بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يوليو 2017

معضلة مونتي هول... الإنسان وطائر الحمام

مونتي هول هو مقدم البرنامج التلفزيوني الأمريكي "دعونا نعقد اتفاقاً Let’s Make a Deal” وهو برنامج ألعاب ترفيهي يطرح مسألة سهلة ولكن حلها ليس بالحل المباشر مما يجعل تسميتها أقرب إلى "متناقضة مونتي هول". استمر هذا البرنامج على مدى سنوات وسنوات بدأت عام 1960، وإن كان تغير أثناء ذلك من حيث الشكل والمذيعين مقدمي هذا البرنامج.

تقوم المسألة على الأساس الآتي: يختار المذيع شخصاً من الحضور ويجعله أمام ثلاثة أبواب. خلف أحد الأبواب توجد هدية قيّمة وخلف الاثنين الباقيين لا يوجد شيء. يطلب من الشخص اختيار أحد الأبواب، وبعدها يقوم مقدم البرنامج بفتح أحد البابين الأخريين، فإذا كان الباب الذي اختاره المذيع لا يخبئ شيء يعطي للشخص المشارك فرصة تغيير اختياره إذا رغب ذلك. والسؤال هنا هو: هل من الأفضل أن يغير الشخص خياره أم يبقي على خياره الأول؟ أغلب الناس لا تغير اختيارها لظنها أن احتمال أن تكون الهدية وراء أي من البابين هو 1/2 ومن ثم فالأمر سيّان. ولكن لو نظرنا إلى المسألة من وجهة أخرى لوجدنا أنه من الأفضل تغيير الخيار، ذلك أن احتمال أن تكون الهدية في الأصل خلف أي باب من الأبواب الثلاثة هو 1/3، أي أن احتمال أن تكون الهدية خلف البابين اللذين لم يُختارا هو 2/3، وبما أن مقدم البرنامج فتح باباً من هذين البابين ولم يكن خلفه شيء فهذا لم يغيّر من قيمة احتمال أن تكون الهدية خلف أحد هذين البابين، أي أن احتمال أن تكون الهدية خلف الباب الباقي والذي لم يختره الشخص المشارك هو 2/3، أما الباب الذي اختاره الشخص المشارك فلا يزال احتمال أن تكون الهدية وراءه هو 1/3، لذا من الأفضل التغيير! هذه اللعبة استمرت لسنوات عديدة، وشهدها الآلاف إن لم يكن الملايين، ولم يغير المشاركون خياراتهم إلا بنسبة محدودة من موقفهم في الحفاظ على خيارهم الأول.

أجريت تجربة مشابهة على الحمام، وذلك بأن توضع حمامة مدربة أمام ثلاثة مخازن أحدهما يحتوى حبوباً والآخرين لا يحتويان أي شيء. فوق كل مخزن مصباح مضيء، ويقود العملية حاسوب يتحكم بفتح المخازن وإضاءة المصابيح وتسجيل النتائج. وعند وقوف الحمامة أمام أحد المخازن لفترة محددة يقوم الحاسوب بإطفاء أحد المصباحين الآخرين ويختار الخزان الفارغ بينهما. ومن ثم ينتظر الحاسوب فترة ويسجل نتيجة تغيير الحمامة من خيارها أو لا. تعاد التجربة بعد فترة مع الحمامة نفسها. كما أجريت التجربة نفسها على عدد لا بأس به من الحمام. وكانت النتيجة النهائية أن الحمام يغير رأيه بنسبة كبيرة (96%) بعد فترة من تكرار التجربة!

أجريت تجارب مماثلة على الإنسان من ثقافات مختلفة ومستويات تعليمية دون أن تتغير النتيجة التي تميل في الأغلب إلى الحفاظ على الخيار الأول. وكذلك على أعمار مختلفة، وفقط كان تغيير الخيار واضحاً مع اليافعين من مستويات الصف الثامن أو أقل!


هل الحمام أقدر على التكيّف أو المحاكمة من الإنسان؟ ربما أن الجواب يكمن في فكرة أن الإنسان، اعتباراً من عمر معيّن، لا يراجع نفسه في قناعاته المشكلة التي يصعب عليه التخلي عنها، في حين أن الأصغر سنّاً ليس لهم قناعات نهائية بعد وهم أقدر على مراجعة أنفسهم، مثلهم مثل الحمام!...هذا تفسير، هناك تفسيرات أخرى ممكنة أكثر إثارة ربما!

يمكن الاطلاع على تفاصيل الدراسة عبر المقال:
Walter T. Herbranson and Julia Schroeder, Are Birds Smarter Than Mathematicians? Pigeons (Columba livia) Perform Optimally on a Version of the Monty Hall Dilemma, Journal of Comparative Psychology (2010), Vol. 124, No. 1, 1–13

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق