بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 ديسمبر 2016

الزواج ... وخطف السابينيات

الزواج أقدم البنى الاجتماعية، ولا نعرف بالضبط متى بدأ وكيف بدأ ولماذا. يمكن الظن بأنه بدأ مع الملكية، والتفكير بالتوريث، وضرورة وجود الوريث. أحد علماء التاريخ الإنساني القديم يقول بأننا لا نعرف متى عرف الإنسان بأن فعل الجنس بين ذكر وأنثي هو المسبب للحمل، ولا نعرف أيضاً متى أدرك الإنسان بأن الولادة تكون بعد تسعة أشهر، وقضايا كثيرة ذات أهمية لنا اليوم، مثل التمييز بين الأنثى والذكر، لا نعرف متى برزت، وعما إذا كانت كذلك منذ بداية البشرية. من جهة أخرى، يؤكد عالم الإناسة (دراسة الثقافات البشرية، القديمة والراهنة) الشهير لفي شتراوس أن "العائلة القائمة على اتحاد فردين من جنسين مختلفين يؤسسان أسرة، وينجبان ويربيان أطفالاً، تبدو وكأنها ظاهرة عمّت كل المجموعات الإنسانية عملياً"... بعض الرئيسيات تظهر مثل ذلك التنظيم، كما هو الحال عند الشمبانزي.

أخناتون وزوجته نفرتيتي وأولادهما برعاية الشمس آتون
أولى التسجيلات المدونة عن الزواج نجدها في بلاد سومر ومصر الفرعونية. كانت نظرة المصريين للزواج قائمة على رؤية بسيطة للإنسانية مفادها أن الرجال والنساء خلقوا للعيش معاً على قدم المساواة. وبالفعل فعلى مدى أكثر من ثلاثة آلاف عام، تقول المعلومات المتوفرة، إن سكان وادي النيل كانوا يعيشون في أسر تماثل أسر الدول المتقدمة اليوم من حيث العلاقة بين الرجل والمرأة. وكان لكل من المرأة والرجل كياناً متماثلاً حتى في الأماكن المقدسة، فعبادة الإلهة إيزيس لم تكن منفصلة عن عبادة زوجها أوزيريس. ولم يجد المصريون غضاضة في أن تكون حاكمتهم امرأة، كما كان هو الحال أيام حكم الفرعونة حتشبسوت. ولكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للشرق القديم، الذي لم تظهر رسومه أو منحوتاته زوجان يمسكان بأيدي بعضهما. كان الزواج يتم بين رجل بالغ وأنثى صبية، وفق عقد قابل للفسخ، ويسوده الرجل. أما الإغريق فكانوا حريصين على أن يكون كل في مكانه: الرجل والمرأة، المواطن والمقيم، الرجل الحر والعبد.

زواج الأثريا في روما الملكية
أما في روما، ووفقاً لحكاية خطف السابينيا ، التي تقول بأن روميلوس وجنوده من الرعيل الأول الذين بنوا روما، أرادوا استمرار الحياة فيها، الذي لا يتأتى إلا عن طريق الإنجاب. ولمّا لم يكن بينهم نساء فما كان منهم إلا أن غزوا منطقة السابينين المجاورة لروما واختطفوا بعضاً من بناتها. ومن هنا جاءت فكرة الزواج عن طريق الخطف وهو ما كان شائعاً في مناطق الجرمان المعاصرين لروما من أهل الشمال، وكذلك في بعض المناطق الأخرى. وبناء على زواج الخطف هذا أقام الرومان زواج "الأمر الواقع" الذي يقوم إثر سنة من التعايش، بموافقة الآباء. وهذا الزواج كان له أن يتوقف في حال غياب المرأة عن بيتها ثلاثة أيام متتالية. وهناك نوع من الزواج المقابل لنوع من "الشراء المتبادل" عن طريق تبادل الهدايا. ساد هذا النوع من الزواج أيام الجمهورية الرومانية (بين القرن السادس والقرن الأول قبل الميلاد) في الأوساط الشعبية. شكل ثالث للزواج في روما ساد أيام الملكية (من القرن الأول قبل الميلاد) بين الأغنياء يجري فيه تناول حلوى خاصة من قبل الزوجين بحضور رجل دين، وهو أول زواج معروف ترعاه وتباركه السلطات الدينية.

بقي أن نقول إنه من الصحيح أن الحياة الزوجية أيام الفراعنة عرفت مساواة بين الرجل والمرأة، ولكن هذا لم يمنع أن الفرعون وعليّة القوم كان لهم أكثر من زوجة أو عشيقة. فقد كان، وفقاً لبعض المصادر، لرمسيس الثاني 28 زوجة، من بينهن ثلاثة من بناته! ... أي أن زواج المحارم لم يكن ممنوعاً وقتها!!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق