بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 نوفمبر 2017

زيت البلح... زيت العالم!

هو زيت يستخرج من شجرة بلح الزيت. وهي تشبه شجرة البلح المعروفة بساقها الشاقولية  وأوراقها الكبيرة التي تشبه الأغصان بطولها الذي يتراوح بين ثلاثة وخمسة أمتار، وهي أغصان لا تقبل التفرع منه، وإنما تفرع وريقات إبرية. تعطي هذه الشجرة ثمراً يشبه البلح، طيب المذاق. يكون الثمر في عناقيد يمكن أن يصل وزنها إلى 25 كيلوغراماً، وللعنقود أن يضم حتى 1500 ثمرة، لا يزيد طول كل منها عن 3 سم. ويمكن قطاف عناقيد من شجرة البلح هذه مرة كل أسبوعين وعلى مدار العام.

يحتوي هذا الثمر على نسبة كبيرة من الزيت ثصل إلى 50% منه. ويمكن للشجرة البالغة (بعد أربع سنوات) أن تعطي 40 كغ من الزيت سنوياً. داخل الثمرة توجد نواة قاسية، داخلها طري ممتلئ، يمكن استخراج زيت آخر منها لاستخدامات مختلفة. وهو بذلك شجر اقتصادي جداً. زيت البلح حالياً يشكل نحو ربع الزيوت النباتية المستخدمة في مطابخ ومصانع الغذائيات في العالم. إذ تضاعف استهلاكه مرة كل عشر سنوات على مدى الأربعين سنة الماضية.، نظراً لخواصه المرغوبة في الصناعات الغذائية، وكذلك في الصناعات التجميلية والمنظفات. وهو يستخدم في واحد من اثنين من المنتجات الغذائية المصنّعة.

أصل هذا الشجر هو أمريكا اللاتينية وأفريقيا، عرف طريقه إلى آسيا في مطلع القرن العشرين، وحققت زراعته ازدهاراً كبيراً. تنتج أندونيسيا وماليزيا لوحدهما 90% من 60 مليون طن هي الإنتاج العالمي السنوي. يعطي الهكتار الواحد من شجر بلح الزيت نحو سبعة أطنان من الزيت سنوياً في الحالة المثالية. وهذا ما أدى إلى أن نسبة كبيرة من أراضي الغابات في إندونيسيا وماليزيا قطعت أشجارها ليزرع محلها بلح الزيت. بلغت مساحة الأراضي المخصصة لهذه الزراعة في ماليزيا 1.8 مليون هكتار. أما أندونيسيا فقد فقدت أكثر من 70% من غاباتها الاستوائية في هذه الزراعة.

المشكلة في بلح الزيت هو أنه يمتص ثاني أوكسيد الكربون بقدر أقل بكثير مما تفعله أشجار الغابات العادية. أضف إلى ذلك أن زراعته تتطلب قطع أشجار الغابات مما يخل بالتوازن البيئي ويقضي على الكائنات والحياة القائمة في هذه الغابات. هذا طبعاً إذا أهملنا ما تتطلبه هذه الزراعة من استخدام كثيف للمبيدات الحشرية.

وبالرغم من الدعاية التي أحيط بها عند بدء استخدامه منذ ما يقارب المائة عام، خاصة بأنه زيت طبيعي لا شائبة فيه. وهذا أمر صحيح، إلا أن الدراسات المخبرية أثبتت أنه زيت يحتوي على حمض دهني مشبع بنسبة 51%  (10% في زيت الكولزا مثلاً) مما يؤثر سلباً على معدل الكوليسترول في الجسم بكل ما لذلك من مضاعفات احتشاء وغيره. زيوت أخرى، مثل زيت الزيتون أو الكولزا أو الصويا، لا تتسم بهذه الصفة السيئة ولكن أسعارها أعلى، ذلك أن إنتاج بلح الزيت أكثر بأربع مرات على الأقل من الصويا للمساحة نفسها من الأرض. وانخفاض سعره هو ما يحفّز الصناعيين على استخدامه.

بدأت حملة مناهضة في الغرب عموماً لاستخدام زيت البلح هذا، للأسباب الصحية والبيئية المذكورة. وهي حملة طالت الكثير من المنتجات الغذائية المعروفة والمتداولة، مثل "نيوتلا" المفضلة لدى الأطفال، مما جعلها تعيد التفكير في استخدام هذا الزيت. بعض هذه الشركات أخذ في الدعاية لزيت بلح بيئي، ولكن سرعان ما تبين أن الأمر ليس إلا محاولة للالتفاف وتشتيت الانتباه. 

المسؤولون في الدول المنتجة لهذا الزيت يعرفون أن بلادهم لا تستطيع أن تواجه توقف هذه الزراعة التي يعمل فيها جزء كبير من مواطنيهم (20 مليون أندونيسي يعيشون على هذه الزراعة)، لذا يطرحون حلولاً ووعوداً لا تفي بالغرض حتى الآن، وكذلك يفعل أصحاب الصناعات الغذائية بشنهم حملة دعائية معاكسة ... المسألة مفتوحة بين هؤلاء والمجتمع المدني، الغربي عموماً. المستهلكون الغربيون اليوم يمعنون النظر في محتويات المواد الغذائية المصنّعة، ويتحاشون المواد التي يدخل في تركيها هذا الزيت إن استطاعوا، فالمواد التي تستخدم فيها الزيوت الأخرى ذات أسعار أعلى عموماً! 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق