفضاء حيث لا شمس تشرق ولا قمر يطلع ولا شعور بأية حركة لأي شيء، فماذا سيكون معنى الزمن بالنسبة له؟ وفي الواقع فإن ما نسميه زمن هو ناجم عن الحركة التي نشعر بها أو نبصرها. حركة الأرض حول الشمس وتغير شدة الإضاءة تجعلنا نشعر بالحركة، ومنه شعورنا بالزمن من النقاط العلاّم على هذه الحركة. وبتوقف كل شيء عن الحركة سيتوقف الزمن. لذا يمكن التعبير عن الزمن بمراقبة الحركة.

لنتخيل الآن شيئاً يتحرك بسرعة ثابتة أمامنا. أي أنه يقطع مسافات متساوية أثناء فترات زمنية متساوية. ولنتصور أنه كلما قطع هذا الشيء تلك المسافة الثابتة يقوم بوضع نقطة علاّم. وعندها لمعرفة الوقت سيكون علينا فقط عدّ نقاط العلام هذه. وإذا كان هذا الشيء يتحرك بلا توقف، فعندئذ سيمكننا معرفة الوقت دائماً اعتباراً من اللحظة التي بدأ فيها بالحركة.

مصدر الطاقة هو الكتلة التي يجب رفعها إلى نقطة البدء كل يوم
والسؤال الآن: أين يوجد مثل هذا الشي الذي يتحرك بسرعة ثابتة؟ الأمر بسيط للغاية. لنأخذ خيط ونربط بطرفه كرة صغيرة، ونربط الطرف الآخر للخيط بدبوس مثبت على عارضة خشبية مثلاً. ثم لندفع بالكرة بمقدار بسيط ولنراقب الحركة. فسنرى أن الكرة ستذهب يمنة ويسرة بالنسبة إلى الشاقول، وستكون حركتها بسرعة ثابتة تتعلق بطول الخيط. وهذا ما نسميه "النواس". وإذا كان احتكاك طرف الخيط مع الدبوس بسيطاً جداً، وكذلك احتكاك الكرة مع الهواء، فستبقى هذه الحركة دائمة وثابتة السرعة. ولكن الاحتكاك موجود ومقاومة الهواء أيضاً. أي أن هناك ضياع للطاقة ستؤدي إلى توقف النواس عن الحركة ولو بعد حين. لذا سنلجأ إلى مصدر طاقة خارجي لتعويض هذا الفقد في الطاقة لنستغله في دوام الحركة. وبذلك لن يكون علينا سوى عد النوسات لمعرفة الزمن.
مصدر الطاقة هو النابض الذي يجب ضغطه كل يوم
وهذا العد يمكن أن يتم باستخدام مسننات ومؤشرات تقوم بالعد بشكل تلقائي (وهذه قصة أخرى ولكن يمكننا تخيلها)، بحيث لا يكون علينا إلا النظر إلى هذه المؤشرات حتى نعرف الوقت الذي نحن فيه.

أما مصدر الطاقة، فهو مختلف. ففي الساعة الميكانيكية الجدارية يمكن لهذه الطاقة أن تأتي من كتلة مرفوعة تؤدي حركة نزولها إلى توفير الطاقة اللازمة للنواس. ولكن يجب إعادة رفع هذه الكتلة بين الفينة والأخرى حتى لا تتوقف الساعة عن العمل. وفي ساعات اليد القديمة، يوجد نابض يؤدي ضغطه (ربط الساعة) إلى خزن الطاقة اللازمة لتحريك نواس ساعة اليد الذي يسمى الرقاص. وفي ساعات اليوم فهذه الطاقة تأتي من بطارية صغيرة تكفي لحركة النواس/الرقاص لمدة لا بأس بها (سنة أو أكثر).



بقي أن نقول إن لا علاقة بين النواس وأبي النواس الشاعر العباسي، ولكنه تحدث عن الزمان في قصيدة مطلعها:
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ/ ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ

إلى أن يصل إلى: 

دارتْ على فِتْيَة ٍ دانً الزمانُ لهمْ/ فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا

بقي أن نسأل: من هي تلك التي دارت؟ ففيها الحركة والزمان.

هناك تعليق واحد:

  1. هناك اتجاه حاليا لدى العلماء للقول بأن الزمن لاوجود له

    ردحذف