بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 ديسمبر 2016

الدولار الأمريكي ... خلف الكثير من المشاكل العالمية


الدولار الأمريكي هو عملة الولايات المتحدة وبعض الدول الواقعة تحت السيطرة الأمريكية أو التابعة لها اقتصادياً مثل بناما والسلفادور وجزر مارشال وغيرها. واسم الدولار مستعمل في عدة بلدان مثل كندا وأستراليا، لذا وجب إلحاق صفة الدولة بدولارها، فيقال دولار أمريكي أو دولار الولايات المتحدة، ودولار أسترالي الخ.
 
استعمل الدولار الأمريكي رسمياً عقب استقلال أمريكا عن إنكلترا، وأقره الكونغرس الأمريكي عام 1785، وأصبح العملة الرسمية للولايات المتحدة بحسب مرسوم خاص بذلك صدر عام 1792. كان هذا الدولار يُسكّ من معدن الفضة ويزن 26,96 غراماً. وكان منه نصف الدولار وربعه، ووقطعة عشرة سنتات. وهو مؤلف من 100 سنت. استمر سك الدولار الفضي هذا حتى عام 1935.

الدولار اليوم هو العملة الاحتياطية الأكثر استخداماً في العالم، وهو أكثر عملة مستخدمة في التجارة العالمية، كما أنه أكثر قطع أجنبي متداول في أسواق تبادل العملات، وهو الأكثر استخداماً في التداولات التجارية، وإن كان اليورو قد أخذ نصيباً لا بأس به. فقد كان الدولار يمثل 72% من احتياطي البنوك المركزية عام 2002، ولكن ذلك انخفض إلى 64% في عام 2007. ولكنه يبقى العملة الأكثر تداولاً بين الناس في العالم. فنصف أوراق الدولار المطبوعة توجد خارج الولايات المتحدة.

استخدم الدولار بحسب اتفاقات بروتون وودس عام 1944، الذي وقعته 44 دولة آنذاك، على أن يكون الدولار عملة مرجعية عالمية مماثلاً في دوره للذهب (as good as gold) وبأن يكون قابلاً للتحويل إلى ذهب بين البنوك المركزية حصراً. حددت القيمة بمبلغ 35 دولاراً لأونصة الذهب. ولكن أمريكا وحروبها ومشاكلها الاقتصادية دفعت بها إلى طباعة الكثير من العملة الورقية التي بلغت في الأسواق في حدود عام 1970 خمسة أضعاف احتياطي البنك المركزي الأمريكي من الذهب! أي إن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على مبادلة فوائض البنوك المركزية في العالم من الدولار بذهب. فما كان من الرئيس الأمريكي نيكسون أن قرر، وبدون استشارة حلفائه الغربيين واليابان، في 15 آب عام 1971 بالتخلي عن مبادلة الدولار بالذهب. كما قامت أمريكا من يومها وحتى نهاية السبعينيات بتخفيض قيمة الدولار بشكل كبير (قرابة 50%)! هذه العملية التي ابتلعتها الدول القوية اقتصادياً، وإن كان بأثمان كبيرة إلى حد ما، كانت كارثيّة على الاقتصادات الضعيفة التي كان احتياطها يعتمد على الدولار اعتماداً شبه كامل. وبحسب بعض الاقتصاديين، فقد كان ذلك أكبر سرقة رسمية في التاريخ.


وبحسب المفكر الأمريكي الشهير تشومسكي فإن "تعطل نظام بروتون وودس في بداية السبعينيات كان على الأرجح الحدث الدولي الأهم منذ عام 1945، وهو أهم بكثير في نتائجه من انهيار الاتحاد السوفيتي...ففي منتصف السبعينيات تغير كل شيء. فقد انهار الضبط المالي المنتظر من نظام بروتون وودس، وحلّت الفوضى في المال، وازدادت المضاربات المالية، فقد استعملت مبالغ كبيرة للمضاربة ضد العملات وعمليات أخرى، وتحول الاقتصاد إلى مال. وتحولت السلطة في الاقتصاد من الصناعة إلى المؤسسات المالية. ومنذ ذلك الوقت أصبح الأمر صعباً بالنسبة للغالبية العظمى من الناس".

بقي أن نقول إن ارتفاع أسعار البترول في مطلع سبعينيات القرن الماضي لم يكن بسبب حرب عام 1973 وما عقبها من حظر للبترول، ولكن سبب الارتفاع الأكبر هو تخلي أمريكا عن الحفاظ على قيمة ثابتة للدولار كمرجع عالمي مما أدى إلى انهيار القيمة الفعلية للبترول ... وإذا غابت المرجعية غابت إمكانية القياس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق