بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 يوليو 2017

الكوليج دو فرانس… معهد المعرفة

في القرن السادس عشر، وفي عام 1530 بالتحديد، أنشأ الملك الفرنسي فرانسوا الأول هذا المعهد، لأن الجامعات الفرنسية وقتها كانت آخذة في الترهل تدرّس برامج ومواضيع ثابتة لا تتغير أكل الدهر عليها وشرب. لذا أراد أن يكون هناك معهد جديد يقدم محاضرات لنشر المعرفة بين الناس، كل الناس. وبالفعل فإن هذا المعهد يقدم محاضرات منذ ذاك التاريخ مفتوحة لكل الناس بلا استثناء، وهو لا يمنح شهادات ولا يجري امتحانات.

أصبح لهذا المعهد بناء في الحي اللاتيني في باريس. يجري أساتذته فيه بحوثاً ينشروها في المجلات وفي كتب، ويحاضرون فيما استجد لديهم وفق برنامج معلن سلفاً في مدرج يتسع لـ 420 شخصاً وفي قاعات صغيرة لحلقات البحث المتخصصة. كما ينظم المعهد حلقات بحث مفتوحة في مواضيع الساعة. كل محاضراته الحالية تنشر على الإنترنت. يتلقى المعهد تمويلاً من الدولة، ولكن تعدد أنشطته وحاجته لمتابعة أبحاثه دفعته لإقامة مؤسسة باسمه تقبل التبرعات، وهي تبرعات للبحث في مواضيع بعينها ولا يمكن صرفها على غير هذه المواضيع.

أساتذة هذا المعهد هم باحثون يعملون في مواضيع بعينها من اختصاصات مختلفة، ويكون ذلك في مخابر تتبع لمعاهد الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والآداب والحضارات وأخيراً معهد العالم المعاصر. يضاف إلى ذلك وحدات الرياضيات والمعلوميات والفلسفة. وهذه الوحدات والمعاهد يدير كل موضوع من مواضيع بحثها أستاذ باحث ذو كرسي يقارب عددهم 50 أستاذاً، وهو عدد ليس بثابت وإنما يتبع لمتغيرات اللحظة الراهنة وضروراتها. ينتخب الأساتذة العاملون فيه كل أستاذ جديد ليحل محل آخر ترك المعهد لأسباب التقاعد أو غيرها، أو لافتتاح كرسي جديد في موضوع جديد. يساعد هؤلاء الأساتذة باحثون وفنيون يقترب عددهم من 300 شخص بين أستاذ مساعد وفني.
من بين أساتذة هذا المعهد مفكرون وعلماء كبار شغلوا فرنسا في أيامهم أمثال الشاعر بول فاليري والفيلسوف بيرغسون وزميله المعاصر ميشيل فوكو وعالم الاجتماع الشهير بورديو ومثلهم في باقي الاختصاصات أمثال فرانسوا جاكوب وجاك مونو في البيولوجيا. عشرة من أساتذته حصلوا على جائزة نوبل آخرهم سيرج هاروش في الفيزياء لعام 2012، وحصل أربعة من أساتذته في الرياضيات على جائزة فيلدز واثنان على جائزة آبل (النرويج) في الرياضيات أيضاً.

يستضيف المعهد أساتذة أجانب للعمل والمحاضرة لمدة محددة تماشياً مع مهمته في تعليم كل شيء Docet omnia وفي أن يكون بوابة لنقل المعرفة... ولكن مع هذا يجب القول بأن مستوى محاضراته عال لا يمكن لأي كان متابعتها، ولكن لكلً حرية متابعتها... حالياً أينما يشاء ومتى يشاء بفضل تقانات الاتصالات الحديثة.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق